مقالات

همام نبيل الحلبي – كلكم ستصبحون فقراء… ترامب يهدد العالم

في ذات الشهر الذي جلست فيه زعيمة الإتحاد الأوروبي الآيل للسقوط تحت ضربات اليمين المتطرف، بإنكسار، أمام قيصر روسيا الطامح سياسياً، وخففت من لهجتها العدائية المعتادة مع سلطان تركيا القلق إقتصادياً؛ حنكة ورغبة منها في رأب ما تستطيع من أزمات سياسة واقتصادية تلوح بالأفق القريب، معتمدة على واقعية سياسية وذاكرة جمعية ألمانية تكونت عبر تاريخ طويل من الانتصارات والهزائم والحرب، في الشهر نفسه، يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهدداً بخلع الباب المتماسك بصعوبة كبيرة أمام تسونامي إقتصادي، ويتوعد بإفقار الجميع في أمريكا وخارجها؛ الرئيس الأمريكي صاحب شعار « أمريكا أولاً « قال حرفياً: « في حال تم عزلي، أعتقد أن الأسواق ستنهار، وأن الجميع سيصبحون فقراء جداً «، في رده الأول على إعترافات محاميه السابق، مايكل كوهين، الذي انقلب ضده، كحال الكثير من أصدقائه السابقين الذين حولهم لأعداء؛ وكأن عبقرية الرئيس ترامب، التي تحسب له في كتاب غينس للأرقام القياسية، تكمن بكسب أكبر عدد من الأعداء بأسرع وقت ممكن.

«لا أعرف كيف يمكن عزل شخص قام بكل هذا العمل الرائع؟»

التساؤل المنطقي لرئيس يضرب بكل منطق عرض الحائط، يبدو طبيعياً، فرجل أعمال عاش حياته كلها وفق معادلة الربح والخسارة، همه الأكبر ماذا تحقق وليس كيف؟.

قد لا يختلف إثنان، حتى بإعتراف مراكز الدراسات والمجموعات الإعلامية المعادية له، أن ما قام به الرئيس ترامب في الداخل الأمريكي من خلق فرص عمل، ورفع قيمة الدولار وجعله ملاذاً آمناً، عمل جبار ورائع، لكن مقاربة الرئيس ترامب وضعت أمريكا في مأزق، « أمريكا أولا « بلا أخلاق ولا مبادئ ولا أصدقاء، ليبدو سؤال الرئيس ترامب الحقيقي، ما الذي يعنيه دفعي لثلاثمائة ألف دولار رشوة لإمرأتين ،مارست معهما الجنس، لشراء صمتهما، مقابل مليارات الدولارات وآلاف فرص العمل التي جلبتها لكم من فم شعوب العالم ؟

ألم تشاهدوا كيف أقبض الخوات من الاصدقاء، وأفرض الضرائب على الحلفاء والأعداء ؟ لماذا نُحرك العالم بدبلوماسيتنا الناعمة وبمقدورنا إخافتهم بوجهنا القبيح ؟ ما الذي يجعلنا متمسكين، أصلاً، بإتحاد أوروبي وحلف ناتو غير قادر على دفع فاتورة صداقتنا ؟

هل حقاً تريدون عزلي، وأنا أنفذ وعدي لكم، وأجعل « أمريكا أولا « بإيقاف المساعدات المالية التي التزمنا بها لعقود مع المنظمات الإنسانية ( الأونروا التي يعيش منها مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين؛ والخوذ البيضاء التي أنقذت آلاف الأرواح في سوريا ).

الرئيس الأمريكي إلى الآن ينجح بسياسة الهرب إلى الأمام كل ما أصبحت القضايا والجهات القضائية التي تلاحقه أقرب، ورغم عنجهيته، يمتلك فراسة رجل الأعمال الذي يدرك المثل الشامي القائل « طعمي اليد بتستحي العين «، مراهناً، على طريقته نفسها التي يدير بها شركاته الخاصة، ضارباً بعرض الحائط بأجهزة الدولة القوية، وبالتحالفات الاستراتيجية العميقة، وبكل إمبراطوريات الإعلام التي تقف عاجزة أمام حسابه الخاص على تويتر الذي قد يكتب به قريباً، أيها الشعب الأمريكي العظيم؛ الاموال تنهمر، « أمريكا اولاً «، هيا لنخلع أقنعتنا، ونتحول لمصاصي دماء، أو « اخلعوني أولاً» وعودوا لحبوب أوباما كير المهدئة»).

المصدر : القدس العربي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى