أخبار سورية

الحفر والبرك الطينية تمنع أطفال ريف حلب الجنوبي من الوصول إلى مدارسهم  

واحد كيلو متر هي المسافة التي يضطر “عمار” ابن الإثني عشر ربيعاً لقطعها بشكل شبه يومي للوصول إلى مدرسته في قرية “رسم الصهاريج” بريف حلب الجنوبي، مسافة قد تكون غير شاقة بالنسبة إلى طفل فتي، لكن مع الأمطار والبرك الطينية والحفر الممتلئة بالمياه التي تضطره أحياناً للمسير عبر الأراضي الزراعية الحمراء الموحلة، يتحول الأمر إلى سفر مجهد.

قضية تتعب والدة “عمار” أيضاً، فهي تضطر لإجهاد نفسها كل يوم في توفير المياه التي تجلبها من إحدى آبار القرية، ويبعد مسافة تتجاوز “الخمسمئة متر”، لتسخينهاعلى نار الحطب من أجل حمام يومي لابنها، ورغم كل هذا التعب الذي تعاني منه أم عمار إلا أن القلق على صحة ابنها يشغل كل اهتمامها.

 تقول أم عمار: “كل يوم يستحم ابني بمياه فاترة ويطلع ليلعب أو ليشتري أغراض للبيت أو حتى يروح للمدرسة تاني يوم الصبح إذا أخرتلوا حمامو لليل، يعني بعد الحمام رح يضربو الهوا البارد، وهاد مخلي الولد مرضان طول الوقت، وكل هاد الشي من تعب شيل المي وتشغيل النار ومرض الطفل الي صار يكره المدرسة، سببه الحفر والطين يلي مغطيين الطرقات”.

“عمار” ليس الطفل الوحيد في قرية “رسم الصهاريج” أو قرية “طلافح” وغيرها العديد من قرى ومخيمات ريف حلب الجنوبي، الذي يعاني من سوء الواقع الخدمي الخاص بالمرافق العامة والطرقات، فهناك ((في ريف حلب الجنوبي)) يعاني أكثر من ثلثي الأطفال من سوء الطرقات الغير معبدة وانتشار البرك الطينية التي حالت قبل أسابيع دون دخول التلاميذ إلى مدرستهم في قرية “رسم الصهاريج” نتيجة “الحفر والبرك الطينية” التي أحاطت المدرسة ومنعت الوصول والدخول إليها.

مشكلة مستمرة وحلول إسعافية بسيطة.

الطرقات الوعرة وانتشار البرك الطينية في الأزقة والشوارع الفرعية، نتيجة الأمطار الغزيرة والقصف الذي عطل مجاري الصرف الصحي في ريف حلب الجنوبي، وما يسببه كل ذلك من أمراض للسكان، نتيجة تحول تجمعاتهم السكنية إلى بؤر تجمع للحشرات الضارة، ليس بالجديد على المنطقة، فهذه الأزمة مستمرة منذ سنوات.

 ويعلق “أبو فراس” صاحب عربة نقل عمومي: “نتمنى فتح معابر من كل قرية في ريف حلب الجنوبي، فهي الطريقة الوحيدة للقضاء على هذه المشكلة، وهي الطريقة تتمكن عن طريقها المجالس والمؤسسات من تعبيد الطرق، فالجميع يعاني من مشكلة الطرقات والحفر، لكن سائقي السيارات أكبر المتضررين منها”.

 وتقتصر محاولات الأهالي والمؤسسات المدنية في ريف حلب الجنوبي، على رصف الطرقات وردم الحفر بالحصى والأتربة، حيث عملت فرق الدفاع المدني خلال الأسابيع الماضية، وبعض مجالس القرى، على تعبيد عدد من الطرقات الفرعية والرئيسة في قرى وبلدات “الزربة، تل حديا، طلافح والبوابية” من خلال ردم الحفر والبرك الطينية بالحصى، ومد الأتربة لتسهيل حركة المدنيين، لكن هذه المحاولات ورغم الدأب على معاودة العمل عليها، وتعبيد بعض الطرق بالإسفلت البدائي، تعتبر حلاً آنياً وإسعافياً، نظراً للأمطار الغزيرة والعواصف الرملية التي تجرف الحصى وتزيد من انتشار البرك والوحل في المنطقة. 

العمل حسب الإمكانيات المتاحة.

عضو المجلس المحلي في قرية “رسم الصهاريج” بريف حلب الجنوبي “نايف المحمد”، أوضح لـ”وطن إف إم” “أن “مشكلة الطرق المحفرة والبرك الطينية هي مشكلة مزمنة وتزداد سوءاً مع كل شتاء، وعلى الرغم من مناشداتنا المستمرة للمؤسسات المدنية والثورية، إلا أننا لم نلقى آذاناً صاغية لمطالبنا”، مضيفاً “نقوم بعملية تعبيد للطرقات وردم الحفر الطينية التي تتشكل خلال موسم الشتاء بالطرق البدائية من وضع الحجارة والحصى والأتربة بشكل موسمي وذلك خلال فصل الربيع أو نهاية فصل الشتاء”.

ولفت أن “سوء وضع الطريق الرئيسي أدى إلى عدم قدرة أطفال القرية الوصول إلى مدارسهم، وبالنسبة للمجلس المحلي فإن تكلفة تعبيد الطريق الرئيسي بالإسفلت مرتفعة جداً، ولايملك المجلس أي دعم أو مردود مالي يمكنه من القيام بمثل هذه المشروع”.

وأشار “نايف المحمد” إلى أن “الوضع المزري للطرق يعتبر حالة عامة في عموم المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد بالريف الجنوبي، وعلى الرغم من الحديث للإعلام عن حاجة المجالس الماسة إلى تدخل المؤسسات المدنية وقرعنا أبواب المعنيين، لكننا لم نحصل على أي شيء”.

مشكلة جديدة تزيد من معاناة قاطني المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في ريف حلب الجنوبي، ومرة أخرى لامجيب من قبل المؤسسات الثورية، ليبقى السؤال الذي يطرحه مسؤولو مجالس القرى بالريف الجنوبي، “إلى متى سيبقى هذا التهميش الممنهج بحق هذه المنطقة؟”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى