أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة نظام الأسد على الفظائع التي ارتكبها بحق شعبه، وذلك في تعليق منه على فيديو مجزرة التضامن الذي نُشر مؤخراً.
وفي رد على تحقيق استقصائي عملت عليه صحيفة الغارديان البريطانية على مدى أربع سنوات، وكشفت فيه “جريمة حرب” نفذها عنصر مخابرات في النظام في حي التضامن بمحيط العاصمة دمشق عام 2013، قال المتحدث الذي فضل عدم ذكر اسمه لموقع “الحرة”، إن الوزارة تثني على “جهود أولئك الذين يعملون لتقديم الأسد ونظامه إلى العدالة.. وغالبا ما يعرضون حياتهم للخطر”.
وأوضح أن “النظام السوري مسؤول عن موت ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف سكان البلاد، إضافة لاستمرار الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لأكثر من 130 ألف رجل وامرأة وطفل”.
وقال إنه “من دون المساءلة لا يمكن أن يكون هناك حل دائم للصراع. نحن نؤيد الدور الهام للجنة التحقيق والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، كما نرحب بالجهود المستمرة التي تبذلها المحاكم الوطنية للتحقيق والملاحقة القضائية في الجرائم الواقعة ضمن اختصاصها والمرتكبة في سوريا”.
ووثق تحقيق الغارديان الذي أعده الباحثان أنصار شحود وأوغور أوميت أونجور، العاملان في “مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية” في جامعة أمستردام، الجريمة بالفيديو وباسم مرتكبها وصورته.
وتقول الغارديان إن “هذه قصة جريمة حرب قام بها أحد أشهر الأفرع التابعة للنظام السوري، الفرع 227 يعرف بفرع المنطقة من جهاز المخابرات العسكرية”، حيث تم إلقاء القبض على مجموعات من المدنيين، وكانوا معصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يقتلوا بالرصاص.
وأشار التحقيق إلى أنه “عندما انتهت عمليات القتل، لقي ما لا يقل عن 41 رجلا مصرعهم في المقبرة الجماعية بالتضامن، وسكب قتلتهم الوقود على رفاتهم وأشعلوها ضاحكين وهم يتسترون على جريمة حرب”.
وفي متابعة للقصة أجراها موقع “الحرة”، روى شهود عيان من أبناء جنوب دمشق وحي التضامن جانبا من المأساة.
“دعاء”، صحفية سورية مقيمة في غازي عنتاب، فقدت عددا من أقاربها على الحواجز الأمنية هناك، بين عامي 2013 و2014، عبرت في حديث مع موقع الحرة عن حالة الفزع التي أثارها الحادث.
في عام 2013 اعتقل عم دعاء على حاجز مخيم اليرموك الأمني التابع لميليشيات النظام وبعد ذلك التوقيت تبلغوا بأنه تمت تصفيته ميدانيا، بحسب قولها، “لم نحصل على خبر أكيد، لكن بعد تسريب صور قيصر تعرفنا على وجهه”.
وتابعت دعاء “هناك الكثير من الأشخاص جلسنا الأربعاء نتحزر على تاريخ اعتقالهم لنعرف إن كانوا بهالمجزرة أم لا. المؤسف أكثر، هناك أناس يريدون أن يقطعوا الشك باليقين، كي يعرفوا مصير أبنائهم وأهلهم”.
ولم تكن حادثة إعدام عم الصحفية السورية، الوحيدة التي تتعرض لها عائلتها، ففي تاريخ “مجزرة التضامن” أيضا فقدت ابنة عمة دعاء زوجها، وبعد انتشار تحقيق الغارديان تشير إلى أن عائلته “أرسلوا لها وقالوا: غالبا مات في هذه المجزرة. يريدون أن يتأكدوا فقط”.
وتوضح “كثير من الناس من جنوب دمشق من أهلنا وأقاربنا اختفوا قسريا في هذه المنطقة – أي المربع بين حاجز مخيم اليرموك والزاهرة والتضامن ودف الشوك – حتى الآن لا توجد أي أخبار عنهم. هل هم ميتون أم على قيد الحياة؟”.
ويقع حي التضامن خارج البوابة الجنوبية لمدينة دمشق القديمة، على أطراف حي الميدان الدمشقي، وإلى الجنوب الغربي من حي باب شرقي الذي يعتبر قلب الحياة الليلية الصاخبة لمدينة دمشق.
ومع انطلاق التظاهرات في مختلف أحياء دمشق في ربيع العام 2011، شهد الحي احتجاجات سلمية، ليرد النظام على ذلك عبر إنشاء “مجموعات الشبيحة”، وهي ميليشيات قامت بقمع الاحتجاجات بطريقة شديدة العنف.
ويرتدي عناصر هذه الميليشيات عادة ملابس مدنية، ويتم اختيارهم عشوائيا من بين فئة الشباب ذوي الخلفيات الأقلية، بحسب التحقيق.
الحرة