حينما فتح زعماء الاتحاد الأوروبي الباب، الخميس، أمام عضوية أوكرانيا ومولدافيا، تجاهلوا جورجيا. وبدلا من منحها صفة مرشح للعضوية، سلموا لها قائمة بالإصلاحات تتعلق بتقليل نفوذ الأوليغارشية المحلية وتحسين استقلال القضاء ومعالجة الفساد.
تقول صحيفة وول ستريت جورنال إن أوكرانيا ومولدافيا تواجهان العديد من المشكلات نفسها التي يثيرها الاتحاد بشأن جورجيا، غير أن قادة الاتحاد الأوروبي يرون أن حكومتا كييف وكيشيناو ملتزمتين بشدة بالتغيير وتعارضان بلا شك نفوذ موسكو.
والأسبوع الماضي، قالت المفوضية الأوروبية إنها ستقيم بحلول نهاية 2022 “كيف تفي جورجيا بعدد من الشروط قبل منحها وضع المرشح”.
ووصف رئيس حزب الحلم الجورجي الحاكم قرار المفوضية الأوروبية بأنه “مفجع”. وقال أعضاء آخرون في الحزب إن أشخاصا ومنظمات في الغرب وحزب المعارضة الجورجي قد خربوا المحاولة التي أردوا تحويلها إلى حرب مع روسيا.
وتزداد المشاعر المؤيدة للغرب والمناهضة للكرملين في جورجيا، المتاخمة لروسيا والتي فقدت ما يقرب من 20 في المئة من أراضيها لصالح الانفصاليين المدعومين من روسيا في حرب عام 2008.
وتظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 80 في المئة من الشعب الجورجي يؤيد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
انتقادات جورجيا
غير أن مراقبين يقولون إن الحكومة الحالية أوقفت تحول جورجيا نحو الديمقراطية على النمط الغربي، ويخشى مسؤولو الاتحاد الأوروبي من دور وراء الكواليس لموسكو.
وقد اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جورجيا بمساعدة روسيا في التهرب من العقوبات وسحب مبعوثها.
وبحسب وول ستريت جورنال، يتمتع قادة الأعمال الجورجيون الأقوياء بعلاقات قوية مع روسيا، كما أن الدعاية المؤيدة لروسيا والمناهضة لأوكرانيا آخذة في الازدياد.
ومؤخرا، قال البرلمان الأوروبي إن حرية وسائل الإعلام “تدهورت بسرعة” في حين تصاعدت حملات التضليل الروسية والدعاية المناهضة للاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وردا على ذلك، قال رئيس الوزراء الجورجي إراكلي غاريباشفيلي إن البيان مليء بـ”الاتهامات المخزية التي تفتقر إلى الحقائق والأدلة”.
وفي 2020، أدت الانتخابات البرلمانية المتنازع إلى مقاطعة حزب المعارضة الرئيس، واعتقال زعيمه، فيما اسفر اتفاق سياسي توسط فيه الاتحاد الأوروبي، عن تعهد بإجراء إصلاحات انتخابية وقضائية.
غير أن الاتفاق انهار في غضون شهرين عندما انسحب حزب الحلم الجورجي.
يقول روس ويلسون، كبير الدبلوماسيين الأميركيين سابقا في جورجيا من 2018 إلى 2019، إن مسعى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وقع ضحية المعارك السياسية بين المعسكرات المستقطبة، حيث قرر كل منهما عدم متابعة الإصلاحات السياسية أو القضائية التي يمكن أن تضعف قبضتهما على السلطة”.
وتنقل الصحيفة عن نودار روخادزي، أحد مؤسسي حركة العار، وهي جماعة مجتمع مدني ساعدت في تنظيم الاحتجاجات، قوله إن عشرات الآلاف من المتظاهرين خرجوا مؤخرا في مسيرة عبر تبليسي لإظهار أن “الشعب الجورجي اختار أوروبا”.
وقال إن الرسالة إلى الحكومة كانت: “نحن هنا ونراقب”.
وتتمتع جورجيا بعلاقات اقتصادية وثيقة مع روسيا، ثالث أكبر شريك تجاري لها بعد الاتحاد الأوروبي وتركيا، ومصدر حيوي للوقود والقمح.
ووفقا لمحللين، فإن حزب الحلم الجورجي يحاول، منذ وصوله إلى السلطة عام 2012، عدم إثارة غضب جارته الشمالية.
وقد أصبح هذا النهج الحذر موضع تركيز أكثر حدة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير. فقد رفض الحزب الانضمام إلى معظم العقوبات الدولية ضد روسيا، قائلا إنها ستعيق النمو الاقتصادي وتتسبب في مشاكل أمنية.
تقول المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية بجورجيا، إيكا جيجوري: “كل ما فعله حزب الحلم الجورجي هو خلق بيئة مواتية للممثلين الروس. عندما نحتاج إلى تصريحات علنية ضد روسيا أو العدوان الروسي، فإن الحكومة الجورجية ليست فاعلة بما فيه الكفاية”.
الحرة