دوليسياسة

خطة الضم الروسية.. تصعيد للحرب قد يدفع موسكو لتبرير استخدام النووي

أثار إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا، حالة من الجدل والتساؤلات حول أسباب تلك الخطوة وتداعياتها، والتوقعات بشأن ما سيحدث مستقبلا بعد الإجراء الذي تنتقده دول غربية. 

 

وصادق بوتين، الجمعة، على ضم أربع مناطق أوكرانية خلال مراسم أقيمت في الكرملين ما أثار موجة إدانة دولية فيما تعهدت كييف مواصلة تحرير أراضيها.

 

وأعلنت روسيا ضم مناطق “دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون”، بعدما أجرت ما وصفته بـ”استفتاءات” في هذه المناطق المحتلة بأوكرانيا، بينما أكدت الحكومات الغربية وكييف أن “التصويت ينتهك القانون الدولي وكان قسريا”.

 

كم مساحة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا؟

يسيطر الجيش الروسي الآن على معظم منطقتي “لوغانسك وخيرسون”، وحوالي نصف مقاطعتي “دونيتسك و وزابوريجيا”، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

 

ويمثل إعلان بوتين “أكبر ضم عسكري منذ الحرب العالمية الثانية”، وفقا لصحيفة “التايمز” البريطانية.

 

وتمثل المقاطعات الأربع التي أعلن بوتين عن ضمها لروسيا ما يعادل 15 في المائة من أراضي أوكرانيا، حسب “التايمز”.

 

وتعني عمليات الضم أن روسيا، التي استولت بالفعل على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، تحتل حوالي 22 بالمئة من أراضي أوكرانيا ومن بينها أجزاء لا تسيطر عليها، وفقا لـ”رويترز”.

 

وبعد إعلان بوتين فإن حوالي 40 ألف ميل مربع من شرق وجنوب أوكرانيا ستصبح جزءا من روسيا، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

 

ما الهدف من الضم؟

عانت القوات الروسية من انتكاسات شديدة في ساحات القتال في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، ما دفع بوتين إطلاق تعبئة جماهيرية لجنود الاحتياط.

 

ويعني الضم المتعجل لأراض أوكرانية أن جبهات القتال ستمتد الآن عبر أراض أعلنت روسيا أنها تابعة لها، وقال بوتين إنه مستعد للدفاع عنها بالأسلحة النووية إذا اقتضى الأمر، وفقا لـ”رويترز”.

 

وتمثل عملية الضم “جزءا محوريا من أهداف بوتين الحربية”، وتوفر فعليا لموسكو جسرا بريا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 ، والتي تضم أسطولها في البحر الأسود، وفقا لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”

 

وبعد عملية الضم، سوف يتضخم عدد سكان روسيا البالغ 147 مليونا بنحو خمسة ملايين إلى ستة ملايين شخص يمثلون سكان المناطق الأربع.

 

ويمكن استخدام ذلك الضم لـ”تجنيد الرجال الأوكرانيين في المناطق المحتلة” لمحاربة القوات الأوكرانية، مما يساعد على حل أزمة نقص الجنود بين صفوف الجيش الروسي ، حسب “نيويورك تايمز”.

 

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين، الجمعة، إن “أي هجوم من جانب أوكرانيا على الأراضي المدمجة في الاتحاد الروسي سيعتبر هجوما على روسيا”.

 

وبذلك يمهد الضم الطريق أمام الكرملين للتأكيد على أنه “يدافع ولا يهاجم” خلال الحرب في أوكرانيا، ما يبرر استخدام موسكو “أي وسيلة عسكرية ضرورية” بما في ذلك التلويح بالسلاح النووي، وفقا لتقرير “نيويورك تايمز”.

 

وبعد عملية الضم فأن “أي محاولة من جانب أوكرانيا لاستعادة الأراضي سيتم تفسيرها على أنها هجوم على روسيا نفسها”، ما قد يتسبب في “رد روسي عنيف قد يصل لاستخدام الأسلحة النووية.

 

ماذا بعد إعلان بوتين؟

بعد أن وقع بوتين المعاهدات مع القادة الذين تم تنصيبهم من قبل روسيا في المناطق الأربع، من المتوقع أن يقوم المشرعون من مجلسي “الدوما والاتحاد”، بالتصديق عليها الأسبوع المقبل.

 

وإذا اتبعت موسكو الخطوات نفسها عندما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014، فسوف يقدم بوتين مشروع قانون إلى البرلمان الروسي يقترح “توسيع حدود البلاد”، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

 

وبعد ذلك ستراجع المحكمة الدستورية الاقتراح ويصوت عليه كلا المجلسين، حسب الصحيفة.

 

وتشير “نيويورك تايمز” إلى “إخلاص أعضاء البرلمان الروسي لبوتين”، متوقعة “عدم وجود معارضة لمقترح الكرملين”، وبعد ذلك سوف يوقع بوتين على قانون الانضمام والمطالبة بالأراضي الجديدة.

 

وقال محللون إن القيام بذلك سيؤدي إلى “إضفاء الطابع الروسي الكامل على المناطق التي تم الاستيلاء عليها ، مثلما حدث بعد أن استولت موسكو على شبه جزيرة القرم”، حسب “وول ستريت جورنال”.

 

ما رد فعل كييف والغرب؟

رفض الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، إعلان الضم الروسي لمناطق محتلة،  كاشفا أنه سيتقدم بطلب من أجل انضمام “عاجل” لبلاده الى حلف شمال الأطلسي “ناتو”.

 

ويقول حلفاء أوكرانيا الغربيون إن “الاستفتاءات المفترضة التي تظهر دعم الاتحاد مع روسيا كانت خدعة، وتم إجبار بعض سكان المناطق المحتلة على التصويت تحت تهديد السلاح”.

 

وأصدر زعماء دول الاتحاد الأوروبي بيانا الجمعة أعلنوا فيه رفض وإدانة هذا “الضم غير القانوني”، واتهموا موسكو بتعريض “الأمن العالمي للخطر”، وشجب الناتو “الضم غير الشرعي”، وفقا لـ”فرانس برس”.

 

تصعيد متوقع

كان خطاب بوتين هو “الأكثر عدائية خلال عقدين من حكمه”، وهو يمثل “تصعيدا دراماتيكي للحرب”، ما يزيد من فرصة الصدام المباشر مع الغرب، وفقا لـ”التايمز”.

 

وتقضي عملية الضم على “أي فرصة للتوصل إلى تسوية تفاوضية بشأن الأراضي التي تم احتلالها”، وبموجب تعديل دستوري قدمه بوتين في عام 2020 ، فإن أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى التخلي عن الأراضي الروسية يعتبر “غير قانوني”، حسب الصحيفة.

 

ويؤكد نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أندرو إس فايس، أن الوضع سيبقي ساخنا في المناطق المحتلة التي تم ضمها، متوقعا “زيادة حركات التمرد ضد الروس خلال الفترة القادمة”.

 

ويشير خبراء إلى أن عملية الضم “تزيد من حدة الأزمة” وقد تؤدي لاتساع نطاق “الحرب البرية الأوكرانية ضد روسيا”، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.

 

الحرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى