دوليسياسة

التصدع يقترب من قاعدة النظام.. تحولات جديدة في تظاهرات إيران

لا تعتبر الاحتجاجات الإيرانية الحالية الأكبر تاريخيا من حيث عدد المحتجين، إذ تجاوزت أعداد المحتجين في تظاهرات 2009 مئات الآلاف، لكن مع هذا، تبدو هذه الاحتجاجات أخطر بشكل كبير على النظام الإيراني، إذ أنها وصلت للمرة الأولى إلى معاقل مؤيديه المتشددين في العاصمة الإيرانية وبقية المحافظات.

 

وتقول مجلة تايم إن الأدلة تتراكم على أن الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الرابع حاليا، قد تقوض النظام بشكل “خطير”.

 

وفيما تواصل القوات الحكومية حملة القمع في الشوارع، تحدث رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام محسن إيجي، وهو وزير سابق للاستخبارات عرف بتشدده الكبير، عن “أخطاء” و “فشل” بحسب المجلة، وأضاف في بادرة نادرة من النظام “يجب أن يعرف المواطنون أو الجماعات السياسية أن لدينا آذانا صاغية للاحتجاجات والانتقادات وأننا مستعدون للحوار”.

 

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، اندلعت احتجاجات في أحياء طهران التي لطالما اعتبرت معاقل للنظام، بما في ذلك نازي أباد والفلاح وفاليسار.

 

وتاريخيا، أنتجت تلك المناطق متطوعين في الباسيج، القوات شبه العسكرية التي ترعاها الدولة والتي تتمتع برعاية النظام وتتدفق دائما إلى الشوارع لتفريق الاحتجاجات.

 

والآن تنتج نفس هذه الأحياء نوعا من الاضطرابات التي عادة ما يطلب من الباسيج إخمادها.

 

وشوهد رجال شرطة يرتدون الزي الرسمي وهم لا يواجهون المتظاهرين، بل يسيرون بجانبهم.

 

ونقلت المجلة عن تارا سيبهري فار، الباحثة الإيرانية في هيومن رايتس ووتش، قولها إن “التصدع أصبح أقرب بكثير إلى النظام، أقرب بكثير من قاعدتهم”.

 

ونقلت المجلة عن رئيس تحرير صحيفة إيران التي تصدر في لندن أن قوات الأمن تعاني من انخفاض الروح المعنوية والانشقاقات والمخاوف من احتمال “انهيار” القوات المسلحة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني سابق لم يذكر اسمه قوله: “سؤال الكثيرين في الجيش وقوات الأمن هو، من أجل ماذا وهذه الحكومة فاسدة من أعلى إلى أسفل؟”

 

 وفي ليلة السبت، سيطر ناشطون لفترة وجيزة على التلفزيون الحكومي خلال نشرة الأخبار الرئيسية، وقاطعوا تقريرا عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، مع لافتة تصور خامنئي في مرمى النيران وعبارة “دماء شبابنا على يديك”.

 

 كما تضمنت اللافتة صورة لمهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، والتي أثارت وفاتها في عهدة “شرطة الآداب” الاحتجاج، بالإضافة إلى صور ثلاث شابات قتلن أثناء الاحتجاج على وفاتها.

 

بعد بضع ثوان، عادت الشاشة إلى لقطة حية لمذيع، ووصفت تقارير صحفية الحادثة بأنها “اختراق”، لكن متحدثا باسم هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية أشار إلى أنه نظرا لأن البث لم يكن عبر الإنترنت، فقد كان في الواقع عملا من أعمال “التسلل” التي نفذت من داخل المؤسسة.

 

وتعرض الرئيس إبراهيم رئيسي، السبت، إلى هتافات مضادة من مئات الطلاب المحتجين خلال حضوره تجمعا في جامعة الزهراء.

 

وفي الاحتجاجات السابقة، لعبت السلطات بنجاح على مشاعر الإيرانيين بالقومية، وغذت المخاوف الكامنة من أن الاضطرابات قد تكون بمثابة غطاء للحركات الانفصالية بين الأقليات العرقية الكردية والبلوشية والعربية في البلاد.

 

لكن يبدو أن وفاة أميني تتجاوز كل ذلك، وفق المجلة.

 

ومهسا هي كردية كانت تزور طهران عندما اختطفت وزعم أنها تعرضت للضرب بسبب “الحجاب غير اللائق” أو اللباس الديني.

 

وكانت الاحتجاجات الأولى خارج المستشفى حيث أعلن عن وفاتها في 16 سبتمبر، ثم في مسقط رأسها. ولكن في غضون أيام اندلعت في أكثر من 80 مدينة في جميع أنحاء البلاد – بما في ذلك قم، وهي مدينة دينية تعتبر مقر الحوزة الإيرانية الشيعية.

 

وتقول منظمة “إيران لحقوق الإنسان” التي تتخذ من أوسلو مقرا لها إنها وثقت مقتل 185 متظاهرا في 17 من أصل 31 محافظة إيرانية.

 

وفي الطرف الآخر من البلاد التي يبلغ عدد سكانها 84 مليون نسمة، قتلت قوات النظام نحو 90 شخصا في مدينة زاهدان ذات العرق البلوشي، حيث امتزجت مظاهرة من أجل أميني بغضب محلي بعد اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 15 عاما من قبل مسؤول في الشرطة المحلية.

 

ونقلت المجلة عن كريم سجادبور، المحلل في مؤسسة كارنيغي، قوله إن”انهيار الجمهورية الإسلامية – على الرغم من أنه ليس حتميا – لم يعد مستحيلا”.

 

ويضيف لمجلة تايم “ستسير الأمور في نهاية المطاف في طريق الاتحاد السوفيتي، لكن توقيت حدوثها وما سيأتي بعد ذلك لا يمكن التنبؤ به على الإطلاق. والسؤال هو ما إذا كان النظام قادرا على سحق هذه الاحتجاجات من دون تأجيجها بشكل أكبر مع الحفاظ على قواته الأمنية سليمة. لقد نجح في القيام بذلك في كل انتفاضة جماهيرية حتى الآن، لكن النطاق الجغرافي لهذه الاحتجاجات وكثافتها لم يسبق لهما مثيل”.

 

وأضاف سجادبور “يمكن احتواء الاحتجاجات في الشوارع بالقمع”. لكن إذا بدأت إضرابات كبيرة ومستمرة بين عمال البتروكيماويات والسوق، فقد تبدأ الأمور في الانهيار بسرعة”.

 

ودعا عمال النفط في المنشآت النفطية المملوكة للدولة في مقاطعتين إلى إضراب لدعم الاحتجاجات الأسبوع الماضي، وساروا وهتفوا “الموت للديكتاتور” و “لا تخافوا، نحن نقف معا”، كما ورد أن الإضراب امتد إلى مصفاة في عبادان.

 

الحرة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى