دوليسياسة

“جرائم حرب بوتين”.. من هم الأطفال الأوكرانيون الذين “خطفتهم” روسيا؟

وجهت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لائحة اتهام تجاه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومفوضة الأطفال ماريا لفوفا بيلوفا، بالاختطاف الجماعي لأطفال أوكرانيين، فمن هم هؤلاء الأطفال وكيف نقلتهم روسيا قسريا إلى أراضيها؟

 

الجمعة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة توقيف بحق بوتين وبيلوفا، بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية ترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانوني.

 

ومذكرة التوقيف بحق بوتين خطوة غير مسبوقة للجنائية الدولية بحق رئيس دولة عضو في مجلس الأمن الدولي، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

 

وهذه هي القضايا الأولى التي تفتحها المحكمة الجنائية الدولية منذ أن بدأ المدعون العامون تحقيقا في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في أوكرانيا في فبراير الماضي، وفقا لتقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية.

 

ماذا نعرف عن الأطفال الأوكرانيين؟

في الربيع الماضي، ظهرت تقارير لأول مرة عن نقل أطفال أوكرانيين في الأراضي المحتلة إلى روسيا، وهناك يتم تبنيهم من قبل عائلات روسية.

 

وزعمت موسكو أن ذلك “مهمة إنسانية” لإنقاذ الأطفال الأوكرانيين من الحرب، لكن أوكرانيا اتهمت روسيا بارتكاب إبادة جماعية ووصفت أفعالها بأنها جريمة حرب.

 

من هم الأطفال المرحلين؟

من بين المختطفين المرحلين أطفالا تم اخذهم من مؤسسات الدولة الأوكرانية في المناطق المحتلة، وآخرين أرسلهم آباؤهم إلى “معسكرات صيفية” تديرها روسيا ولم يعودوا منها أبدا.

 

وهناك أيضا أطفالا تم اعتقال آباؤهم من قبل سلطات الاحتلال الروسية، آخرين تيتموا بسبب القتال.

 

من أين ينحدر هؤلاء الأطفال؟

الغالبية العظمى من الأطفال الأوكرانيين الذين أخذتهم روسيا هم من مناطق محتلة في جنوب وشرق أوكرانيا.

 

وعلى رأس تلك المناطق خيرسون، وخاركيف، وزابوريجيا، ودونيتسك، ولوغانسك، فضلا عن منطقة صغيرة من منطقة ميكولايف.

 

وفي سبتمبر، أعلنت روسيا ضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، في خطوة نددت بها أغلب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بوصفها غير قانونية، ولا تسيطر موسكو بشكل كامل على أي من المناطق الأوكرانية التي أعلنت ضمها، حسب “رويترز”.

 

كم عدد الأطفال الذين تم أخذهم؟

تم ترحيل أكثر من 16 ألف طفل أوكراني إلى روسيا منذ بدء الغزو في 24 فبراير 2022، وفق كييف، ووُضِع كثير منهم في مؤسسات ودور رعاية، حسب “فرانس برس”.

 

واعترفت روسيا باحتجاز ما لا يقل عن 1400 طفل أوكراني وصفتهم بالأيتام، رغم أنها قالت إن 2000 على الأقل سافروا إلى روسيا بدون مرافق، حسب “الغارديان”.

 

بالإضافة إلى ذلك، بقي عدة مئات من الأطفال من الأراضي المحتلة في روسيا بعد أن حضروا معسكرات “إعادة التثقيف” بموافقة والديهم ولكن لم تتم إعادتهم بعد ذلك.

 

ماذا حدث للأيتام؟

منذ الغزو، تبنت العائلات الروسية ما لا يقل عن 400 يتيم أوكراني، وفقا للمركز الإقليمي الأوكراني لحقوق الإنسان الذي اعتمد على تصريحات الدولة الروسية.

 

وخلال اجتماع في 16 فبراير في الكرملين، قالت لفوفا بيلوفا لبوتين إنها “تبنت” طفلا من مدينة ماريوبول الأوكرانية التي دمرها الجيش الروسي قبل احتلالها في ربيع عام 2022، حسب “فرانس برس”.

 

وأضافت “الآن أعرف ما يعنيه أن تكون أما لطفل من دونباس، إنها مهمة صعبة لكننا نحب بعضنا البعض، وهذا أمر مؤكد”.

 

وتابعت بيلوفا “أخلينا الأطفال إلى مناطق آمنة، ورتبنا إعادة تأهيلهم وأطرافا اصطناعية لهم وقدمنا لهم مساعدات إنسانية”.

 

وقالت روسيا إن ألفاً آخرين ينتظرون “تبنيهم”.

 

ولدى العديد من هؤلاء الأطفال الأوكرانيين أقارب على قيد الحياة، وغالبا ما يبحثون عنهم، وفقا لتقرير سابق لصحيفة “واشنطن بوست”.

 

وحوالي 90 بالمئة من الأطفال الأوكرانيين الذين كانوا يعيشون في رعاية الدولة وقت الغزو كانوا “أيتاما اجتماعيا”، مما يعني أن لديهم أقارب ولكن أفراد الأسرة هؤلاء غير قادرين على رعايتهم.

 

ولا تذكر إعلانات الدولة الروسية بشأن الأيتام أسماء الأطفال أو تعطي أي تفاصيل حول مكان تواجدهم أو مكان إقامتهم في روسيا، مما يجعل من الصعب على السلطات الأوكرانية والدولية التعرف عليهم وتتبع تحركاتهم.

 

وفي بعض الحالات، حدد الأقارب الأطفال من خلال مقاطع فيديو نشرتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية وقاموا بحملات من أجل عودتهم، حسب “الغارديان”.

 

وفي بعض الحالات الموثقة، انتهى الأمر بالأطفال في رعاية الدولة الروسية بعد فرارهم من القتال في أوكرانيا في حافلات الإجلاء إلى روسيا، وكذلك الأطفال الذين انفصلوا عن والديهم في معسكرات الترشيح الروسية.

 

ما هي معسكرات “إعادة التثقيف” الصيفية؟

حضر ما لا يقل عن 6000 طفل أوكراني في المناطق المحتلة المخيمات الصيفية التي تمولها الدولة الروسية، ولم تتم إعادة عدة مئات منهم إلى أسرهم.

 

وأعلنت سلطات الاحتلال الروسي عن المعسكرات، وزعمت أنها وسيلة لاستراحة الأطفال من الحرب، بينما وصفت دراسة أجرتها جامعة ييل في فبراير بأنها معسكرات لـ”إعادة التثقيف”.

 

ومنذ بدء الصراع في أوكرانيا، تم نقل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم أربعة أشهر والذين كانوا يعيشون في المناطق المحتلة إلى 43 معسكرا في جميع أنحاء روسيا، بما في ذلك في شبه جزيرة القرم وسيبيريا اللتين ضمتهما موسكو.

 

ويهدف ذلك لتعريف هؤلاء الأطفال بـ”التعليم الوطني والمتعلق بالجيش الموالي لروسيا”، وفقا لتقرير صادر عن مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل.

 

وتمكن بعض الآباء من استعادة أطفالهم من خلال القيام برحلة طويلة من أوكرانيا عبر بولندا، ودول البلطيق، وصولاً إلى جنوب روسيا، وفقا لـ”الغارديان”.

 

وأعطى آخرون توكيلات لشبكات سرية من المتطوعين المناهضين لبوتين لانتزاع أطفالهم من روسيا.

 

لكن هناك مقاطع فيديو نشرتها سلطات الاحتلال الإقليمية الروسية، في نوفمبر، قد أظهرت أن “مئات الأطفال ما زالوا يعيشون في المعسكرات”.

 

ماذا يقول القانون الدولي؟

تحظر اتفاقية الأمم المتحدة لـمنع الإبادة الجماعية “النقل القسري لأطفال المجموعة إلى مجموعة أخرى”.

 

وتحظر اتفاقية الأمم المتحدة لـحقوق الأطفال “النقل غير المشروع للأطفال إلى الخارج وعدم عودتهم”.

 

لكن ليس من الواضح بموجب أي قسم من القانون الدولي تخطط المحكمة الجنائية الدولية لبدء القضية، حسب “الغارديان”.

 

ماذا تقول روسيا وأوكرانيا؟

لا روسيا ولا أوكرانيا عضوان في الجنائية الدولية، حسب “فرانس برس”.

 

وتقول الرواية المحلية لروسيا أنها تنقذ الأطفال الأوكرانيين من الحرب.

 

والجمعة، وصفت روسيا قرارات المحكمة الجنائية الدولية بأنها “عديمة الأهمية” و”باطلة قانونيا”.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عبر تلغرام إن “قرارات المحكمة الجنائية الدولية عديمة الأهمية بالنسبة لبلدنا”.

 

وتابعت زاخاروفا أن “روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وليست عليها التزامات بموجبه”، موضحة أن موسكو “لا تتعاون” مع المحكمة.

 

بدوره، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن “روسيا على غرار عدد من الدول الأخرى لا تعترف باختصاص هذه المحكمة، وبالتالي من وجهة النظر القانونية، فإن قرارات هذه المحكمة باطلة”.

 

وتنفي روسيا مزاعم ارتكاب قواتها جرائم حرب، ويستبعد الخبراء أن تُسلّم أي مشتبه بهم، حسب “فرانس برس”.

 

على جانب آخر، رحبت أوكرانيا بصدور مذكرة توقيف بحق بوتين.

 

وقال مدير مكتب الرئاسة، أندريه إيرماك، عبر تلغرام “هذه ليست سوى البداية”.

 

أما المسؤول في الرئاسة الأوكرانية، ميخالو بودولياك، فاعتبر أنه بهذا القرار “تغير العالم”.

 

وقال بودولياك عبر تويتر “هذه بداية النهاية لروسيا بشكلها الحالي على الساحة الدولية”.

 

كما قال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، عبر تويتر إن “عجلة العدالة تدور”.

 

وأضاف كوليبا “أشيد بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق فلاديمير بوتين وماريا لفوفا بيلوفا” مفوضته المكلفة بشؤون الطفولة.

 

وتابع أن “المجرمين الدوليين سيحاسبون على سرقة الأطفال وجرائم دولية أخرى”.

 

بدورها، أشادت النيابة العامة الأوكرانية بـ”القرار التاريخي”.

 

وقال النائب العام الأوكراني، أندريه كوستين، في بيان إن “القادة الدوليون سيفكرون ثلاث مرات قبل أن يصافحوه (بوتين)”.

 

الحرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى