في وقت يزداد فيه القلق من الروبوتات نتيجة لقيام روبوت مؤخرا بكسر إصبع طفل يبلغ من العمر 7 سنوات خلال مباراة شطرنج في موسكو، قدم باحثون من “جامعة رايس” (Rice University) الأميركية بحثا جديدا يظهر روبوتا يعتمد تصميمه في الأساس على عنكبوت ميت.
ووفق الدراسة التي نشرت بدورية “أدفانسد ساينس” (Advanced Science) في 25 يوليو/تموز الجاري، فإن روبوت العنكبوت الميت يتحرك ويقبض على الأشياء وكأنه “زومبي” خارج للتو من فيلم من أفلام الخيال العلمي.
وقد يكون تحويل العناكب الميتة إلى روبوتات فكرة لسيناريو مرعب، ولكن في حقيقة الأمر قد يكون لهذا الاتجاه فوائد ملموسة، فعلى سبيل المثال يمكن لأرجل العنكبوت أن تمسك الأشياء الكبيرة والحساسة وغير المنتظمة بحزم ولطف بدون كسرها.
علم “النكروبوتيكس”
وقد بدأت القصة عندما رأت “فاي ياب”، طالبة الدراسات العليا في الهندسة الميكانيكية بجامعة رايس، عنكبوتا ميتا في الردهة، وجعلها تفكر فيما إذا كان يمكن استخدامه كعنصر آلي. لذلك، تعاونت مع المهندس الميكانيكي دانيال بريستون، واكتشفا طريقة لجعل أرجل “عنكبوت ذئبي” (Wolf spider) ميت تتشبث بالأشياء. وقد أطلقا على هذا النوع الجديد من علوم الروبوتات اسم “النكروبوتيكس” (Necrobotics).
والعناكب الذئبية لها جسم ضخم وأرجل رفيعة، وهي تمسك الفريسة بالأقدام الأمامية ثم تهشم فريستها بواسطة كلابين أماميين مغطيين بالشعر. وبشكل غريب، لا تحتوي أرجلها على عضلات للتمدد، ولكن بدلا من ذلك تحرك أرجلها عن طريق الضغط الهيدروليكي، لأن لدى العنكبوت ما يسمى “الصدر الرأسي” (Cephalothorax) ويتكون من الرأس والصدر مندمجين معا، وهو ينقبض ويرسل سوائل الجسم الداخلية إلى الأرجل، مما يجعلها تمتد.
لذلك، أدخل الفريق إبرة في حجرة الصدر الرأسي وأغلق طرف الإبرة بكرة من الغراء، وكان الضغط بنفخة صغيرة من الهواء عبر المحقنة كافيا لتنشيط أرجل العنكبوت، وتحقيق نطاق كامل من الحركة في أقل من ثانية واحدة.
تقول ياب في مقطع فيديو “أخذنا العنكبوت، ووضعنا الإبرة فيه من دون أن نعرف ما سيحدث”. وتضيف “كان لدينا تقدير للمكان الذي أردنا وضع الإبرة فيه. وعندما فعلنا ذلك، نجحنا، في المرة الأولى فورا”.
وكان الفريق قادرا على جعل العنكبوت الميت يمسك كرة صغيرة واستخدم هذه التجربة لتحديد قوة قبضة الذروة، وبعد ذلك، استخدم أعضاء الفريق عنكبوتا ميتا لالتقاط الأشياء الدقيقة، كما أظهروا أن العنكبوت يمكن أن يتحمل وزن عنكبوت آخر بنفس الحجم تقريبا.
تطبيقات “النكروبوتيكس” وعيوبها
ويتخصص مختبر بريستون في الأنظمة الروبوتية اللينة التي غالبا ما تستخدم مواد غير تقليدية، على عكس البلاستيك الصلب والمعادن والإلكترونيات. وقال بريستون “هذه الروبوتات اللينة ماتعة للغاية لأننا نستخدم أنواعا غير مستغلة من قبل من التشغيل والمواد”.
وفي حين أن معظم مكونات الروبوتات التي يصنعها الإنسان معقدة للغاية، فإن العناكب معقدة أيضا، ولكنها متوفرة بكثرة. ويقول الباحثون في ورقتهم البحثية “يستفيد مفهوم علم النكروبوتيكس المقترح في هذا العمل من التصاميم الفريدة الموجودة في الطبيعة والتي يمكن أن تكون معقدة أو حتى من المستحيل تكرارها بشكل مصطنع”.
ويقول بريستون “أحد التطبيقات التي يمكن أن نرى هذا العملَ يُستخدم فيها هو المعالجة الدقيقة، ويمكن أن يشمل ذلك أشياء مثل الأجهزة الإلكترونية الدقيقة”.
لكن أحد عيوب قابض العنكبوت الميت هو أنه يبدأ في البلى بعد يومين أو بعد ألف دورة فتح وإغلاق. وقد جرب الباحثون طلاء العناكب الذئبية بشمع العسل ووجدوا أن انخفاض كتلتها كان 17 مرة أقل من العنكبوت غير المطلي على مدى 10 أيام، مما يعني أنه يحتفظ بكمية أكبر من الماء وأن نظامه الهيدروليكي قد يعمل لفترة أطول.
يوضح بريستون “نعتقد أن هذا مرتبط بمشكلات جفاف المفاصل. ونعتقد أنه يمكننا التغلب على ذلك من خلال تطبيق الطلاءات البوليمرية”.
وعلى الرغم من أن فترة استخدام هذا النوع من الروبوتات قصيرة، إلا أن هذا العمل لا يخلو من فائدة بيئية، وهو أن العناكب قابلة للتحلل، لذا فإن استخدامها كأجزاء روبوتية سيقلل من كمية النفايات الناجمة عن الروبوتات.
وقال بريستون “على الرغم من أنها تبدو وكأنها قد عادت إلى الحياة، فنحن على يقين من أنها غير حية، ونحن نستخدمها في هذه الحالة بشكل صارم كمادة مشتقة من عنكبوت كان حيا في يوم من الأيام… إنه يوفر لنا شيئا مفيدا حقا”.
المصدر: الجزيرة نت