أحد مفاتيح نجاح الشركات هو مراقبة إنتاجية الموظفين والعمل على زيادتها، وذلك سعيا لتحقيق أهداف الشركة والوصول إلى المستوى المناسب من الإنتاجية لتحقيق تلك الأهداف.
كتعريف لمراقبة الموظفين يمكننا القول إنها أي عملية تتعلق بجمع المعلومات عن أنشطتهم، ولا يقتصر الأمر على جمع المعلومات بشكل أساسي فقط، بل يخدم أيضا أهداف أتمتة العمل، وتقليل أسباب تشتت التركيز، وضمان استخدام موارد العمل في مكانها الصحيح، وذلك حسب موقع فايننشال مانجمنت ماغازين (FM-Magazine).
لماذا تراقب الشركات موظفيها؟
هناك عدة أسباب تدفع الشركات لاستخدام برامج أو أساليب المراقبة داخل العمل، منها المساعدة على تحديد مكامن الخطأ ومواقع الصعوبة في تأدية العمل أو بعض المهام، وزيادة كفاءة توزيع الموارد واتخاذ القرارات الإدارية المتعلقة بالموظفين، كما تساعد المشرفين على إعداد تقارير موضوعية ودقيقة بشأن بيئة العمل.
وأيضا من الأسباب التي قد تدفع الشركات لمراقبة موظفيها هو جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالعمل للحصول على صورة واضحة عن سيره، والمساعدة في إدارة سلم الرواتب ونظام الحوافز، ومعرفة الحقيقة في حال حدوث أي خلاف بين الموظفين، وتمكين المشرفين من تقديم الدعم الفوري للموظفين في حال احتاجوا ذلك.
المراقبة تزداد في أيام الجوائح
ازداد الطلب العالمي على برامج مراقبة الموظفين في الفترة بعد أبريل/نيسان 2020 بحسب تقرير لموقع “كلوكلي” (clockly)، خاصة بالنسبة للموظفين الذين سمحت لهم طبيعة عملهم بالبقاء في المنزل والعمل عن بعد إثر جانحة كورونا (كوفيد-19)، فبرزت أهمية مراقبة الموظفين لضمان أدائهم العمل بصورة جيدة والحفاظ على المستوى المطلوب من الإنتاجية، كما أن استخدام أدوات المراقبة يضمن حفظ ضوابط العمل والالتزام الكامل من قبل الموظفين بقواعده.
ورغم هذا النمو في الطلب والاستخدام فإن هذه التقنيات قد لا تجلب دوما الأثر الإيجابي لأجواء العمل، وقد تشكل خطرا قانونيا أو ماليا على العمل أو مساسا بسمعة الشركة.
وبينما تكون تكلفة هذه الأساليب منخفضة نسبيا لكنها لا تؤدي بالضرورة إلى رفع قيمة العوائد بشكل كبير، وذلك نظرا للأثر السلبي الذي تملكه على روح العمل والاندفاع من قبل العاملين.
ماذا تستخدم الشركات لمراقبة موظفيها؟
تتعدد وتختلف أساليب مراقبة الموظفين، فمنها ما يطبق داخل مواقع العمل ومنها ما يطبق خارجها، لكنها بالمجمل تعتمد على وضع نوع معين من التقنية ضمن وسائط العمل.
ومع ازدياد الانتقال إلى نمط العمل عن بعد تولدت الحاجة لتبني وسائل مراقبة الموظفين للحفاظ على نسق العمل، وذكر موقع “واشنطن بوست” (The Washington Post) بعض هذه الوسائل:
1- أدوات العمل التعاونية:
وهي عبارة عن البرمجيات التي تستخدم بشكل مشترك بين عدد من الموظفين العاملين على المهمة نفسها أو المشروع، وتوفر هذه البرامج معلومات وإحصائيات عن دخول وخروج الموظفين منها وزمن العمل وزمن التوقف وكمية العمل المنجزة خلال مدة معينة.
2- سجل تصفح الإنترنت:
من خلال الحصول على هذا السجل يمكن تحديد ما إذا كان الموظف يهدر الوقت في غير مكانه، فيمكن معرفة المواقع التي يدخل إليها ويقضي فيها وقتا مطولا وفلترة هذه المواقع على أجهزة العمل لمنع الدخول إليها.
3- كاميرا الويب:
يمكّن هذا الأسلوب المشرفين من تحديد ما إذا كان الموظف في موقعه عن طريق التقاط صورة عبر الكاميرا في فترات معينة، وقد يمتد الأمر إلى تسجيل فيديوهات قصيرة أو البث المباشر عبرها.
4- نشاط لوحة المفاتيح وتنبيهات الكلمات:
يتم تسجيل وجمع إدخالات الموظفين على لوحة المفاتيح وتحليلها، فيمكّن ذلك من معرفة المحتوى الذي يكتبه الموظف وتحديد إذا كان ذا صلة بالعمل أم لا.
كما أنه من خلال برمجية معينة تراقب الكلمات التي يدخلها الموظف على لوحة المفاتيح، وعند وجود كلمات مفتاحية معينة يتم إرسال تنبيه بذلك إلى المشرفين ليتم التعامل مع الأمر.
5- محتوى البريد الإلكتروني والمحادثات:
تراقب الشركات محتوى البريد الإلكتروني الذي يرسله ويستقبله الموظفون، فتحدد إذا كان متعلقا بالعمل أو يشكل خطرا، وذلك من حيث تسريب المعلومات الخاصة بالشركة أو غيرها من المخاطر.
6- تتبع الموقع الجغرافي:
هذه الطريقة تمتد إلى خارج منطقة العمل بالنسبة للموظفين في المكاتب، فمن خلال شريحة الـ”جي بي إس” (GPS) الموجودة في الهواتف النقالة يمكن معرفة أماكن وجود الموظفين على مدار الساعة، وقد تعد هذه الحالة خرقا لخصوصية الموظفين في بعض الحالات، خاصة خارج أماكن العمل.
قوانين مراقبة الموظفين
تمنح القواعد والقوانين الفدرالية في الولايات المتحدة الحرية للمشرفين في مراقبة موظفيهم دون إطلاعهم على ذلك، مع إخفاء إلى أي مدى تمتد هذه المراقبة والوسائل المستخدمة من أجل ذلك.
لكن في بعض الحالات وتبعا للقوانين المحلية لا يمكن تطبيق المراقبة هذه دون أخذ الموافقة من الموظفين أولا.
ظهرت قوانين المراقبة وخصوصية مكان العمل نتيجة لحركة (خصوصية التواصل الإلكتروني) عام 1986، حيث سمحت للشركات بمراقبة الاتصالات اللفظية والمكتوبة للموظفين، ولكن ذلك مشروط بتقديم الشركة سببا شرعيا متعلقا بالعمل بشكل مباشر.
ورغم ذلك فإن القوانين السابقة قد تكون خادعة أحيانا، فعند الحصول على موافقة الموظف لمراقبته قد يمتد الأمر إلى المراقبة الشخصية، وهذا ما يشكل انتهاكا لخصوصية الأفراد في حياتهم الشخصية خارج العمل.
من ناحية أخرى، يجب أن تكون المراقبة ضمن المعقول، فلا يجوز مثلا وضع نظام مراقبة بالفيديو في أماكن ذات خصوصية معينة مثل دورات المياه أو غرف تبديل الملابس، بل تقتصر على الأماكن العامة فقط كحيز العمل وأماكن التجمع الكبير للموظفين، وإلا فسوف تواجه الشركات دعاوى قضائية ستسبب لها خسارة فادحة وتسيء بشكل كبير إلى سمعتها.
مخاطر وسلبيات مراقبة الموظفين
على الرغم من بعض الأسباب الإيجابية لتطبيق أساليب المراقبة في العمل فإن لها مخاطر ونواحي سلبية أيضا.
إن الوصول إلى معلومات الموظفين بشكل أكبر من اللازم له مخاطره، فلا بد أن تمر على مرأى أعين المشرفين معلومات شخصية للموظفين، مثل البيانات البنكية والبريد الإلكتروني الشخصي والسجلات الطبية ومعلومات صحية أخرى، فإذا تعرضت أنظمة الشركة للاختراق فستجعل خصوصية الموظفين في مهب الريح، وستلي ذلك تبعات لا تحمد عقباها على عمل الشركة وسمعتها وقد تعني نهايتها.
ناحية سلبية أخرى ليست على الأفراد العاملين بل على الشركة نفسها، وهي الوقت والجهد المستهلكان في جمع وتحليل واستيعاب المعلومات عن الموظفين، فعلى الرغم من أن تحليل هذه المعلومات للاستفادة منها أمر مهم فإن تلك العملية تأخذ جهدا ووقتا ليس بقليل.
كما أن هناك تأثيرا سلبيا على إنتاجية الموظفين، فعندما يشعرون بالمراقبة يتولد لديهم تفكير بعدم الثقة والشك من قبل مشرفيهم، وينتهي ذلك إلى انخفاض حماسهم للعمل وتناقص مردودهم وخلق جو مشحون ومتوتر في العمل.
الجزيرة نت