في سنوات الحرب التي تشهدها سوريا، صار لكل فردٍ من تلك البلاد حكاية، لا سيما أولئك الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي، لكن قد تكون قصة المعتقلة السورية رانيا العباسي، هي الأشد غرابة، خاصة أنه قد تم اعتقالها مع أطفالها وسكرتيرتها وزوجها الذي تم اعتقاله قبل اعتقالها بيومين.
كيف بدأت قصتها؟
في التاسع من آذار/مارس من العام 2013، تم اعتقال زوجها عبدالرحمن ياسين من منزله في حي مشروع دمر بدمشق. وفي اليوم التالي، عاد عناصر الأمن إلى منزله مجدداً بصحبته، وسطوا على كل ما يملك من ذهب ومال وثلاث سياراتٍ حديثة، بالإضافة لأجهزة إلكترونية هي حواسيب وهواتف محمولة، كذلك جوازات السفر ووثائق ملكية ممتلكاته العقارية.
ووفق هذه الرواية التي وثّقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية غير حكومية وغير ربحية، تعمل منذ العام 2011، بهدف توثيق الانتهاكات التي تحصل في سوريا، فإن عناصر الأمن أخبروا زوجة ياسين بأنهم “سيعودون غداً لاقتيادها هي وأولادها”.
وفي 11 آذار/مارس 2013، اعتقل عناصر الأمن زوجته رانيا العباسي مع أولادها الستة وسكرتيرتها التي كانت في منزلها ذلك اليوم بمحض الصدفة، وهي مجدولين محمد فارس القاضي. وسطا رجال الأمن على 6 حقائب تحتوي على أغراضٍ شخصية لها ولأولادها.
وتقول نور الخطيب، مسؤولة قسم المعتقلين والمختفين قسريا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مقابلة مع “العربية.نت”، إن “هدف اعتقالها قد يكون نتيجة موقفها مما يجري في البلاد، أو بدافع السرقة، بحسب المعطيات الموجودة لدينا”، مشيرة إلى أن “عناصر الأمن سطوا على أغراض ليست ضرورية للاعتقال، كما حصل مع العباسي، الأمر الذي يزيد من فرضية اعتقالها بدافع السرقة”.
وتضيف أن “عنصراً مسؤولاً ممن داهم منزلها مع عناصر آخرين من حاجزٍ أمني، كان يتعالج لدى العباسي في عيادتها، خاصة أنها طبيبة أسنان، وربما كان على علم بظروفها المالية”. وتكشف “اختفى هذا العنصر بعد عملية اعتقالها”.
رانيا “غير موجودة”
وتؤكد الخطيب أن “المعلومات التي تتعلق بظروف اعتقال العباسي وأفراد أسرتها وسكرتيرتها، هي نقلاً عن عائلتها حصراً”.
وتتخوف الخطيب من الاختفاء القسري الذي تعرض إليه هؤلاء، وتتمنى أن “يكونوا على قيد الحياة” ولكن وفق روايتها، فإن “هذا الاحتمال ضئيل”، لاسيما أنه لم يُسجل وجودهم في أي فرع أمني بعد اعتقالهم.
وراسلت الخطيب وزميلاتها في الشبكة، بعض مسؤولي الأمم المتحدة بخصوص اعتقال العباسي، لكن كان ردهم بأنها “غير موجودة”.
من هي العباسي؟
رانيا محمد عيد العباسي هي طبيبة أسنان وبطلة سوريا والعرب في الشطرنج، من مواليد العام 1970، كانت تقيم في توسع مشروع دمر بدمشق. متزوجة ولها 6 أطفال، خمس بنات وصبي، اعتقلوا جميعاً معها، وأصغرهم رضيعة كانت بعمر السنة و النصف حين اعتُقلت مع والدتها. لم يُعرف شيء عن مصيرها إلى الآن منذ أن تم اعتقالها. وترجح الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعرّضها لانتهاكات مختلفة، وتخشى على مصيرها ومن معها من “القتل”.
من هم العناصر الذين اعتقلوها؟
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فهم أكثر من 20 عنصرا من الأمن العسكري، كانوا مدججين بأسلحتهم ويرتدون الزي العسكري. أحد هؤلاء العناصر كان معروفاً لدى العباسي ويدعى “أبو كاظم”، وهو عنصر في حاجز عسكري بالقرب من منزلها، وكان يتعالج في عيادة طب الأسنان التي تملكها العباسي بـ”المجان”، وفق الخطيب التي تواصلت مع عائلة العباسي عدة مرات.
المصدر: العربية نت