تواجه سوريا عجزًا كهربائيًا كبيرًا، حيث لا يغطي الإنتاج الحالي سوى 20% من الاحتياجات الفعلية، وذلك نتيجة الأضرار الواسعة التي لحقت بمحطات التوليد، مما أدى إلى توقف بعضها عن العمل. هذا النقص في الطاقة يشكل عائقًا رئيسيًا أمام إعادة بناء الاقتصاد بعد سنوات طويلة من الحرب والتدمير الذي طال البنية التحتية الحيوية بسبب القصف من قوات النظام المخلوع أو القصف الروسي.
انخفاض الإنتاج وزيادة الفجوة بين الحاجة والتوليد
تضم سوريا 12 محطة توليد كهرباء، لكن معظمها تعرض لأضرار جسيمة، مما قلل قدرتها الإنتاجية بشكل كبير. ووفقًا لما أعلنه وزير الكهرباء السوري، عمر شقروق، فإن الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمحطات تبلغ 4000 ميغاواط، شريطة توفر الوقود اللازم، غير أن المتوافر حاليًا لا يتجاوز 1300 ميغاواط، بينما يُقدر الاستهلاك المطلوب لتلبية احتياجات البلاد بحوالي 6500 ميغاواط.
جهود صيانة رغم التحديات المالية
رغم القيود التي تعيق عمليات الصيانة، تعمل الجهات المسؤولة على إصلاح محطات التوليد المتضررة، إلا أن العقبات التي تشمل نقص التمويل، شح النقد الأجنبي، وصعوبة تأمين قطع الغيار، لا تزال تحدّ من قدرة الوزارة على تنفيذ خططها.
البنية التحتية وخطوط النقل في حالة متدهورة
لا تقتصر أزمة الكهرباء على ضعف التوليد، بل تمتد أيضًا إلى محطات التحويل وشبكات النقل، حيث تعرض جزء كبير منها لأضرار جسيمة أو دُمر بالكامل، فيما تحتاج الأجزاء المتبقية إلى عمليات إعادة تأهيل مكلفة.
وأشار شقروق إلى أن الوزارة تستهدف على المدى القريب رفع القدرة الإنتاجية بمقدار 4000 ميغاواط، بهدف تحسين ساعات التغذية الكهربائية إلى ما بين 8 و10 ساعات يوميًا، فيما تتطلع على المدى البعيد إلى تأمين الكهرباء على مدار 24 ساعة.
التكلفة الباهظة لإعادة الإعمار
تشير تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن إعادة إعمار سوريا تتطلب ما يقارب 300 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق إجمالي الناتج المحلي للبلاد حتى قبل عام 2011. ووفقًا لتصريحات رسمية، فإن الناتج المحلي الإجمالي انخفض من 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار في 2024، ما يعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
مساعٍ للحصول على دعم كهربائي خارجي
في ظل استمرار أزمة الكهرباء، تتجه الحكومة إلى البحث عن حلول بديلة لتعويض العجز، حيث كشف مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، أن سوريا تنتظر وصول سفينتين لتوليد الكهرباء من تركيا وقطر، واللتين من المتوقع أن تضيفا 800 ميغاواط إلى الشبكة الكهربائية، ما يعادل نصف القدرة الإنتاجية الحالية للبلاد.
وسط هذه التحديات، يبقى تحقيق الاستقرار الكهربائي في سوريا مرهونًا بإيجاد حلول طويلة الأمد، تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية، تأمين مصادر طاقة بديلة، وتحسين إدارة الموارد المتاحة.