تشهد الحدود السورية-اللبنانية في ريف حمص الغربي تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، حيث نفذت إدارة العمليات العسكرية التابعة للقوات السورية حملة أمنية موسعة استهدفت مسلحين مقربين من حزب الله اللبناني، إضافة إلى مجموعات من تجار المخدرات، وسط مواجهات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة.
عملية عسكرية واسعة ضد المهربين والمسلحين
بدأت الحملة العسكرية بعملية تمشيط واسعة في القرى الحدودية، شملت حاويك، بلوزة، الفاضلية، أكوم، والجرود، حيث تم استهداف تجمعات المسلحين باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة “شاهين”. كما تزامنت العملية مع اشتباكات مباشرة بين القوات السورية وعناصر مسلحة مرتبطة بحزب الله، بعد محاولة تنفيذ اعتقالات في المنطقة.
في سياق متصل، شهدت الحدود السورية-اللبنانية اشتباكات في منطقة الهرمل – القصير، خلال محاولة عناصر حزب الله تهريب شحنات أسلحة من مدينة القصير إلى داخل الأراضي اللبنانية، دون تسجيل خسائر بشرية وفق المعلومات الأولية.
حزب الله والقرى الحدودية.. مستودعات أسلحة وممرات تهريب
وفقًا لمصادر أمنية، فإن حزب الله لا يزال يحتفظ بمخازن أسلحة سرية في ريف القصير، حيث يحاول تهريبها إلى لبنان منذ سقوط النظام السوري السابق. وشهدت الأيام الماضية اشتباكات بين أهالي قرية المصرية وعناصر حزب الله، بعد محاولة الأخير اقتحام القرية من ثلاثة محاور، مما دفع السكان للمطالبة بتدخل إدارة العمليات العسكرية، التي أرسلت تعزيزات لصد الهجوم.
الفرقة 103 تضبط الحدود السورية-اللبنانية
في إطار جهود فرض الأمن، نفذت الفرقة 103 التابعة لوزارة الدفاع السورية حملة لضبط الحدود، انطلاقًا من مدينة القصير وبلدة حاويك، بهدف منع التهريب وتعزيز السيطرة الأمنية. وخلال العملية، لاحقت القوات السورية مجموعة من المهربين حاولوا الفرار إلى داخل الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى وقوع كمين من قبل عائلات شيعية محلية (زعتري أو بري) ضد إحدى سيارات الأمن السوري، وأسفر عن أسر عنصرين من القوات السورية.
تزامنًا مع هذه التطورات، وصل وزير الدفاع السوري إلى المنطقة للوقوف على سير العمليات، وبثت صور لمتابعة خرائط طبوغرافية لمنطقة العمليات.
القصير.. بوابة حزب الله ومركز نفوذه
لطالما كانت مدينة القصير ذات أهمية استراتيجية لـحزب الله، حيث شكلت بوابة رئيسية لتدخله العسكري في سوريا منذ عام 2012، عندما ساند قوات النظام السوري في السيطرة عليها. ومع سقوط النظام السابق، أصبحت المدينة بؤرة مركزية لحزب الله، حيث استخدمها كقاعدة عسكرية وشريان حيوي لتمرير الأسلحة والإمدادات. لكن العمليات العسكرية الأخيرة وجهت ضربة كبيرة للحزب، إذ فقد جزءًا من نفوذه في المنطقة، رغم استمرار محاولاته لإعادة تثبيت سيطرته على بعض القرى الحدودية.
التداعيات والمخاوف الأمنية
التصعيد الحالي بين القوات السورية وعناصر حزب الله يطرح تساؤلات حول مستقبل النفوذ العسكري للحزب في القصير والمناطق الحدودية. كما أن استمرار الاشتباكات يعكس تصاعد التوتر بين دمشق وحزب الله، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل خارطة السيطرة العسكرية على طول الحدود السورية-اللبنانية.
في ظل هذه المستجدات، تبقى الأوضاع مفتوحة على مزيد من التصعيد، مع استمرار القوات السورية في ملاحقة المسلحين والمهربين، في وقت يبدو فيه أن حزب الله لن يتخلى بسهولة عن نفوذه في المنطقة، مما يجعل الحدود السورية-اللبنانية ساحة مواجهة مرشحة للمزيد من التطورات العسكرية.