أدلى المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا جيمس جيفري بمجموعة من التصريحات حول ملفات عدة بسوريا شملت إدلب والغارات الإسرائيلية والوجود الأمريكي والروسي، إضافة لملف شرق الفرات، وذلك خلال حوار مطول له مع صحيفة الشرق الأوسط.
وقال جيفري إنه يرى أن الاتفاق التركي الروسي الموقع في موسكو بآذار الماضي حول إدلب قائم، مشيرا إلى أن تركيا تضغط على «هيئة تحرير الشام» والتي قال إنها لا تشكل تهديداً مباشراً للقوات الروسية في سوريا كما يزعمون، في إشارة لموسكو.
وأضاف جيفري “بل إنها (هيئة تحرير الشام) تشكّل تهديداً لنا جميعاً نظراً لأنها جماعة إرهابية، وهي تهديد أيضاً لقوى المعارضة السورية المعتدلة في إدلب، ولا نرى من سبب أو عذر أو مبرر لشن هذا الهجوم (هجوم الأسد على إدلب) أو لكي يبدأ مرة أخرى. وعلى نحو مستقل، فإننا نرحب بالتعامل التركي المستقل مع الأمر برمّته. وهم ملتزمون بذلك اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2018، وكذلك في الاتفاق الجديد المشار إليه، وهذا أمر جيد”.
وشدد جيفري على أن إدلب تعد «قلعة المعارضة» ولن تعود إلى سلطة نظام الأسد قريباً.
الغارات الإسرائيلية:
وحول موقف واشنطن من الغارات قال جيفري إن بلاده تدعم إسرائيلي في الغارات التي تشنها على أهداف تابعة لإيران في سوريا، وأضاف: “الولايات المتحدة تدعم الجهود الإسرائيلية في تأمين الدفاع عن الذات، وإذ تواجه إسرائيل تهديداً وجودياً مستمراً من جانب إيران. ولقد قلنا مراراً وتكراراً في غير مناسبة إن مهمة إيران الأولى هي تدمير إسرائيل. ويمرر الجانب الإيراني أسلحة بعيدة المدى إلى «حزب الله» تستخدم في تهديد أمن إسرائيل. ونعرف على الأرجح العناصر الموالية لإيران داخل سوريا، ولدى إسرائيل الحق في اتخاذ ما يلزم من إجراءات إزاء ذلك، مع توخي العناية والحذر من الخسائر البشرية السورية، وهو الأمر الذي تراعيه إسرائيل، ومن ثم، فإننا نواصل دعمهم وتأييدهم بأي طريقة ممكنة”.
مغادرة القوى الأجنبية:
وعن قضية الوجود الأجنبي في سوريا قال جيفري إن السياسة الأمريكية تتمحور حول مغادرة القوات الإيرانية للأراضي السورية كافة، جنبا إلى جنب مع كل القوات العسكرية الأجنبية الأخرى التي دخلت البلاد في أعقاب عام 2011، وهذا يشمل قواتنا، والقوات الإسرائيلية، والقوات التركية كذلك، في حين استنثى جيفري القوات الروسية التي قال إنها دخلت الأراضي السورية قبل عام 2011.
وحول الانتقادات الإعلامية الروسية الموجهة ضد نظام الاسد قال جيفري: ” نعتقد أن روسيا تدرك جيداً ما يجري في سوريا. ونعتقد أن روسيا تدرك أيضاً أي نوع من الحلفاء موالون لها في سوريا في الآونة الراهنة. فتلك الأمور تتحدث عن نفسها”.
ونفى جيفري أن تكون روسيا تواصلت مع الولايات المتحدة بشأن الحملة الإعلامية الروسية وتعكير الأجواء في وسائل الإعلام بين نظام الأسد وموسكو في الآونة الأخيرة.
شرق الفرات
وعن شرقي الفرات في ظل التوسع الروسي المستمر فيه قال جيفري: ” لدى الجانب الروسي قوات الشرطة العسكرية. وهم يواصلون الانتقال في دوريات من 3 أو 4 أو 5 مركبات، وأحياناً ما يذهبون إلى هنا أو إلى هناك، ولكن لا وجود لقوات عسكرية روسية حقيقية وكبيرة على الأرض. وليس هناك ما يسمى الاحتلال الروسي، وينسحب الأمر نفسه على الحكومة السورية، باستثناء بعض القواعد العسكرية القليلة في القامشلي، ومدينة دير الزور حيث ليس لهم وجود حقيقي على الأرض هناك. بل إن القوات المنتشرة على الأرض هي «قوات سوريا الديمقراطية»، وهم حلفاؤنا في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي”، مضيفا :” سيستمر وجودنا هناك حتى الانتهاء تماماً من مهمتنا العسكرية إلحاق الهزيمة الكاملة بتنظيم داعش ، ولا يمكنني تأكيد عبارة «مفتوحة المدة» ، والانسحاب الكامل ليس على جدول أعمالنا راهناً، ذلك لأننا لم نشهد حتى الآن الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش”
انتخابات 2021
وشمل الحوار مع جيفري رأي واشنطن بالانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا وقال حول الحديث عن إجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة في سوريا تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة في عام 2021 المقبل: “نحن نعتقد أن الانتخابات هي من الأمور الصحيحة. وإذا عقد الأسد الانتخابات الرئاسية خلال العام الجاري أو في العام القادم، فلن يحظى بأي مصداقية دولية تُذكر. وستُقابل بالرفض التام من جانب المجتمع الدولي. ومن شأن المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإجراء الانتخابات التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة. وهذا هو الطريق الوحيد إلى الأمام على هذا المسار. وهذا ما تؤيده حكومة الولايات المتحدة الأميركية. إن السياسة التي نتبعها ثابتة ولن يطرأ عليها أي تغيير. وإنني أتطلع إلى العمل مع مختلف الجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط من أجل الدعوة لإنهاء أعمال العنف والقتال داخل سوريا”، وأردف: ” يعتقد بعض الناس أنه أمر لا يتسم بالواقعية (الانتخابات الرئاسية). بعض الناس كانوا يفكرون قبل عامين ماضيين أن القلعة الأخيرة من قلاع المعارضة السورية في محافظة إدلب لن تصمد وتستمر لفترة طويلة من الوقت. وهذا هو حالها بعد مرور العامين المذكورين (هي صامدة) واعتقد بعض الناس أنه من المحال إجراء المحادثات بين الحكومة السورية وممثلي قوى المعارضة في جنيف. ولقد أجريت المحادثات المشتركة بينهم بالفعل. لماذا لا تثقون بأننا نصوغ السياسات التي تحقق النجاحات حتى لو على المدى الطويل، وأنها تملك الإمكانات لتحقيق نجاحات أكبر في المستقبل؟”.
العقوبات الغربية:
وبعد أن أثيرت خلال الأيام الماضية أنباء عن احتمال رفع العقوبات عن نظام الأسد في ظل جائحة كورونا قال جيفري: «العقوبات الاقتصادية تزيد من سوء الأوضاع على دائرة الشخصيات المقربة للغاية من رئيس النظام، وهذا ما نحاول على الدوام الوصول إليه. ونريد أن نوضح لتلك الشخصيات الأمر بأنه لا مستقبل واضحاً أمامهم إذا استمروا في دعم وتأييد الأسد. وحري بهم ممارسة الضغوط من أجل الانتقال السياسي»، مضيفاً : “لا علاقة لانهيار النظام المالي في لبنان بالعقوبات الصادرة عن الحكومة الأميركية، ولا بد أن ذلك الانهيار كان له أبلغ الأثر على نظام بشار الأسد. ثانياً، بكل صراحة، فإن سوء إدارته الواضحة هي السبب الثاني في تردي الأوضاع الاقتصادية على النحو المشاهَد في سوريا. وثالثاً، هناك حقيقة مفادها أن سوريا لا تزال في حالة حرب أهلية مفتوحة، وحقيقة أخرى أن بعض المناطق المعروفة بالإنتاج الزراعي ومنتجات الطاقة لم تعد خاضعة لسيطرة النظام في الآونة الراهنة. وهذا هو الوضع الحالي، وسيستمر، ما لم يقبل الأسد بالتسوية السياسية. وهذا هو السبب الحقيقي في الكم الهائل من الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها. والعقوبات الاقتصادية لا يتم فرضها أبداً على المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية، إذ يمكن الوصول إليها بكل حرية، كما أن حزم العقوبات المفروضة ذات طبيعة انتقائية، وتستهدف رموز النظام الحاكم وليس المواطن السوري العادي”.
ويمكن الاطلاع على الحوار كاملاً عبر زيارة موقع صحيفة الشرق الأوسط