سورياسياسة

أدلة بـ “مشاهد صعبة” تنتظر جلب الأسد للمحكمة

تقرير لشبكة CBS الإخبارية الأميركية يعرض أدلة "يصعب مشاهدتها لكن ينبغي رؤيتها" لجرائم نظام الأسد بحق السوريين

من “صور قيصر” التي وثقت عمليات القتل والتعذيب المنهجية التي أدارها نظام بشار الأسد، ضد آلاف المدنيين، إلى الأدلة على هجمات الغاز  التي استهدفت مناطق سورية مدنية، وراح ضحيتها الآلاف أيضا، وصولا إلى آلاف عمليات القتل خارج القانون، يعتقد المجتمع الدولي إن الأسد هو المسؤول الأول عن قتل نحو 250 ألف سوري، وتشريد الملايين منهم.

 

وبالنسبة لمحاكمة نظام الأسد، فإن قلة الأدلة على الجرائم ليست هي العائق أمام محاسبة رموز النظام ورئيسه، بل العائق والتحدي الكبير هو جلب المتورطين للمثول أمام المحكمة، بحسب برنامج 60 دقيقة الذي تبثه شبكة CBS الإخبارية الأميركية والذي بدأ تقريره عن جرائم نظام الأسد في سوريا بتحذير نادر مفاده “إذا كان لديك أطفال يشاهدون البرنامج، فهذا عادة شيء جيد، ولكن ليس لهذه القصة”.

 

وطوال 13 دقيقة، بث البرنامج الشهير شهادات وصورا مروعة من داخل سوريا لجرائم قام بها نظام الأسد ضد المدنيين، وشملت القصف بالغاز، وقصف المستشفيات والمدارس، وإخفاء الآلاف.

 

“من الصعب مشاهدة الأدلة”

وخلال التقرير، عرض مقدم البرنامج، سكوت ويلي، “أدلة يصعب مشاهدتها” لكن ” ينبغي رؤيتها” جمعها أشخاص “خاطروا بحياتهم لرواية القصة”.

 

والسبب في صعوبة جلب الأسد للعدالة الدولية يمكن في عدة أمور منها “الجو الدولي”، و”فيتو روسيا والدعم الصيني”، كما يقول محمد العبدلله، المدير التنفيذي للمركز السوري للمساءلة والعدالة.

 

ويقول العبد الله لموقع “الحرة” إن “الواقع السياسي المحيط بنا لا يعزز فكرة أن المحاسبة ستحصل، على الأقل ضمن المدى القريب”.

 

ويربط العبد الله بين إحالة الملف السوري للمحكمة الدولية، أو إنشاء محكمة دولية خاصة بسوريا وبين فرص الحصول على إدانة الأسد، لكنه يقول إن هذا “يتطلب قرارا من مجلس الأمن، وهذا ما تقف روسيا له بالمرصاد”.

 

وسبق لروسيا أن عرقلت قرارات لمجلس الأمن بشأن سوريا، حتى تلك التي تتعلق بإنشاء معابر لمرور المساعدات الإنسانية إلى كل السوريين.

 

ويضيف العبد الله أنه “سبق لروسيا أن صوتت بفيتو على قرار الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، لذلك أنا لست متفائلا على الأقل بالتوازن السياسي الحاصل اليوم”.

 

وعرقل الموقف الروسي المتصلب لفترة طويلة أيضا إدخال مساعدات إنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وتسبب هذا الموقف بتأخير إصدار القرار، ثم حصره بمدة زمنية محدودة ومعبر واحد فقط.

 

ومثل هذا المناخ في مجلس الأمن “يستحيل أن يمرر محكمة ضد بشار الأسد” كما يقول العبد الله.

 

ويوضح العبد الله أن “معركة العدالة طويلة جدا”، لكن “الوضع السوري مختلف عن دول أخرى حصلت فيها فظائع لأن فظائع الأسد موثقة”.

 

وتطرق العبد الله إلى مثال يتعلق بعدم محاكمة أي شخص عن الجرائم التي شهدتها الحرب الأهلية اللبنانية، وأيضا تمكن الرئيس السوداني السابق عمر البشير، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية،  من السفر بحرية، قبل أن تخلع الثورة الشعبية نظامه حكمه في البلاد.

 

ويؤكد العبد الله أهمية “جمع الأدلة وتوثيقها”، مشيرا إلى وجود وثائق كثيرة وتسجيلات تدين نظام الأسد، منها ملفات حكومية وما يعرف بصور “قيصر” وغيرها من الأدلة التي تدين “الجرائم التي ارتكبها جميع الأطراف في سوريا.

 

صور قيصر

في عام 2013 قصف النظام مدينة الغوطة بالأسلحة الكيمياوية، وجمعت المؤسسات الدولية أدلة على استخدام غاز الأعصاب المحظور دوليا ضد المدنيين.

 

ويعتقد أن نحو 1400 مدني، بينهم مئات الأطفال والنساء، قضوا في الهجوم.

 

ويساعد المدعي الأميركي السابق، ستيفن راب، في جمع الأدلة ضد نظام الأسد، ويؤكد لبرنامج 60 دقيقة قوله: “لدينا أدلة على جرائم قتل، لدينا إبادة، لدينا تعذيب، ولدينا اغتصاب”.

 

ولا يعتقد راب هو الآخر أن محاسبة الأسد ستكون قريبة، لكنه يقول “أنا أميركي متفائل. لقد رأيت حالات أخرى ظننا أنها ميؤوس منها، حيث لم يعتقد أحد أنه ستكون هناك عدالة، ولكننا نجحنا، الاحتمالات موجودة وإحدى الطرق التي نعزز بها تلك الاحتمالات هي الحصول على الأدلة القوية الآن”.

 

وأخرجت اللجنة الدولية المستقلة للعدالة والمساءلة أكثر من 900 ألف وثيقة حكومية سورية وحفظتها بتمويل جزئي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبعض تلك الوثائق كما يقول راب “تحتوي بشكل واضح على أوامر من الأسد مباشرة، وأخرى من أسفل الهرم، بشأن التعذيب والقتل”.

 

ويترأس راب اللجنة الدولية للمساءلة مؤكدا “الوثائق تتجه دائما نحو الأسد”.

 

وبالإضافة إلى الوثائق، هناك ما يعرف بـ”صور قيصر” وهي مجموعة كبيرة من عشرات آلاف الصور التقطها مصور منشق عن النظام توثق جرائم التعذيب والقتل التي تجري في معتقلات النظام السرية.

 

وينفي النظام صحة صور قيصر، وادعى الأسد  إنها “فوتوشوب، بروباغندا إعلامية، وأدلة زائفة”، بحسب زعمه.

 

لكن تقريرا لمنظمة هيومن رايتس ووتش قال إن الصور، وعددها نحو 50 ألفا، هي صور صحيحة ويستخدمها النظام من أجل التوثيق.

 

 

وعرضت إحدى الصور وجه ، أحمد المسلماني، وهو شاب في الـ14 من عمره، أوقفته إحدى الحواجز العسكرية لنظام الأسد واعتقلته بعد أن وجدت أغنية احتجاجية مخزونة في هاتفه.

 

بعد عامين، شاهدت الأسرة صورة جثة ابنها مزرقة الوجه ضمن صور قيصر.

 

ويقول “قيصر” وهو اسم مستعار للمصور المنشق عن الأسد “من الواضح أن أصحاب الجثث عذبوا لأشهر قبل موتهم، كان هناك صعق بالكهرباء وضرب وسكاكين وكابلات وأحزمة على جثث هؤلاء الأفراد”.

 

ويستخدم النظام نظام ترقيم للجثث يحتوي أرقاما تعريفية تشير بوضوح إلى الجهة المعتقلة والجهة المحتجزة، والطبيب الذي يوقع شهادات الوفاة.

 

ويقول ستيفن راب “هذه أدلة ممتازة”، مضيفا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقق من الصور وتأكد إنها أصلية.

 

وبحسب تحقيق دولي، استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية المحظورة أكثر من 300 مرة ضد شعبه، وقتل نحو ربع مليون مدني، وأجبر 12 مليون شخص على ترك ديارهم.

 

ومع أن الواقع يشير إلى أن محاكمة الأسد ستكون مرهونة بإزاحته عن السلطة بطريقة ما، إلا أنه “حتى إذا لم يتم القبض على الأسد، فسيكون إلى الأبد مكبلا بقيود الحقيقة”، كما يقول برنامج 60 دقيقة.

 

الحرة 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى