تستعد السلطات التركية لترحيل الصحفي السوري “ماجد شمعة” إلى سوريا، وذلك بعد توقيفه قبل أيام بسبب مشاركته في فيديوهات “أكل الموز” على مواقع التواصل وتصوير حلقة على قناة “أورينت” حول هذا الموضوع.
ونشرت القناة التي يعمل بها “شمعة” اليوم الخميس 4 تشرين الثاني صوراً قالت إنها بخطه وكتب فيها أنه تم إجباره على توقيع قرار الترحيل إلى سوريا، وذلك بعد نقله من إسطنبول إلى ولاية غازي عنتاب.
وأشار شمعة إلى أن هناك مخاطر على حياته في حال تم ترحيله، لكونه مطلوب لنظام الأسد، وكذلك لجهات أخرى بينها “هيئة تحرير الشام”.
يأتي هذا وسط مناشدات مستمرة من آلاف السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بالإفراج عن شمعة، كما ناشدت منظمات حقوقية ودولية السلطات التركية لعدم ترحيله.
وأمس نقلت القناة عن محامي “ماجد شمعة” أنّ السلطات التركيّة قرّرت نقله إلى مدينة غازي عنتاب التركية جنوب البلاد، وذلك تمهيداً لترحيله إلى الأراضي السورية، بعد اعتقالٍ دام عدّة أيام.
ونشر الموقع الذي أصدره محاميه التركي (محمد علي ارتفي) حول الموضوع جاء فيه:
كما تعلم أنّ للسيد ماجد برنامجاً تحت اسم “سوريلي بوب”، وكما تعلمون أيضاً منذ أسبوعين ونصف تقريباً ظهر تقرير من مدينة إسطنبول بمنطقة أسنلر حول الموز وظهر فيه رجل كبير في السن يقول “لا نستطيع شراء الموز بعكس السوريين الذي يشترونه” وبالمقابل ردّت فتاة سورية بقولها “نحن نشتريه من عرق جبيننا ولا نأخذه بالمجان”.
وأضاف البيان: “انتشر على بعض حسابات وسائل التواصل الاجتماعي كبرنامج تيك تكوك وغيره فيديوهات ساخرة وناقدة، وبعضها تخطى حدود السخرية حول هذا الموضوع”.
وعلى وقع ذلك تحركت وزارة الداخلية، ببدء إجراءات قانونية ضد أصحاب هذه الفيديوهات، وفي الحقيقة هذا الأمر سبّب احتقاناً في الشارع التركي، وأزّم حياة السوريين في تأمين حاجاتهم وخاصة الحصول على الموز من محال الخضار والأسواق.
وحول اعتقال الزميل ماجد شمعة قال البيان: “لكون برنامج السيد ماجد مشهوراً وينتقي المواضيع اليومية بشكل ساخر وفكاهي، وبعد ازدياد ردّات الفعل من السوريين قرّر السيد ماجد تصوير حلقة من برنامجه في محاولة لإظهار ردّات الفعل”.
وتابع: “كما أشرت سابقاً، ولكون السيد ماجد صحافي ينتقي الأمور اليومية بشكل ساخر، صوّر فيديو تدور أحد مشاهده حول شراء الموز من البقالة وأكله، ورصد آراء الشارع بتوجيه أسئلة ساخرة عن الموز، كان الأمر كأي عمل صحفي ينتقي الأحداث اليومية ويعمل من خلالها”.
تفاصيل اعتقال ماجد شمعة
وتابع المحامي: “يوم السبت ٣٠ تشرين الثاني وفي حدود الساعة الواحدة والنصف ليلاً أُخذ موكلي من قِبل الشرطة وعلى أثر ذلك تواصلت عائلته معي، وتوجهنا فوراً إلى شعبة الأمن في إسطنبول، وحضرنا جلسة استجواب موكلي، وفي يوم ٣١ تشرين الثاني تم استدعاؤه للاستجواب من قبل النيابة العامة، وحضرنا جلستي الاستجواب، بتهمة التحريض على الكراهية و إهانة الشعب”.
وأضاف: “نحن بدورنا أوضحنا للمدعي العام أنّ السيد ماجد صحافي، وأن ترحيله سيشكل خطرا على حياته، وبناء عليه أخلى المدعي العام سبيل السيد ماجد دون قيد أو شرط، الأمر الذي يعني أنّه لو كان السيد ماجد مواطن تركيّاً لكان الآن يتجول في الشوارع بشكل طبيعي”.
وتابع البيان: “مع الأسف لم يتم الإفراج عنه وتم تسليمه إلى مركز الشرطة وبدأت عملية ترحيله خارج تركيا، وبموجب القانون رقم 6488 من قانون الأجانب والحماية الدولية المادة 54 الفقرة الأولى البند (د) كل من يخرق النظام أو الأمن العام يتم ترحيله خارج تركيا، وعلى ضوء هذا القرار بدأت عملية ترحيل السيد ماجد”.
ومن جهة أخرى كما يقول المحامي: “تم نقله إلى مركز الترحيل الشبيه بالسجن والمخصص لترحيل الأجانب إلى بلدانهم، وهو محتجز هناك الآن، بانتظار اتخاذ قرارٍ إداري لترحيل السيد ماجد إلى وطنه سوريا”، وتابع “وضحنا للنيابة العامة بشكل خاص عن مخاوفنا بأن السيد ماجد كوميدي وله فيديوهات ومشاهد ناقدة بشديدة لنظام الأسد لو تمّ ترحيله، لن ينال عقوبة أقلّ من الإعدام”.
وأشار المحامي في بيانه إلى أنّه للسيد ماجد زوجة وطفلان في إسطنبول، أحدهما طالب في المدرسة، ولم تكن نيته إهانة الشعب على الإطلاق، فيمكنكم مشاهدة الفيديو والفيديوهات السابقة للتأكد من أن نيته هي القيام بعمله كصحافي فقط، فلم تكون نيته أبداً إهانة الشعب التركي.
وأكد المحامي أنّه ليس لديه أدنى شك بأن حياة ماجد مهددة بالموت في حال ترحيله، وعلاوة على ذلك فإنه صحافي، وفي تركيا يوجد حرية صحافة، “نتمنى من المسؤولين التحرك بسرعة لمنع حدوث ذلك قبل فوات الأوان ومنع تشكيل صورة قد لا تليق بدولتنا”.
وقال المحامي في بيانه: “لو سألتني عن وضع السيد ماجد فهو في مركز الترحيل الكائن في بندك، وبدورنا ذهبنا اليوم إلى مديرية الهجرة في الفاتح، وبناء على قرار الأجانب والحماية الدولية الذي ينصُّ على إصدار قرار الترحيل والتوقيف الإداري خلال 48 ساعة وعلى الرغم من مرور الفترة المذكور إلا أن القرار لم يُتخذ بعد”.
على الرغم من مرور ٤ أيام على توقيفه إلا أنه لا يوجد قرار بحقه، وبالتالي كما يقول المحامي “لا نستطيع تقديم طعن ولا يوجد جهة نخاطبها ولا زال موقوفا”.
وتابع “ما يحزننا بأنه صحافي وليس كأي أحد من العامة، وليس له أي مساعٍ في إهانة الشعب التركي، فالأمر برمته أنه صوّر السوريين بأنهم غير قادرين على شراء الموز من البقالة، نعم هي كوميديا حزينة، لا يستطيعون شراء الفاكهة والموز فأراد موكلي أن يضع بصمة له حول هذا الأمر في ردّات الفعل”.
وأشار البيان إلى أنّ السيد ماجد كان سابقا موجودا في مركز بندك للترحيل ينتظر القرار الذي سيتخذ في إدارة الهجرة في إسطنبول، وهنا تتخذ الإدارة قرارين الأول بما يخص الترحيل والثاني بما يخص بقاءه بالتوقيف الإداري في مركز الترحيل.
القضاء يبرئ ماجد شمعة
وحول الإجراءات القانونية يقول المحامي: “بداية نحن نقوم بالطعن بقرار الترحيل بموجب القرار رقم 6458 المادة 53 من قانون الأجانب والحماية الدولية، ويحق لنا رفع دعوى قضائية للمحكمة الإدارية خلال أسبوع من تاريخ تبليغ قرار الترحيل، ويتم إرساله إلى المركز المسؤول وهو مديرية الهجرة في إسطنبول وبذلك يتم إيقاف عملية الترحيل”.
وأكد المحامي أنّ إيقاف عملية الترحيل لا تعني انتهاء التوقيف الإداري في مركز ترحيل الأجانب، بالتالي لا يتم إطلاق سراحه، لذلك نقوم بتقديم التماس إلى محكمة الصلح وتبقى نتيجتا الالتماس والطعن مجهولتين، لأن الأمر الذي قام به موكلي سببَ احتقاناً، “أكرر بأنه لا نية لموكلي للتحريض على الكراهية أو إهانة الشعب التركي، وإن ما فعله كان بموجب عمله كصحافي، وهي نقطة يجب أخذها بعين الاعتبار للتفريق بينه وبين الآخرين، وشخصياً أومن بأنّ العدالة التركية ستتجلى بإلغاء قرار الترحيل من قبل المحكمة الإدارية وإطلاق سراحه من قبل محكمة الصلح”.
وأشار المحامي إلى أنّه وبخلاف ذلك فإنّ إرسال صحافي إلى الموت عمداً وبموجب الاتفاقات الدولية والمواد المتعلقة بقانون الأجانب والحماية الدولية وحقوق الإنسان، فإن موكلي من الأشخاص الذين لا يمكن ترحيلهم، فمن جميع النواحي والجوانب لا يمكن ترحيله.
وختم المحامي بيانه بأنّه يوجد في تركيا 3.5 مليون ضيف سوري واتخاذ قرار إداري بهذا الأسلوب بحق صحافي يحاول إيصال صوتهم سيكون سبباً لجرح عميق بداخلنا، والأهم من ذلك بأنه سيدفع ثمنها حياته لذلك نؤمن من أعماقنا بأن العدالة ستتجلى.
يُذكر أنّ بيان المحامي جاء قبل يومٍ واحد من قرار السلطات التركيّة نقل “ماجد شمعة” إلى مدينة غازي عنتاب.
وكانت السلطات التركية اعتقلت “ماجد شمعة” مساء يوم السبت 30 تشرين الأول وذلك بعد تصويره لحلقة من برنامج سوريلي بوب الذي يُبثُّ على قناة أورينت، وتناول قضيّة الموز التي أثارت جدلاً واسعاً في تركيا.