رفضت أغلبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (15 دولة) قرار روسيا الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرقي أوكرانيا، وتحولت جلسة المجلس إلى منصة لتوجيه الانتقادات إلى موسكو، ومطالبتها بالعودة لطاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمي للأزمة.
وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة -بناء على طلب أعضائه الغربيين- اجتماعا علنيا طارئا اليوم الثلاثاء 22 شباط، لمناقشة قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.
ووصفت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد ادعاء الرئيس بوتين بأن قواته التي أمرها بالتوجه إلى شرقي أوكرانيا هي لحفظ السلام بأنه مجرد “هراء”.
وقالت السفيرة خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن لبحث أزمة أوكرانيا “نعرف ما حقيقتهم”، وجاءت تعليقاتها بعدما أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وحفظ السلام روزماري ديكارلو عن “أسفها” لنشر جنود روس في الجمهوريتين الانفصاليتين.
أما السفيرة البريطانية باربرا وودوارد فقالت إن المجلس يجب أن يكون متحدا في حض روسيا على “خفض التصعيد واحترام التزاماتها”.
وأضافت “لقد جرتنا روسيا إلى حافة الهاوية.. نحض روسيا على التراجع إلى الوراء”، في حين اعتبر مارتن كيماني سفير كينيا أن الخطوة الروسية “انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا”.
وأعلن بوتين -مساء أمس الاثنين- اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك، ووقع على مرسومين باعتراف روسيا بالجمهوريتين، طالبا من البرلمان الروسي الاعتراف الفوري بهذا القرار.
ودخلت قافلات عسكرية روسية الليلة الماضية إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وذلك بعد ساعات من قرار بوتين الاعتراف بهما جمهوريتين منفصلتين عن أوكرانيا.
من جهة أخرى، قال مندوب روسيا في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا إن المواقف الدولية توحي بأن اعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك خطوة مفاجئة، ولكن هذا غير صحيح.
وأضاف المندوب الروسي أن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك أعلنتا استقلالهما عام 2015، لكننا اعترفنا بهما اليوم فقط.
وقال إن الوضع في شرقي أوكرانيا تفاقم، وشهدنا قصفا للمناطق السكنية في دونيتسك ولوغانسك، مشيرا إلى أن نحو 60 ألف شخص فروا من دونباس إلى داخل روسيا بسبب القصف الأوكراني.
وأكد أنه من واجب روسيا حماية المدنيين الروس في أوكرانيا، وذلك أهم من تهديدات الدول الغربية.
من جهته، قال المندوب الأوكراني في مجلس الأمن إنهم طالبوا بهذا الاجتماع الطارئ للفت الانتباه إلى القرار غير المشروع للرئيس الروسي.
وأضاف أن حدود أوكرانيا كانت وستبقى دون أي تغيير بصرف النظر عن الخطوات التي أعلنتها روسيا.
وقال المندوب الأوكراني “اليوم، قام الكرملين بنسخ ولصق مرسوم جورجيا لعام 2008 كلمة بكلمة”.
وأضاف ساخرا “لا يوجد إبداع على الإطلاق، آلة النسخ في الكرملين تعمل بشكل جيد للغاية”.
وكانت روسيا التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن منذ بداية فبراير/شباط الجاري، تريد عقد جلسة مغلقة، لكن الولايات المتحدة عارضت ذلك.
اعتداء على أوكرانيا
قال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن إرسال بوتين قوات حفظ سلام إلى دونيتسك ولوغانسك اعتداء صريح على أوكرانيا، وانتهاك لوحدة أراضيها وسيادتها.
وقال بوريل إن على مجلس الأمن الدولي أن يجتمع في أسرع وقت ممكن لمواجهة تداعيات التطورات الأخيرة في أوكرانيا.
وقد كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) وجود جنود روس من دون شارات ورتب عسكرية وعشرات الآليات العسكرية على بعد 60 كيلومترا من الحدود الأوكرانية.
كما نقلت صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية عن مسؤول أوروبي رفيع أن بوتين يريد كامل أوكرانيا، وقد يكون الاعتراف مجرد نقطة بداية لتصعيد أكبر.
كما قال موقع “أكسيوس” (Axios) إن اعتراف بوتين بدونيتسك ولوغانسك هو على الأرجح خطوة أولى لعملية عسكرية واسعة.
انتهاك للسيادة
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن اعتراف روسيا بمن وصفهم بـ”المتمردين” انتهاك لسيادة بلاده.
وقال زيلينسكي في خطاب متلفز إلى الشعب الأوكراني، إن كييف تنتظر خطوات دعم حاسمة وواضحة من قبل شركائها. وأضاف أن بلاده تؤيد التسوية السلمية والدبلوماسية، مشددا على أن حدود أوكرانيا الدولية ستبقى كما هي.
كما دعا زيلينسكي إلى قمة طارئة لأعضاء صيغة نورماندي لبحث الإجراءات الروسية الأخيرة.
تعليق خط الغاز
في سياق متصل، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم الثلاثاء أنه قرر تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” مع روسيا ردا على اعتراف موسكو بالمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، فيما حذّر من عقوبات إضافية محتملة.
وأوضح شولتز أن الإدارة المختصة في وزارة الاقتصاد ستجري تقييما جديدا لأمن الإمدادات، مع مراعاة “ما تغير في الأيام الماضية”، وقال “في هذه المرحلة من المهم الآن، إلى جانب العقوبات الأولى، منع المزيد من التصعيد وبالتالي منع وقوع كارثة أخرى. كل جهودنا الدبلوماسية تهدف الى ذلك”.
وتم الانتهاء من بناء مشروع خط الأنابيب، لكنه كان ينتظر المصادقة التنظيمية من السلطات الألمانية قبل بدء توريد الغاز من روسيا إلى ألمانيا.
وتبلغ قيمة مشروع “نورد ستريم 2” 11 مليار دولار، وهو شبكة من الأنابيب التي تم مدها تحت بحر البلطيق من أجل نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، ومن المقرر أن يجري نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عبر هذا المشروع.
المصدر: الجزيرة نت ووكالات