رأت دراسة بحثية أن “إسرائيل” استثمرت بالتدخُّل الإيراني في سوريا لكي يُحقّق لها هدف القضاء على الثورة السورية، والإبقاء على نظام الأسد بحكم أنه الخيار المُفضَّل بالنسبة لها لجملةٍ من العوامل.
ومن أبرز تلك العوامل بحسب ما تشير الدراسة التي نشرها مركز الحوار السوري أن نظام الأسد يستخدم شعارات “المقاومة” و”الممانعة” دعاية ويسعى للاستمرار بتكريس نهج أبيه في الحفاظ على هدوء جبهة الجولان، وهذا ما ظهر أحد جوانبه بعد عملية “طوفان الأقصى” في غزة في تشرين الأول عام 2023، الأمر الذي يُفسّر عدم تدخُّل “إسرائيل” من البدايات لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.
وتضيف الدراسة أن سياسات طهران وتل أبيب أظهرت أنهما اشتركا بهدف واحد وهو الحفاظ على وجود نظام الأسد، ثم لاحقاً بدأت “إسرائيل” تشعر بأنه حان وقت تحجيم الوجود الإيراني (العسكري على وجه الخصوص) ولاسيما في الجنوب الغربي.
وتابعت الدراسة أن “إسرائيل” لم تستطع رغم عوامل القوة المرجِّحة لديها أن تحسم ملف التدخّل الإيراني لصالحها، أو تحقّق أهدافها العامة من ضرباتها المتواصلة، إذ لا تزال إيران حتى اليوم –بعد التكيُّف مع الضربات “الإسرائيلية”- تسيطر على أجزاء واسعة من الخريطة السورية، وتتمركز في مناطق تُشكّل حساسية بالنسبة إلى “إسرائيل”، مثل الجنوب الغربي من سوريا؛ ولعل هذا ما يُفسّر كثافة القصف “الإسرائيلي” في الآونة الأخيرة على مناطق في دمشق وريفها التي تُعد صلة الوصل إلى القنيطرة ودرعا.
من جانب آخر، أظهرت سياسة الرؤساء الأمريكيين الثلاثة تجاه الوجود الإيراني في سوريا – وفق الدراسة- أنها ارتبطت في بعض جوانبها بالملف النوويّ الإيراني، ويظهر ذلك قبل توقيع الاتفاق في 2015 وبعد انسحاب ترامب منه في 2018، في حين برز التخبُّط داخل الإدارات الأمريكية الثلاث في طرق التعامل مع إيران في سوريا بين المسارين السياسي والعسكري، وعدم اتخاذ خطوات حاسمة لكبح نفوذ إيران رغم علوّ سقف التصريحات والتهديدات، الأمر الذي أدى إلى إهمال هدف إخراج إيران من سوريا بشكل غير صريح من إداراتي أوباما وترامب، وبشكل صريح من إدارة بايدن.
ومن أبرز ما يمكن ملاحظته إزاء السياسة الأمريكية تجاه سوريا أن الولايات المتّحدة أحجمت في عهد أوباما عن تقديم دعم عسكري فعّال للمعارضة السورية المسلّحة كبديل محلّي وطني في مواجهة النفوذ الإيراني، وفي عهد ترامب أوقفت واشنطن جميع أنواع الدعم العسكري، وتواصل ذلك في عهد بايدن. في حين وجّهت الولايات المتحدة في إدارة الرؤساء الثلاثة مزيداً من الدعم لقسد بهدف وحيد “مُعلن” هو مكافحة تنظيم داعش، وليس مواجهة إيران، كما أن الضربات الأمريكية ضد إيران وميليشياتها في سوريا لم يكن بمبادرة من الولايات المتحدة، إنما كانت ردّاً على ضربات أو تحرّشات إيرانية، وفق الدراسة.
يذكر أن إسرائيل ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى في غزة كثفت من ضرباتها على المليشيات الإيرانية في سوريا، ما تسبب بمقتل العديد من عناصر وقادة المليشيات، بينما يكتفي نظام الأسد بالمتابعة وعدم إبداء أي موقف على الأرض سوى التنديدات المعتادة عند أي ضربة إسرائيلية.