دوليسياسة

هل بإمكان إيلون ماسك ومنصته إكس تحويل مصير الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

الملياردير المثير للجدل وعاشق الفضاء والتكنولوجيا الفائقة إيلون ماسك، دأب منذ فترة على  نشر مواقفه السياسية الشخصية على منصته، حيث يتابع حسابه أكثر من 200 مليون شخص.

 

مواقف تدعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب حتى أن صورته على حسابه الشخصي وهو يرتدي قبعة، كتب عليها شعار ترامب الشهير MAGA. وأغلب منشوراته الأخيرة تؤكد هذا الدعم وتنتقد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس وسياسة الإنفاق العام لإدارة جو بايدن والوعود الانتخابية لهاريس.

 

نقطة التحول؟

لم تكن علاقة إيلون ماسك بدونالد ترامب بهذه القوة في البداية. ماسك، الذي كان “ديمقراطي الهوى”، بدأ يبتعد شيئا فشيئا عن الديمقراطيين على خلفية اختلافات بينه وبين إدارة بايدن تتعلق بنقابات العمل التي يعارضها، كما أن شركاته كانت في مرمى تحقيقات فيدرالية أمريكية، والتي بحثت حتى في كواليس استحواذه على منصة تويتر التي غيّر اسمها إلى إكس.

 

وهو ما يعتبره متخصصون نقطة التحول في مواقف ماسك إذ بدأت منشوراته على هذه المنصة تقترب أكثر فأكثر من اليمين المتطرف ومن ترامب، وبدأت أيضا تروج معلومات مضللة ونظريات المؤامرة.

 

ونشر مؤخرا تغريدة فيها صورة مركبة لكامالا هاريس مرتدية زيا شيوعيا، استخدم خلالها الذكاء الاصطناعي واتهم المرشحة الديمقراطية بأنها ستحول الولايات المتحدة إلى فنزويلا في حال فوزها في انتخابات الرئاسة.

 

وفي 26 يوليو/تموز، أعاد ماسك نشر فيديو تضمن مقاطع من حملة كامالا هاريس، بصوت يقلد صوت المرشحة استخدم خلاله الذكاء الاصطناعي، وتهاجم فيه بايدن. استخدمت في الفيديو تقنية “الديب فايك” (التي تتمثل في صنع فيديوهات مماثلة للأصل إلا أنها مصطنعة، ما يعتبر مخالفة واضحة  لقواعد استخدام منصة إكس) وشوهد أكثر من 100 مليون مرة.

 

كما تتعرض منصة إكس باستمرار للاتهام بأنها تشكو من غياب مراقبة المحتويات. وكان ماسك قد أعاد لدونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حسابه الذي حذفه تويتر بعد الهجوم على مبنى الكابيتول من قبل أنصاره في 6 يناير/كانون الثاني 2021.

 

كانت العلاقة بينه وبين ترامب متوترة، حيث نصحه ذات مرة عبر تغريداته على إكس “بالرحيل إلى حيث تغرب الشمس، كراعي البقر الوحيد في فيلم وسترن”…وقال إنه سيدعم مرشح الجمهوريين الآخر رون دي سانتيس حاكم فلوريدا.

 

من جهته كان ترامب قد وصف ماسك بالمحتال، وكان من أشد المعارضين للسيارات الكهربائية التي يقول إنها باهظة الثمن وليست سريعة بما يكفي. وهو موقف لا يخدم مصالح صاحب شركات تسلا بكل تأكيد.

 

محاولة اغتيال ترامب، نقطة تحول جديدة؟

أفاد مقال في صحيفة نيويورك تايمز صدر في سبتمبر/أيلول أن الدفء بدأ يدب في أواصر علاقة ترامب بماسك في مارس/آذار، حين التقى الرجلان في بالم بيتش بولاية فلوريدا حيث كان دونالد ترامب يسعى إلى جمع الأموال لحملته الانتخابية. وأسر ماسك إلى مقربين منه أنه لن يكشف عن دعمه لترامب رغم أنه يساعده ماليا.

 

لكن ماسك تخلى عن هذا الموقف بعد محاولة اغتيال ترامب خلال تجمع في باتلر (ولاية بنسلفانيا) في يوليو/تموز وقرر على إثره إشهار دعمه للمرشح الجمهوري. ونشر على منصة إكس بعد لحظات من محاولة الاغتيال صورة لترامب مع تعليق مفاده “آخر مرة كان لدى أمريكا مرشح بهذه القوة كان ثيودور روزفلت.”

 

مصالح وتقارب إيديولوجي

دعم ماسك لترامب لا يقتصر على تغريدة فحسب حيث أعلن  موقع بلومبرغ أن ماسك التزم بدفع 45 مليون دولار شهريا لحملة المرشح الجمهوري خلال السباق الرئاسي.

 

وقد يرى ماسك في شخص دونالد ترامب المرشح الأكثر ملاءمة له من حيث تطبيق القوانين والتنظيم ولديهما توافق في وجهات النظر مع المرشح الجمهوري بخصوص العراقيل الإدارية مثلا، وتخفيف الضرائب الذي يعتبر من بين أبرز وعود ترامب الانتخابية. في حين أن الديمقراطيين يساندون تقليديا مسألة فرض ضرائب على الأغنياء واستغلال الأموال العامة لمكافحة عدم المساواة. وكان إيلون ماسك قد صرح بأن الحزب الديمقراطي يخضع “لسيطرة النقابات”.

 

أما فيما يتعلق بمسألة حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يبدو أن المعسكر الديمقراطي الممثل في شخص كامالا هاريس سيكون أكثر ملاءمة لماسك من ترامب.

 

وحذر ماسك خلال تجمع السبت في بالتر، الجماهير الحاضرة من أن “الآخرين يريدون سلبهم حرية التعبير والحق في حمل السلاح، داعيا إلى “التصويت كما ينبغي”. وكأنه بذلك يروج إلى أن ترامب هو الوحيد القادر على ضمان هذه الحقوق.

 

منصب في البيت الأبيض؟

كما أنه في ظل إدارة دونالد ترامب (2016-2020)، بدأت الشركات الخاصة مزاحمة الناسا خلال مهام فضائية لاستكشاف القمر وهو ما فتح المجال واسعا أمام شركة سبايس إكس للمشاركة في هذه المهام إضافة لمنافسين آخرين كبوينغ وحتى المنافس الشرس لماسك جيف بيزوس وشركته “بلو أورويغنس”. فالمناخ الاقتصادي والإداري مع ترامب سيكون أكثر تماشيا مع طموح ماسك في كل الحالات.

 

لا يتردد إيلون ماسك، الذي ينشر باستمرار تغريدات ونظريات قريبة من اليمين المتطرف، في إبراز مواقفه المناهضة “لإيديولجيا الووكيزم”، هذه النزعة التي تستهدف النضال من أجل حقوق الأقليات من مثليين ومتحولين جنسيا و تناهض العنصرية والتمييز. وهي نزعة تُذكر بموقف ترامب من هذا التوجه الإيديولوجي الأمريكي النشأة، كما أنهما يتفقان حول مواضيع حساسة كالإجهاض والهجرة والتحول الجنسي.

 

وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن اتفاق سري يصبح بموجبه ماسك مستشارا في البيت الأبيض في حال تم انتخاب ترامب. وكان الأخير صرح أوائل سبتمبر/أيلول بأنه ينوي تكليف ماسك بقيادة عملية “محاسبة” للحكومة الفيدرالية بأكملها في حال فاز في الانتخابات. وأكد أن ماسك “قبل” هذه المهمة. وأضاف ترامب: “عملا بنصيحة إيلون ماسك سأشكل لجنة حكومية مسؤولة عن إجراء تدقيق مالي للإدارة وتقديم توصيات للقيام بإصلاحات جذرية”.

 

حملة لجمع التبرعات

أعلن إيلون ماسك الإثنين على حسابه في إكس عن منصة لجمع التبرعات لحملة دوناد ترامب من خلال التشجيع على تبني ناخبين في الولايات المتأرجحة – “السوينغ ستايتس” -. وقال في تغريدة: “مقابل كل ناخب في ولاية متأرجحة تقوم بتبنيه تحصل على 47 دولارا. وهي أموال سهلة!”

 

وأصبح حساب ماسك يتضمن رابطا نحو الموقع الرسمي لصندوق دعم دونالد ترامب أسماه “السوبر باك”. وهناك عريضة تدافع عن “حرية التعبير”، موجهة لكل الذين يعيشون في الولايات المتأرجحة التي تعتقد أنها ستحدد هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

 

ما مدى قدرة منصة إكس على التأثير في الانتخابات؟

قال بوريس ماننتي، وهو خبير فرنسي في الشأن السياسي، في مقال نشره موقع “لاديباش الفرنسي”: “إنه من الصعب الجزم بقدرة موقع للتواصل الاجتماعي على تغيير منحى الانتخابات، ولو أنه من الممكن الحديث عن تأثير هذا الموقع، لكن بشكل محدود”.

 

وأضاف بأن منصة إكس ومنذ أن استحوذ عليها ماسك، أصبحت تقدم مساحة أكبر للأفكار المحافظة وتخضع لقدر أقل من الرقابة على المحتويات”. وتابع قائلا: “وبالرغم من أن منصة إكس أصغر من فيس بوك أو إنستاغرام، إلا أنها تبقى منصة ذات تأثير خصوصا لدى زعماء الرأي (…) يتمتع إيلون ماسك بقاعدة جماهيرية مخلصة، ودعمه لترامب قد يساعد في الحصول على دفع أكبر لرسائله. لكن يصعب التنبؤ بقدرته على كسب ناخبين جدد لصالح المرشح الجمهوري”.

 

وقد يكون نشر الأخبار المضللة وإعطاء مساحة أوسع لنظريات المؤامرة على منصة إكس، أدوات تخدم فعليا مصالح دونالد ترامب في الأمتار الأخيرة من السباق نحو البيت الأبيض. إلا أنه من الضروري الإشارة إلى أن منصة إكس تضم أقل عدد من المستخدمين في الولايات المتحدة حيث لا يتجاوز 25 مليون مستخدم في حين لدى فيس بوك 170 مليونا وأنستاغرام 190 مليونا.

 

ونشر موقع أن بي سي نيوز مقالا أكد خلاله أن عدد مستخدمي إكس في تقهقر مستمر. إلا أن استخدامها يبقى ورقة رابحة لماسك والمعسكر الذي ينتمي إليه لأن إكس هو موقع التواصل الاجتماعي المفضل لصناع القرار السياسي وللصحافيين وكل الأشخاص الذين  يديرون حملة انتخابية. ما يعني أن هذه المنصة تبقى من أكثر منصات التواصل الاجتماعي ديناميكية سياسية وفضاء للتفاعل.

 

فرانس برس

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى