قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو بينيرو، في كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن “عودة السوريين الخائفين من لبنان، بصورة مبررة، من الاضطهاد في وطنهم، يؤكد الخيارات الصعبة التي يواجهونها.
وأضاف أن العديد من النساء والأطفال شرعوا في رحلات محفوفة بالمخاطر إلى سوريا بمفردهم، بسبب الأنماط الموثقة جيداً للاعتقال التعسفي والتجنيد الإجباري وتجنيد الرجال في سن الخدمة العسكرية قسراً، فيما أفراد الأسرة الذكور البالغون فهم إما بقوا في الخلف أو لجأوا إلى المخاطرة بالسفر اعتمادا على المهربين”.
وكشف المسؤول الأممي أن لجنة التحقيق الدولية تحقق في تقارير عن تعرض السوريين العائدين من لبنان للإيذاء أو الاعتقال أو الوقوع ضحايا للابتزاز من قبل الجهات الفاعلة المسلحة العنيفة عند نقاط التفتيش في جميع أنحاء البلاد.
ودعا بينيرو جميع الجهات الفاعلة إلى “وقف فوري لهذه الانتهاكات التي تمارسها قواتها”، مؤكداً أن “الوقت حان للالتزام علناً بضمان احترام حقوق أولئك الفارين، بغض النظر عن أصلهم، وغرس الثقة في هذه الوعود من خلال توفير إمكانية الوصول للجهات الفاعلة الدولية في المجال الإنساني وحقوق الإنسان الذين يمكنهم المساعدة في ضمان الوفاء بهذه الوعود”.
وعن عودة اللاجئين السوريين، ذكر رئيس لجنة التحقيق الدولية أنه قبل الأزمة الحالية، أعرب 1.7 % فقط من اللاجئين عن نيتهم في العودة إلى سوريا على المدى القصير، مشيرين إلى مخاوف بشأن السلامة والأمن داخل سوريا بوصفها عقبات رئيسية.
وأشار بينيرو إلى التعليق المؤقت للنظام لشرط تحويل 100 دولار أميركي للسوريين العائدين عند دخولهم البلاد، وإلى دور مفوضية اللاجئين في مرافقتهم، لكنه حذّر في الوقت نفسه من “حواجز عديدة تعوق العودة الآمنة والطوعية”.
وتشمل هذه الانتهاكات استمرار قوات الأمن الحكومية في تعذيب وإخفاء المعتقلين أثناء احتجازهم على الرغم من أمر محكمة العدل الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باتخاذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها لمنع مثل هذه الانتهاكات.
وأكد رئيس لجنة التحقيق الدولية أن المناطق التي يسيطر عليها النظام ليست فقط غير آمنة، موضحاً أن المدنيون “يتعرضون لخطر العنف وطبقات متعددة من الانتهاكات من قبل هيئة تحرير الشام وفصائل من الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية”.
وفي 31 تشرين الأول، قالت “هيومن رايتس ووتش”، إن السوريين الفارين من العنف في لبنان يواجهون مخاطر القمع والاضطهاد على يد حكومة الأسد عند عودتهم، بما يشمل الإخفاء القسري، والتعذيب، والوفاة أثناء الاحتجاز.
وفي تقرير لها، قالت المنظمة إنها وثقت أربع اعتقالات بحق أشخاص عائدين خلال هذه الفترة، بينما أفادت مجموعات أخرى، منها “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، عن عشرات حالات الاعتقال الإضافية.
في العام 2024، توفي في ظروف مريبة رجلان سوريّان على الأقل كان قد تم ترحيلهما من لبنان وتركيا إلى سوريا في العام 2023 واحتجزتهما حكومة الأسد منذ حينها، بينما ما يزال اثنان آخران اعتُقلا في لبنان مخفيَّيْن قسرا منذ تسليمهما إلى سلطات الأسد في يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز، بحسب مصادر مطلعة للمنظمة.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يُجبر السوريون الفارون من العنف في لبنان على العودة إلى سوريا، حتى مع بقاء سوريا غير صالحة للعودة الآمنة أو الكريمة وفي غياب أي إصلاحات ذات مغزى لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح. الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا”.