دوليسورياسياسة

الوجود العسكري الأميركي في سوريا: بين محاربة داعش وإعادة ترتيب الأولويات

موقف غير واضح لإدارة ترامب بشأن سوريا

تظل سياسة الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تجاه الملف السوري غير واضحة، حيث لم تعلن حتى الآن عن موقف نهائي بشأن مستقبل قواتها المنتشرة في البلاد. وفيما تشير التصريحات الرسمية إلى استمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، فإن بعض المسؤولين داخل الإدارة يدفعون باتجاه انسحاب تدريجي، معتبرين أن الأولويات الأميركية يجب أن تتركز في مناطق أخرى مثل المحيط الهادئ.

السفير الأميركي السابق لدى سوريا، روبرت فورد، أكد أن مهمة القوات الأميركية لم تتغير، وهي “تعقب فلول داعش والتأكد من هزيمتهم”، لافتًا إلى أن الضربات الجوية ضد قادة التنظيمات الإرهابية ستظل مستمرة. في المقابل، أشار إلى أن بعض المسؤولين داخل البنتاغون يدعمون فكرة الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط، وإعادة نشر القوات في مناطق ذات أهمية استراتيجية أكبر.

تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا

بالتزامن مع هذه التوجهات، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية في سوريا، مستهدفة مواقع كانت تابعة للنظام السوري السابق، ووسعت نطاق عملياتها في هضبة الجولان. التطورات الأخيرة تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي عمّق وجوده العسكري حتى 25 كيلومترًا من العاصمة دمشق، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.

على الجانب الآخر، لا يزال الموقف الأميركي غير حاسم فيما يتعلق بالوضع الإسرائيلي في سوريا. فرغم أن بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية يدعمون استمرار العمليات الإسرائيلية ضد الفصائل المدعومة من إيران، إلا أن سياسة البيت الأبيض تتسم بالحذر، حيث صرح ترامب مؤخرًا بأن بلاده “ليست منخرطة في سوريا” وأن لديها قضايا داخلية أكثر إلحاحًا.

القوات الأميركية ومصير “قسد” في سوريا الجديدة

إلى جانب العمليات العسكرية ضد داعش، تبرز قضية دعم القوات الأميركية لـ قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تلعب دورًا محوريًا في تأمين مراكز الاحتجاز الخاصة بمقاتلي التنظيم. وتتمركز القوات الأميركية في الحسكة، القامشلي، والشدادي، حيث توفر الدعم اللوجستي والتدريب لـ”قسد”، بهدف منع داعش من إعادة تشكيل نفسه.

مع ذلك، فإن التوترات العسكرية مع تركيا تضيف تحديات جديدة إلى هذا المشهد، حيث تواصل أنقرة تهديداتها بشن عمليات ضد الفصائل الكردية في الشمال السوري. وأشارت تقارير استخباراتية إلى أن أي تراجع أميركي عن دعم “قسد” قد يؤدي إلى فراغ أمني، يزيد من احتمالات هروب المعتقلين المنتمين لتنظيم داعش من مراكز الاحتجاز، مثل مخيم الهول الذي يضم أكثر من 40 ألف محتجز.

التحديات المرتبطة بالانسحاب الأميركي

يظل قرار الانسحاب الأميركي من سوريا ملفًا شائكًا داخل الإدارة الأميركية، حيث يحذر خبراء عسكريون من أن أي انسحاب متسرع قد يؤدي إلى عودة التنظيمات الإرهابية، كما قد يترك الساحة مفتوحة أمام روسيا وإيران لتعزيز نفوذهما في البلاد.

تُظهر تجارب سابقة، مثل الانسحاب الأميركي من أفغانستان، كيف يمكن أن تؤثر هذه القرارات على مصداقية واشنطن في المنطقة، وهو ما يجعل صانعي القرار أكثر حذرًا عند التعامل مع الملف السوري. ويشير بعض المسؤولين إلى أن أي خطوة تتعلق بانسحاب القوات الأميركية يجب أن تكون مرتبطة بضمانات واضحة من القيادة السورية الجديدة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى