مخيم بدائي بني على عجل وسط الأراضي الزراعية الحمراء في منطقة “جامعة الخليج” بالقرب من المحمية الزراعية “الإيكاردا” التابعة لناحية “تل حديا” بريف حلب الجنوبي، مخيم حاله كحال عشرات التجمعات في القرى الخارجة عن سيطرة النظام بالريف الجنوبي.
تعيش أكثر من “مئتين وخمسين” عائلة نازحة من قرى ريف حلب الجنوبي التي كانت قوات الأسد قد سيطرت عليها في وقت سابق، في هذا المخيم الذي يفتقر لكل ما هو مرتبط بالحياة، حتى الخيام الصالحة للمبيت، وتحت رحمة القصف المتقطع الذي يستهدف المنطقة.
“أبو أمين” نازح من منطقة الحص بعد تقدم قوات الأسد وسيطرتها عليها العام الماضي، افترش العراء في مخيم “ايكاردا” الذي بني بعد موجة النزوح التي نتجت عن تقدم قوات نظام الأسد، وسيطرتها على مناطق “الحص وتل الضمان وقرى في المطخ” أو مايعرف بمناطق “شرق سكة الحجاز”، وصف لوطن إف إم واقع الحال الذي يعيشه قاطنو المخيم “منذ سنة لم يأت أحد للسؤال عن أوضاعنا وأحوالنا، لامنظمات إنسانية تقدم المساعدات، ولامؤسسات تقدم خيام بديلة عن الأكياس التي نسكنها، كل شيء معدوم، مياه الشرب، الطعام، الأدوية والخدمات، نحن نعيش في مكان معدوم وفي حال احتجنا لشيء ما نضطر للذهاب إلى القرى القريبة لشرائه”.
وأضاف “طلبنا أن تنقل الخيام إلى منطقة أفضل بحيث تكون معبدة على الأقل، فمع كل عاصفة أو هطول للأمطار تتحول أيامنا إلى جحيم، الأرض حمراء زراعية ولاطريق يصلنا بالقرى المجاورة إلا طريق “دمشق_حلب” الدولي، وهنا يجب علينا المسير على التراب لنصل إليه”، مشيراً إلى أن “هذه الأرض تعتبر محمية زراعية ومكان للأبحاث الزراعية الخاصة بالبذار منذ سنوات طويلة، والعيش عليها يحولها إلى أرض جرداء لاتصلح للزراعة”.
وأوضح “أبو أمين” أنه “لاشيء يمكن فعله للتخفيف من معاناة الشتاء، كل أسبوع أو اثنين عاصفة ومع كل عاصفة تتطاير خيامنا، وعند نزول الأمطار تغرق الخيام وتتحول إلى برك من الطين، أما بالنسبة إلى التدفئة فنقوم بجمع عيدان الحطب ونشغلها خارج الخيمة حتى تتجمر ثم ندخلها لنتدفأ عليها”، مضيفاً “هذا هو واقع المخيم باختصار”.
من جهته أكد الناشط الإعلامي “محمد الحسين” لـ”وطن إف إم”، “أن “قاطني المخيم والذين يتجاوز تعدادهم “التسعمئة” نازح، يعانون أوضاعاً معيشية قاسية وظروفاً إنسانية مزرية، في ظل انعدام الخدمات والمساعدات الإغاثية للمقيمين، فضلاً عن غياب المراكز الطبية ونقص الأدوية، الأمر الذي تسبب في تفشي الأمراض بين المقيمين مثل “الالتهابات الداخلية”، والأمراض التي تسببها الحشرات الناقلة مثل “اللشمانيا والقمل”.
وأردف الحسين أن “أوضاع النازحين تدهورت، فالخيام غير قادرة على حمايتهم من الأمطار، ولايوجد مواد تدفئة موزعة للنازحين، إضافة إلى انتشار حفر الصرف الصحي البدائية في محيط المخيم، والتي تعتبر المسبب الرئيسي للأمراض المعدية والخطيرة، فضلاً عن انتشار البرك الطينية، وجرف السيول للخيام في كل مرة تشهد المنطقة هطولاً للأمطار”.
ووصف “الحسين” غياب المنظمات الإنسانية عن المنطقة “بالأمر المخجل والغير مبرر”، خاصة وأن المخيم يغرق بالسيول والوحل مع كل عاصفة.
وتعتبر منطقة “إيكاردا” التابعة لناحية “تل حديا” بريف حلب الجنوبي، محمية زراعية يشرف عليها “المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة” والذي يرمز له باسم “إيكاردا”، وتأسس المركز عام “1977” ويتخذ من ريف حلب الجنوبي مقراً رئيسياً لفروعه الموزعة على خمسة عشر دولة حول العالم.
ويضم المركز بنك الجينات الخاص بإيكاردا، وهو من أهم البنوك الجينية الزراعية في العالم، وقد تم نقله إلى دول إقليمية مجاورة، بعد عملية إجلاء للموظفين والعاملين ضمن المقر الرئيسي، ونقلهم للبيانات الخاصة ببنك الجينات إلى بنك جينات “سفالبارد” في النرويج، نتيجة المعارك والقصف الذي تشهده مناطق ريف حلب الجنوبي.