نفى الضابط المنشق عن استخبارات نظام الأسد العقيد أنور رسلان خلال جلسة لمحاكمته في ألمانيا تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتعرّض بالضرب والتعذيب لمعتقلين.
وجاء في إفادة مكتوبة تلاها محاميه في المحكمة أمس الاثنين 18 أيار، أن موكله أنور رسلان البالغ 57 عاما “لم يتعرّض بالضرب أو التعذيب” لسجناء في “فرع الخطيب”، وهو مركز توقيف تابع للمخابرات العامة بنظام الأسد في دمشق.
وحسب “فرانس برس”؛ بدا رسلان الذي جلس خلف لوح زجاجي في إطار تدابير الوقاية من فيروس كورونا، شديد التركيز خلال قراءة محامييه مايكل بوكر ويورك فراتسكي بيانه الذي استغرقت تلاوته 90 دقيقة.
ورسلان متّهم بالإشراف على قتل 58 شخصا في “فرع الخطيب” وتعذيب أربعة آلاف آخرين.
وقال رسلان إنه “لم يتصرّف يوما بلا إنسانية” ولم يعذّب سجناء بل “ساعد في تحرير” معتقلين كثر كانوا قد أوقفوا بعد الثورة السورية.
وردا على اتّهامات ساقها ضده شهود نفى رسلان مرارا أي مسؤولية بخاصة في ما يتعلّق بالاغتصاب. وقال “إنه مخالف لأخلاقنا ومخالف لديننا”، مضيفاً: “أنأى بنفسي عن أعمال كتلك إن ارتُكبت”.
والمحاكمة الجارية في محكمة كوبلنس هي الأولى في العالم التي تنظر في انتهاكات منسوبة إلى نظام بشار الأسد.
وتجري محاكمة رسلان ومتهم آخر هو اياد الغريب في ألمانيا عملا بمبدأ “الولاية القضائية العالمية” الذي يسمح لدولة ما بمقاضاة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان وقوع جريمتهم.
و”الغريب” متّهم بالتواطؤ في جريمة ضد الإنسانية لمشاركته في توقيف متظاهرين تم اقتيادهم إلى السجن نفسه، بين الأول من أيلول/سبتمبر و31 تشرين الأول/أكتوبر 2011.
وهي المرة الأولى التي يتحدّث فيها رسلان علنا عن الجرائم المتّهم بها، والتي يعتقد أنها ارتُكبت في السجن بين 29 نيسان/أبريل 2011 و7 أيلول/سبتمبر 2012.
وكانت النيابة العامة قد اتّهمت في افتتاح المحاكمة رسلان بالإشراف على عمليات “اغتصاب وانتهاكات جنسية” و”صعق كهربائي” وضرب بـ”القبضات والأسلاك والسياط” و”حرمان من النوم” في السجن.
وعمل رسلان على مدى 18 عاما في مخابرات الأسد، حيث ارتقى في المناصب ليصبح قائدا لقسم التحقيقات في الفرع 251 التابع للمخابرات، وفق محقق ألماني أدلى بشهادته في اليوم الثاني من المحاكمة.
ويقول رسلان إنه انشق عن النظام وغادر سوريا في أواخر العام 2012، ووصل إلى ألمانيا في 26 تموز/يوليو 2014 في إطار برنامج لاستقبال اللاجئين السوريين الذين يحتاجون الى حماية خاصة.
وقال إنه “لم ولن يتغاضى” عن انتهاكات النظام وإنه شعر “بالأسف والتعاطف” مع الضحايا.
ويتوّقع مراقبون حسب “فرانس برس” أن تستمر المحاكمة لنحو عامين، علما أن المحكمة ستبدأ الاستماع لشهادات الضحايا في تموز/يوليو.
وبحسب النيابة العامة، فإن الضحايا تعرّضوا للجلد والصعق الكهربائي والحرق بالسجائر والضرب على أعضائهم التناسلية، كما تم تعليق البعض بمعصميهم “بحيث لا يلامسون الأرض إلا برؤوس أقدامهم” و”استمرّ ضربهم في هذه الوضعية”.
ويقول فولفغانغ كاليك الأمين العام لـ”المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان”، المنظمة غير الحكومية الألمانية التي تقدم الدعم لـ17 ضحية في المحاكمة، إن رسلان كان يصدر الأوامر في القسم الذي يقوده ولم يكن مجرّد متلق للأوامر أو منفّذ لها، وقال كاليك: “لا نعتقد أنه أدى دورا بسيطا”.
وأكد المدعي العام جاسبر كلينغه أن رسلان “كان يعلم حجم أعمال التعذيب” التي كانت ترتكب في المركز الذي يشرف عليه لانتزاع “اعترافات ومعلومات حول المعارضة السورية”.