تم اختيار مدينة بندر سيري بيغاوان، وهي عاصمة سلطنة بروناي، عاصمة للثقافة الإسلامية عن منطقة آسيا للعام 2019، وسيتم الاحتفاء بذلك من خلال فعاليات ثقافية وأكاديمية، أهمها معرض بندر سيري بيغاوان للهندسة المعمارية والآثار، والمعرض الإسلامي الدولي الثاني، ومعرض التصوير والرسم للقدس الشريف.
وجاء ذلك الترشيح خلال المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة في مسقط في سلطنة عمان، وهو ما يشكل مناسبة للتعريف باقي سكان العالم الإسلامي بسلطة بروناي دار السلام، التي تعتبر أقدم دولة ملاوية مستمرة حتى الآن، وبالدور المركزي الذي لعبه الإسلام في البلاد منذ أن اعتنق الإسلام أول حاكم للبلاد أوانغ أليك بيتار (سلطان محمد شاه) عام 1402
وبندر سيري بيغاوان هي عاصمة البلاد وأكبر مدينة فيها، وثلثا سكانها من الملاويين المسلمين، وبعضهم من أصول حضرمية، ويتكلمون اللغة الملاوية التي تعتبر لغة البلاد الرسمية، وتنتج المدينة الأقمشة والأثاث والخشب، وتحظى بموارد نفطية وغاز طبيعي.
ويتجلى أثر الإسلام في البلاد منذ تأسيسها، فقد تم قبول العلماء القادمين من الشرق الأوسط في مجتمع البروناي وبناء أول المساجد. وفي عهد السلطان بولقية، السلطان الخامس بروناي (1485-1524 م)، وسعت بروناي نطاق نفوذها إلى جزيرة بورنيو بأكملها.
ومع تأسيس قانون بروناي المعروف باسم “حكم قانوني بروناي” في عهد السلطان محمد حسن (1582-1589 م)، عملت السلطنة على تطبيق الشريعة الإسلامية في حكم الدولة وتقاليدها وإدارة مواردها.
ومع تغير مركز المدينة من كوتا باتو إلى المستوطنات المائية في كامبونج آير (قرية المياه)، أصبحت كامبونج آير مركز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا يزال بوسع الزائر رؤية أسماء القرى التي تصور الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تتمتع بها من قبل.
وفي عام 1906، انتقل مركز البلاد من مستعمرات الماء إلى الأرض اليابسة. وبدأ التطور والازدهار الحديث، وفي عام 1952 بدأ السلطان عمر علي سيف الدين الثالث تحديث بندر بروناي (مدينة بروناي). واكتسب لقب مهندس بروناي الحديث.
واستمرت بروني تاون في التطور كمركز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تم تطوير البنية التحتية الإسلامية التي تشمل مسجد السلطان عمر علي سيف الدين، وإنشاء قسم الشؤون الدينية الحكومي، وإنشاء المدارس الدينية الإسلامية.
وكانت بروناي محمية بريطانية وتعرضت كذلك للاحتلال الياباني، وأعلنت بروناي دستورا جديدا، وخاضت ثورة مسلحة ونالت استقلالها من بريطانيا في الأول من يناير/كانون الثاني 1984. وأصبحت دولة صناعية حديثة، وتحتل رتبة متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية والناتج المحلي الإجمالي للفرد.
ووافق السلطان حاج حسن البلقية معز الدين والدولة على تغيير اسم مدينة بروناي إلى بندر سيري بيغاوان يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 1970.
وينص إعلان الاستقلال على أن جلالة السلطان حاجي حسن البلقية معز الدين والدولة هو المنفذ الإسلامي والقانون الإسلامي في بروني دار السلام. وفي 1 يناير/كانون الثاني 1984، أعلن السلطان أن بروناي دار السلام ستكون دومًا ملكًا إسلاميا ملاويا مستقلا وديمقراطيا وذا سيادة، ويؤيد السلطان التعاليم الإسلامية وفقا لأهل السنة والجماعة (على المذهب الشافعي) بحسب إعلان الاستقلال.
وبذلت السلطنة جهودا لتعزيز وتقوية الروح الإسلامية في البلاد مثل إنشاء كلية المعلمين في سيري بيغاوان عام 1972 ومعهد تحفيظ القرآن عام 1993. ومعهد سلطان عمر علي سيف الدين للدراسات الإسلامية عام 1999، وحظر الخمر عام 1990، وإنشاء البنوك الإسلامية عام 1991، ومشروع مصحف بروناي دار السلام في عام 1992، وتطبيق قانون العقوبات الشرعي عام 2014.
المصدر: الجزيرة