ناقشت حلقة “تحت المواطنة” ملف الكورد السوريين والدور الذي تلعبه شخصيات وجهات عدة في هذا الملف، وواقع الأكراد في ظل التجاذبات الدولية ومواقف الأكراد بشأن الانفصال عن سوريا، وطريقة تعامل نظام الأسد الأب والابن مع القضية الكردية.
واستضافت الحلقة رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين “عبد العزيز تمو”، والسياسي السوري الكردي “رديف مصطفى”، كما أجرت استطلاعاً للرأي بين شريحة من السوريين لمعرفة رأيهم بشأن القضية الكردية.
وقال “تمو” إن النسبة الكبرى للكرد السوريين في محافظة حلب، حيث هناك مدن بغالبية كردية مثل عين العرب وعفرين وأحياء عدة في مدينة حلب، لافتا إلى أن الكرد في الحسكة لا يتجاوزون 35 %، وأشار إلى أنه لا توجد إحصائيات عرقية دقيقة في سوريا وإنما هي أمور تقريبية، وعدد الكرد تقريباً حوالي مليون و300 ألف نسمة متوزعين في مختلف المحافظات السورية، وشدد على أنه لا يوجد شيء اسمه “كردستان سوريا”.
وأشار “تمو” إلى أن الاختلاف حول الوجود الكردي في سوريا من أكبر الأخطاء التي يقع بها البعض، لافتاً إلى أن محافظة الحسكة لم تكن مأهولة قبل 200 عام، ولم تكن هناك قرى ومدن بل مجرد مراعي، فالقبائل كانت تأتي لترعى إبلها ومراعيها في مناطق الحسكة، وبالتالي هذه المدن لا وجود لخلاف عليها، فهي ليست كردية بالمطلق وليست عربية بالمطلق.
ولفت تمو إلى أن الأكراد جاؤوا إلى سوريا عبر طريقين؛ الأول عبر الهجرة الأولية أيام فتوحات القائد الإسلامي الكردي “صلاح الدين الأيوبي”، حيث رافقه العشرات من القبائل الكردية في فتوحاته وعاشوا في سوريا بمناطق مختلفة، أما الطريق الثاني وبعد اتفاقية سايكس بيكو انقسمت القبائل الكردية إلى نصفين؛ نصف في سوريا والنصف الآخر في العراق وتركيا، مايعني أن هذا الوجود ليس وليد اللحظة كما يدعي البعض أن الأكراد مهاجرون من تركيا قبل 50 سنة.
وذكّر “تمو” بما حدث للشيخ “سعيد الكردي” أثناء عهد “أتاتورك”، لافتا إلى أن الشيخ سعيد كانت ضد تقسيم الدولة العثمانية وقام بثورة إسلامية بحت وليس كردية، وكان “أتاتورك” يرفض أي دعوة تؤيد قيام السلطنة من جديد، فقام بقمع الثورة الإسلامية وأُعدم الشيخ سعيد مع مجموعة من رفاقه من رجال القبائل الذين كانوا معه بين أعوام 1923 إلى 1926.
وتطرق “تمو” إلى اتفاقية “سيفر” عام 1920، حيث ذُكِرَ فيها اسم “كردستان” لأول مرة في المجتمع الدولي، ولم تكن هناك معروفة آنذاك حدود الدولة وجغرافيتها وإنما فقط ذكر بالاسم أن هناك “كردستان”، لكن اتفاقية “لوزان” عام 1923 أنهت هذه الاتفاقية، وبالتالي أنهت الحلم بتشكيل دولة كردية، وأكد “تمو” أن الكرد تعرضوا للظلم أكثر من باقي المكونات، لافتا إلى أنهم “شعب وأمة وليسوا أقلية يحلمون بدولة ولهم الحق في ذلك، لكن الحلم شيء والواقع شيء آخر، سايكس بيكو أنهت الحلم إطلاقاً بتقسيم الكرد إلى 4 دول”.
من جانبه.. قال السياسي السوري الكردي “رديف مصطفى” إن الأكراد في سوريا كما هو حال شعوب المنطقة يبقى حلم الدولة لهم مشروع مستقبلاً، إلا أن الظروف الإقليمية والدولية لا تسمح بإقامة دولة كردية، مشدداً على أن الأكراد السوريين مكون أساسي من مكونات الشعب السوري وشاركوا في تأسيس الدولة السورية، مضيفاً : ” ومن مصلحة السوريين أن يكون هناك مقاربة وطنية لشكل الدولة واستعادة دولة المواطنة”.
وتابع “مصطفى” أنه ينبغي على الأكراد السوريين استعادة سورية كدولة وأن تكون هناك مساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع كي يتم التخلص من الظلم، مشيرًا إلى أن الأكراد ظُلِموا مرتين مرة، الأولى لأنهم سوريون والثانية لأنهم أكراد حيث تعرضوا لظلم مضاعف، مضيفاً : “ومن مصلحة الأكراد الانخراط في عملية التغيير، لأن الأسد حكم سوريا 50 سنة وأبقى كل مشاريع العنصرية بحق الأكراد وظلمهم بشكل مضاعف”.
وشدد “مصطفى” على أنه وبعد رحيل النظام يمكن التعايش بكل سهولة بين مكونات السوريين، رغم أن هناك قوى تعمل على زيادة التوتر، لافتا إلى أن النظام هو المسؤول عن تهميش وإلغاء الهوية الوطنية، وحاول بناء هوية قسرية على حساب تفكيك البنى الاجتماعية وخلق صراعات بين الريف والمدينة وبين الكردي وغيره.
وحول الحقوق الثقافية للكرد قال مصطفى إنها “ليست منحة من أحد أو منحة سياسية هي حق من الله وحق ملاصق للإنسان قبل موضوع الدولة والقوانين، الأكراد والتركمان والآشوريون لهم الحق في ثقافتهم، ويمكن لهم التحدث بلغتهم إلى جانب العربية”.
ولفت “مصطفى” إلى أن الصراع في سوريا هو صراع ضد الاستبداد وليس على الجغرافيا، مردفاً : “المشكلة كانت ولا تزال في نظام البعث الذي ادعى العروبة وليس عربي، وادعى الإسلام وهو طائفي، وادعى الحرية وهو قمعي، وبالتالي هذا النظام خلق المشاكل الأساسية” .
وأشار “مصطفى” إلى أنه وبعد الثورة دخلت أجندات غريبة على الأكراد السوريين، تخص حزب العمال الكردستاني في لعبة لعبها النظام وإيران، وذلك بتحييد الأكراد عن الثورة وتوجيه أنظارهم نحو تركيا، وبالتنسيق مع نظام الأسد تم تسليم غالبية المناطق ذات الغالبية الكردية إلى هذا الحزب”، ولفت إلى أن “موضوع الانفصال على مستوى أكراد سوريا غير مطروح لأن الأكراد لديهم ظروفهم الخاصة، وبالتي هذا الخيار كخيار سياسي غير وارد، الانفصال انتحار سياسي وغباء سياسي يؤدي إلى التوتر بين مكونات الشعب السوري” .
وأضاف “مصطفى” أن النظام السوري مسؤول عن العنصرية ضد الأكراد رغم أنها لم تلقى رواجاً ، لأن علاقة السوريين مع الكرد علاقة محترمة بالرغم من عمل النظام بشكل منهجي على تطبيق مشاريع عنصرية ضد الأكراد.
وأجرت الحلقة استطلاعاً للرأي بين عدد من السوريين الذين أشار بعضهم إلى أن هناك من الأكراد في سوريا من يطمح لقيام حكم فيدرالي أو يسعى للانفصال وتأسيس دولة مستقلة عن سوريا، لكن البعض الآخر رأى أن الأكراد لا يؤيدون الانفصال ويطالبون ببلد حر وتعددي.
ورأى رئيس رابطة المستقلين الكرد “عبد العزيز تمو” أن عبد الله أوجلان يسعى لتشكيل جمهورية على الأراضي السورية ويحتل حزبه الآن نحو 28 % من الأراضي السورية بما فيها مناطق لا وجود للكرد فيها مثل دير الزور، مضيفاً: ” وتأسيس تلك الجمهورية لغاية في نفسهم وليس حباً بالكرد السوريين، وإنما ليشكلوا ورقة في يدهم للتفاوض مع الدولة التركية”، لافتا إلى أن موضوع الانفصال عززته الأحزاب الكردية لدى فكر المواطن السوري الكردي، وهذه الأحزاب استثمرت لمصالح غير سورية، مضيفاً : “ولا يمكن المقارنة بين محور أربيل ومحور قنديل، لأن الأخير مصنف على لوائح الإرهاب العالمية وارتكب مجازر وهجر الكرد والعرب”، وشدد “تمو” على أن تركيا ليست عدوة للسوريين الكرد، وإنما نظام الأسد هو من زرع الأحقاد ضد المكونات بين بعضها.