نشرت مجلة “سلايت”، في نسختها الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول تداعيات العقد المبرم بين نيمار ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي. وتجدر الإشارة إلى أن تأثير اللاعب وحضوره القوي على مواقع التواصل الاجتماعي، ودوره في استقطاب المعجبين جعله صاحب اليد العليا، وليس باريس سان جيرمان.
وقالت المجلة، إن العقد المبرم بين اللاعب البرازيلي ونادي باريس سان جيرمان قد دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بمبلغ قيمته 222 مليون يورو. ولكن عند العودة إلى بعض الحقائق الملموسة، يمكن القول إن نيمار هو من اشترى باريس سان جيرمان! وليس العكس.
في البداية، يمكن ملاحظة أن اللون الغالب في أول مباراة خاضها نيمار جونيور مع باريس سان جيرمان يوم 20 آب/ أغسطس ضد تولوز، كان اللون الأصفر، حتى يخطر في ذهن المشاهد أن نادي العاصمة يلعب بالقميص الأصفر. ولكن، ليس هذا إلا إحدى إرهاصات التحاق نيمار البرازيلي بنادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
وأشارت المجلة إلى أن الحضور الكبير جدا والمسيطر لنيمار على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة على موقع إنستغرام، يفوق متابعي نادي باريس سان جيرمان. وبالتالي، سيجلب هذا العديد من محبي اللاعب، البالغ عددهم على إنستغرام فقط 80.5 مليون معجب، لمتابعة النادي الفرنسي، الذي لن يبلغ هذا العدد من المتابعين حتى لو جمع جميع متابعي لاعبيه على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت المجلة أن انتداب نيمار، جاء في هذا السياق، إذ يعتبر النادي الفرنسي متخلفا عن نظرائه من الأندية العالمية، مثل مانشستر يونايتد وبايرن ميونخ، في توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة مصالحه. وحيال هذا الشأن، يرى مديرو باريس سان جيرمان أن التحاق نيمار بالنادي قد يزيد من شهرة فريق العاصمة ويجعل العديد من محبي نيمار من متابعي باريس سان جيرمان.
تأييدا لهذه الفكرة، نقلت المجلة، ما قاله روون سايمونز في كتابه “بامبو غول بوستز” متحدثا عن الجماهير الصينية، “إن متابعي كرة القدم في الصين يشجعون العديد من الأندية المحلية ولا يترددون في التحول من محبة ناد إلى آخر. حتى أصبحت لا تكاد تجد محبا خالصا لناد واحد”.
وأفادت المجلة أن توظيف اللاعبين لخدمة أنديتهم بهذا الشكل ليس بالأمر الجديد على نادي باريس سان جيرمان. فقد سبق وأن وظف نادي العاصمة اللاعب السويدي زلاتان إبراهيموفيتش عندما انتدبه في سنة 2012، بعقد يتراوح بين 20 و25 مليون يورو، بغرض زيادة شهرة النادي بين الأندية العالمية المنافسة له.
وتجدر الإشارة إلى أن زلاتان لم يكن بقيمة نيمار اليوم، الذي يتمتع بآلة دعائية صلبة تقف خلفه، على خلاف السويدي في أيامه. وفي هذا السياق، قال المقتصد الرياضي بيار روندو: “من وجهة نظر رياضية يساوي نيمار زلاتان أس 10.”
كما بينت المجلة أن باريس سان جيرمان لم يكن النادي الأول الذي ينتهج إستراتيجية النمو السريع، فقد ساهم التحاق الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش برئاسة تشيلسي سنة 2003 في انطلاق عهد جديد من الإنفاق، مقابل الربح السريع. فقد أنفق الروسي الملايين من أجل جذب نجوم كرة القدم إلى ناديه الجديد، الذي ظفر بالعديد من الألقاب دون أن يكون له تاريخ عريق مماثل لنظرائه مانشستر يونايتد، وأرسنال أو ليفربول. أما اليوم فتشيلسي يتربع على عرش كرة القدم العالمية ويعتمد بشكل كبير على متابعيه الذين زاد عددهم بشكل كبير.
ونقلت المجلة ما ذكره الباحث سايمون كوبر في كتابه “المهاجمون الأغلى ليسوا هؤلاء الذين يسجلون الكثير من الأهداف”، حيث قال: “أشارت المؤسسة التجارية الرياضية سبورت + ماركت سنة 2008 إلى أن تشيلسي يمتلك 2.4 مليون متابع في بريطانيا العظمى، أي زيادة بنسبة 523 بالمائة في ا السنوات الخمس التي لحقت شراء رومان أبراموفيتش للنادي الإنجليزي.”
كما ذكرت المجلة أن انتداب نيمار يندرج في إطار السياحة الكروية. وفي هذا الإطار أورد بول دييتشي في كتابه “تاريخ كرة القدم”: “هناك سياحة كروية في طور النمو، وتعزف إسبانيا والمملكة المتحدة على هذا الوتر. فقد اشتريت بنفسي تذاكر لحضور مباراة ودية لبرشلونة قبل انطلاق الموسم منذ سنتين. وقد كانت نسبة الحضور من السياح في الملعب تقدر بنحو 70 بالمائة.”
وفي سياق متصل، أضاف دييتشي: “يمكن وصف هذا التطور بديزني لاند كرة القدم”. كما نشرت مجلة ليكيب، في عددها الصادر بتاريخ 18 آب/ أغسطس 2017، تقريرا بعنوان: “برشلونة هي ديزني لاند”، يشرح فيه كيف أصبح العملاق الكاليفورني مرجعا للنادي البلوغراني.
وفي الختام، قالت المجلة إن التوجه الجديد لعالم كرة القدم يتمثل في توظيف ثنائية “اللاعب والنادي”، حيث يتجاوز ثقل اللاعب ثقل النادي الذي يلعب فيه، ما يجعله يحظى بجاذبية اقتصادية هامة جدا تسيل لعاب الأندية الراغبة في انتدابه. ومن حضر مباراة باريس سان جيرمان وتولوز يلحظ أن نادي العاصمة قد غرق في عالم النجم البرازيلي.