بحثت الحلقة الأولى من برنامج “تحت المواطنة” في تاريخ سوريا الحديث ومكانة الأقليات فيه، وكيف كانت الأقليات السورية وما الدور الذي خُطط لها، وماذا حصل في حقبة الجلاء الفرنسي وصولاً إلى الفترة التي وصل فيها حافظ الأسد إلى الحكم في سوريا.
واستضافت الحلقة كلاً من زهير سالم مدير “مركز الشرق العربي للدراسات”، و المستشار القانوني مصطفى القاسم ، والحقوقي السوري هيثم المالح.
وقال زهير سالم إن الأقوام والملل كانت تنصهر في سوريا ولم يحصل التهجير إلا في عصر “التجانس” عصر بشار الأسد ، مشيرًا إلى أن أكثر السريان في سوريا قد انهصروا في المجتمع السوري وهم موجة من موجات الهجرة العربية.
وأضاف زهير سالم: “وبالرغم من أننا في عصر الإحصاء إلا أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لا في سوريا ولا في العراق، فهذه من أسرار الدولة وكم هي نسب الأقليات بالنسبة لغالبية المجتمع، وليس كل 5 أشخاص يأخذون لقب أقلية، وحتى المسحيين في سوريا ينقسمون في سوريا إلى 14 مذهب”.
وأضاف سالم أن “سوريا ليست بلد أقليات، وفيها هوية سائدة هوية كلية وهذا الكلام لا يعني أن هناك ظلم أو هضم حقوق، فالمواطنون متساوون بالحقوق والواجبات، بل تمتعت الأقليات في ظل حكم الأكثرية بوافر حقوقها، و الآن عندما انعكست الآلية أصبحت الأكثرية هي التي تبكي على حقوقها “.
ويضيف زهير سالم أن الأقليات موجودة منذ أكثر من 1500 سنة وأكثرها مصاحب للفتح الإسلامي وبقاؤها دليل على أنها كانت محمية ولو أنها تعرضت لأخطار ساحقة وإبادة كما يتعرض له الآن المسلمون في سوريا لما بقي منها أحد، مشيراً إلى أن قضية الأقليات لم تبدأ من البعث بل إنها أوجدت البعث نفسه، وتطرق إلى تشكيل التحالف الدولي في سوريا بعد نداء استغاثة من قبل 10 أيزيديين تعرضوا للاضطهاد – الذي يرفضه السوريون تجاه أي شخص كان -، لكن التحالف الدولي تشكّل بهدف غزو سوريا تحت هذه ذريعة حماية الأقليات، حسب رأيه.
ومن جانبه.. يرى مصطفى القاسم أن موضوع الأقليات في سوريا لم يكن مطروحاً بهذه المفاهيم وهذا المعنى، وحينما وُضِعَ دستور عام 1950 والفترة قبله كان هناك من الرموز من العمل التشريعي في سوريا مثل فارس الخوري وهو مسيحي في مجلس الشعب، وشخص ادعى الألوهية من أقلية قليلة يدعى “سليمان المرشد” واستطاع أن يكون عضواً في البرلمان ولم تكن المسائل تُعالج بهذا الشكل، بل كان هناك رشاق سياسي.
وأضاف أن في تلك الفترة نص الدستور على أن دين رئيس الجمهورية الإسلام، وكان هناك نص على أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع، وبغرض عدم إثارة نعرات تم إكمالها بنص على أن حرية الاعتقاد مصونة وتُحترم جميع الأديان السماوية وتُكفل حرية القيام بجميع شعائرها، شرط ألا يخل بالنظام العام وذلك في المادة الثالثة التي نصت على دين رئيس الجمهورية.
وتابع القاسم أنه قبل 2011 لم يكن هناك هذه الظاهرة بهذه الحدة ولم يكن هناك إثارة لمسألة الصراع بين الأقليات والأكثريات وما شابه من هذه المسائل، لكن النظام كان يترك هذه المسألة ويعمل عليها بحيث يستغلها في الوقت المناسب، وفي عام 2011 جاء وقتها بالنسبة له وكان مساهماً في صناعتها لكي يقول إن المسلمين سوف يجتثون العلويين، وهذا الشيء لم يكن في وارد تفكير المجتمع أبداً وأطلق النظام يد بعض المتشددين لكي يقول إن هذه المسألة قد بدأت.
وأما الحقوقي هيثم المالح فيرى أن “الاستعمار الفرنسي دعم الأقليات وبشكل خاص المسيحية وهذا أمر طبيعي لدى المستعمرين”، وبعد الاستقلال العهد الوطني لم يكن يميز بين مكونات المجتمع السوري سواء إثنية أو دينية، كما إن فارس الخوري ترأس البرلمان ثم مجلس الوزراء عدة مرات.
ويستدل المالح على عدم وجود قضية الأقليات من قبل بأن مصطفى السباعي مراقب عام للإخوان المسلمين كان في بعض الأحيان في يوم الجمعة يسهر عند حبيب كحالة وهو مسيحي وصديقه المقرّب، كما أن في باب شرقي بدمشق كانت هناك كنيسة قديمة موجودة حتى الآن، ومع تداعي الزمن باتت بحاجة للترميم، وساهم السباعي في ترميمها.
وأجرت وطن إف إم استطلاعاً للرأي في داخل سوريا كشف أن معظم السوريين لم يكونوا قبل 2011 ينظرون لوجود أقليات وأكثريات، بل كانوا شعباً متعايشاً لا يلتفت للأمور الطائفية، لكن نظام الأسد عمل على إذكاء الطائفية، وشدد السوريون في الاستطلاع على أنه يحق للجميع العيش في عزة وكرامة وبحقوق متساوية للجميع.