مقالات

خالد الشامي – السيسي والتدخل العسكري في سوريا

«فمنذ الثاني عشر من هذا الشهر، تعمل في قاعدة حماه الجوية وحدةٌ مصرية تضم 18 طياراً، ينتمون إلى تشكيل مروحيات بشكل خاص».

بعد ساعات قليلة من تصريح رئاسي مصري حول تأييد للجيش السوري في مكافحة الارهاب، وكان هذا واحدا من أحدث الأخبار حول الدعم العسكري المصري للجيش السوري، كما ورد أمس في صحيفة «السفير» اللبنانية.

وذهبت الصحيفة إلى قرب وصول عدد من القوات المصرية للمشاركة في الحرب السورية (وربما يرى البعض أنها موجودة هناك فعلا).

ومن المثير للغرابة حقا أن الصحيفة أشارت إلى أن هذا التطور في الموقف المصري حصل بعد أربعة أيام من كلام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي صرح في مؤتمره الصحافي بأنه يعتقد ان «الموقف المصري يحتاج الى تقدم في العلاقات مع سوريا» رغم وجود إشارات إيجابية في سياستها. وصباح أمس روسي صدر تعليق من مسؤول سياسي سوري نفى فيه وجود قوات أو أسلحة مصرية في الحرب السورية، معتبرا أن «الحكومة الروسية ليس لديها أي علم بشأن وجود عسكري مصري في سوريا». ومن البديهي أن الحكومة الروسية تكاد تتفوق على كافة الأطراف العسكرية والمخابراتية في سوريا، بما في ذلك من يحكمون في دمشق.

أما حقيقة الموقف المصري من القضية السورية فيمكن الإشارة إلى ما يلي:
أولا: أن مزاعم مشاركة 18 طيارا مصريا مع عدد كبير من القوات العسكرية في أي بلد يحتاج الى قرار صعب من المجلس الأمني المصري، ويتطلب موافقة سياسية وبرلمانية، وهو نفس ما حدث العام الماضي بالنسبة للمشاركة المصرية مع السعودية، نتيجة غياب البرلمان حينها. وهكذا فإن الحديث عن دخول مصر طرفا في الحرب السورية بعد أربعة ايام من تصريح لوزير الخارجية وليد المعلم بعيد عن الواقع. وكما قال عدد من المصريين أمس في تعليقات على تصريح عبد الفتاح السيسي «تستطيع أن تشارك في الحرب بنفسك، ولكن ليس الجيش أو الشعب)، وهذه إدانة واضحة لتصريحه الأخير ورفض لأي مشاركة مصرية مباشرة في الحرب السورية.

ثانيا- إن طبيعة الانتقاد «شديد الدبلوماسية» لمصر التي أشار إليها المعلم، لا تؤكد اشتراك الجيش المصري في الحرب السورية، ولكنه في الحقيقة يطالب باستعادة القاهرة علاقاتها السياسية مع دمشق.. وبكلمات اخرى فان حجم الحرب الروسية لم يعد يحتاج الى تدخل من دولة اخرى عسكريا.

وما يؤكده بعض الخبراء ان مساعدة عسكرية لسورية لم تعد مطلوبة من أحد، خاصة ان استعادة الجانب الشرقي من حلب اصبح يقترب من نهايته التي قد تدفع النظام الروسي لإنهاء الحرب أصلا، خاصة بعد فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية ولكن بقى الجانب السياسي الاكثر تعقيدا.

ثالثا- من الناحية الشعبية في مصر، فهناك شعور بضرورة الحفاظ على وجود الدولة السورية تفاديا لانتصار الارهاب.

وهكذا يبدو مقبولا تعاون أمني واسع وعلني لمواجهة الخطر الارهابي سواء من «داعش» أو غيره. ولم يعترض احد على زيارة علنية من رئيس التنظيم الامني السوري، ولكن هذا لا يعني دعم الرئيس السوري الحالي، ويتضح هذا بالتعاطف مع اللاجئين والمعارضين السوريين في مصر. وبكلمات اخرى فان مصر تؤيد المعارضة السورية الحقيقية وبالفعل استضافت عددا كبيرا من قيادات المعارضة وبحثوا علنا قضية إقالة الرئيس الأسد.

واخيرا فمن الغريب حقا ان يأخذ التدخل المصري العسكري في سوريا كل هذا الاهتمام، بينما الحرب الروسية الشاملة على سوريا لم تجد ردا عربيا أو إسلاميا حقيقيا ضدها، بل ان دولا قدمت مكافآت اقتصادية هائلة لروسيا رغم جرائمها التي تفوق
جرائم «داعش» نفسها ضد المدنيين السوريين.

رسائل خاصة

كان خبرا حقيقيا ما زعمته صحيفة مصرية قبل يومين حول «اتفاق للمصالحة مع النظام المصري من قيادات اخوانية في السعودية، وبمشاركة منها». فهل توجد قيادات اخوانية حقا في السعودية؟ وما مصلحة السعودية في تحقيق اتفاق كهذا وهي التي تكاد تجمد العلاقات مع مصر حاليا؟ وكيف دعمت السعودية إسقاط حكم الإخوان في 2013 ثم قررت اليوم مساعدتهم؟ والسؤال الأهم هل من عناصر اخوانية تجيب على اسئلة حول تصالح بعد انهاء أحكام بالإعدام والمؤبد ضد الرئيس المعزول مرسي وقيادات الجماعة؟

انه عصر الشيخ ميزو للأسف حقا، وقد أصبح محل اهتمام اعلامي واسع. وكأنه خيار افضل للنظام المصري الفاشل سياسيا واقتصاديا، وكأن هذه الخرافات الدينية له حول مواضيع دينية تبعد الناس عن الكوارث السياسية والاقتصادية.

ويبدو ان هذه الحكومة الفاشلة ليس لديها وسيلة واحدة لمواجهة نقاش جاد حول مشاكل الخطاب الديني وما يعنيه من تسبب في الارهاب، وبالتالي تشغل الجميع اعلاميا حول «ميزو». والغريب أن ما يقوله يشهد اهتماما واسعا، كدليل على حجم كارثة الفقر السياسي في البلاد.

المصدر : القدس العربي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى