مقالات

هل سيكون عام 2015 عام الحوار والحل السياسي في سوريا ؟

لا نستبعد ان يكون العام الميلادي الجديد الذي سيبدأ بعد خمسة ايام هو عام “الحوار” بين الحكومة السورية والمعارضة (المعتدلة) بعد ان ايقين الجانبان ان الحل السياسي هو المخرج الوحيد للخروج من هذه الازمة ووقف سفك دماء الشعب السوري.

الخارجية السورية اصدرت اليوم (السبت) بيانا اعلنت فيه استعداد دمشق المشاركة في لقاء تمهيدي تشاوري في موسكو يهدف الى التوافق لعقد مؤتمر للحوار بين السوريين انفسهم دون اي تدخل خارجي، وقالت في البيان نفسه “ان سورية مستعدة للحوار مع من يؤمن بوحدة سورية ارضا وشعبا”.

السيد سامح شكري وزير الخارجية المصري استقبل وفدين في القاهرة احدهما الائتلاف السوري بقيادة هادي البحرة، والثاني لهئية التنسيق بقيادة السيد حسن عبد العظيم في اطار التعاون الروسي المصري المشترك لبدء مؤتمر حوار بين الطرفين السوريين المتصارعين.

وفي السياق نفسه فجر السيد محمد رحال رئيس المؤتمر السوري العام، وأحد صقور الائتلاف الداعين الى اسقاط النظام السوري، قنبلة مجلجلة عندما طالب بالحوار مع النظام ودعا الى هدنة تتوقف خلالها كل اعمال القتال لافساح الوقت للحكومة لترتيب الحوار السوري السوري، واتهم تركيا وقطر بالارهاب، وطالبهما بتحمل نفقات اعادة اعمار سورية.

واللافت ان السيد رحال الذي ذاعت شهرته لانه كان يختار تسميات “ايام جمع″ المظاهرات والاحتجاجات في بداية الازمة السورية، يسير على خطا زهران علوش زعيم الجيش الاسلامي الذي طالب بالمطالب نفسها قبل ثلاثة اسابيع تقريبا.

هذا الزخم في الاتصالات والبيانات في الجانبين السوري الحاكم والآخر المعارض يأتي استجابة لمبادرة الحوار التي دعا اليها ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بعد زيارات مكوكية الى دمشق وبيروت وانقرة، التقى خلالها المسؤولين في السلطة والمعارضة، ومسؤولين اتراك ولبنانيين ابرزهم السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله.

هناك عدة اسباب يمكن ان تفسر هذا الزخم في الحراك الدبلوماسي على صعيد الازمة السورية نوجزها في النقاط التالية:
اولا: بروز الجماعات الاسلامية المتشددة وخاصة مثلت “الدولة الاسلامية”، “جبهة النصرة” و”احرار الشام” كقوة اساسية على الارض السورية مع تراجع نفوذ وفاعلية واهمية “القوى المعتدلة” مثل الجيش الحر والجبهة الاسلامية وغيرها.

ثانيا: يأس الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج وخاصة السعودية وقطر، من قدرة الجماعات المعتدلة التي دعمتها بالمليارات من الدولارات على شكل اسلحة واموال في القدرة على اسقاط النظام السوري بالوسائل العسكرية.

ثالثا: حدوث تغيير في سلم اولويات الولايات المتحدة من اطاحة النظام السوري الى الحرب على “الدولة الاسلامية”، واستشعار المملكة العربية السعودية خطر الاخيرة على نظامها وامنها واستقرارها الداخلي.

رابعا: الانفتاح الامريكي على ايران والتوصل الى اتفاق معها حول منشآتها النووية، وتخفيف الحصار عنها، مما يعني الاعتراف بها كقوة اقليمية عظمى وتقديمها على حلفائها العرب الضعفاء.

كلمة “السر” الابرز في جميع هذه الاتصالات للتمهيد للذهاب الى مائدة الحوار في موسكو هي عدم طرح اي شروط مسبقة خاصة شرط المعارضة السورية المزمن، وهو ضرورة اسقاط النظام في اي حل سياسي، ويبدو ان ممثلي المعارضة رضخوا اخيرا واسقطوا هذا الشرط، خاصة الائتلاف الوطني، لان صورته اهتزت، والدعم العربي والامريكي له تراجع، ولم يعد المظلة الابرز التي تنطق باسم المعارضة السورية.

ولعل الملاحظة اللافتة في كل هذه الاتصالات واللقاءات بروز دور كل من القاهرة وموسكو، وتراجع الدورين القطري والسعودي، اللذين كانا محوريين على صعيد الازمة السورية وكل مؤتمراتها، مثل مؤتمري جنيف، واجتماعات وزراء خارجية منظومة اصدقاء سورية، مما يشكل انقلابا في هذه الازمة والحراك المتعلق بها بطابعيه السياسي والعسكري.

لا نستطيع ان نتنبأ بما يمكن ان يتمخض عن هذا الحراك، ولا التكهن بفرص نجاحه او فشله، ولكن يمكن التأكيد بأن الازمة السورية تدخل في مرحلة جديدة عنوانها شعور طرفيها بالانهاك، وعدم القدرة على الحسم بالطرق العسكرية، والوصول بالتالي الى طريق مسدود والتسليم بأن الحوار هو الطريق الاقصر والاقل كلفة للحل السياسي.

ولا بد من الاشارة الى ان اتفاق المعارضة “المعتدلة” مع الحكومة لا يعني نهاية الازمة، فهناك “طرف ثالث” لا يمكن، بل لا يجب، تجاهله، وهو الجماعات الاسلامية المتشددة، و”الدولة الاسلامية” على وجه الخصوص لما له من قوة هائلة على الارض، كيف سيتم التعامل مع هذا الطرف؟ هذا هو السؤال الذي سيتمحور حوله مؤتمر موسكو اذا ما قدر له ان يعقد.

افتتاحية رأي اليوم – وطن اف ام 

 

زر الذهاب إلى الأعلى