نشرت لجنة الأمم المتحدة “الإسكوا” وجامعة “سانت أندروز” تقريراً عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تكبدتها سوريا، وقالت إنها تجاوزت 442 مليار دولار أميركي، بنهاية العام الثامن من “النزاع”.
وقالت اللجنة إن “هذا الرقم الهائل لا يعبّر وحده عن معاناة شعب أصبح 5.6 مليون منه على الأقل لاجئين، و6.4 مليون نازحين داخليًا، و6.5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليون بحاجة إلى شكلٍ من أشكال المساعدة الإنسانية”.
وبحسب التقرير، الذي يغطي الفترة 2011-2019، كان ثلاثة ملايين من الأطفال السوريين تقريبًا خارج المدارس في العام الدراسي 2017/2018، وينذر الوضع بتفكّك النسيج الاجتماعي وبتدهور حاد في التنمية البشرية خفّض ترتيب سوريا من مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة إلى مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.
وفي تمهيد التقرير، أوضحت “الإسكوا” وجامعة “سانت أندروز” أنّ “تبعات النزاع على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي تطرح تحدياتٍ عاتية في المستقبل: فقد خسر البلد بفعل النزاع مكاسبَه الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت بمشقّة، سواءً كان ذلك في الإنتاج أو في الاستثمار أو التنمية البشرية”.
ويشير التقرير إلى أنّ 82% من الأضرار الناجمة عن “النزاع” تراكمت في سبعة من أكثر القطاعات تطلبًا لرأس المال وهي الإسكان والتعدين والأمن والنقل والصناعة التحويلية والكهرباء والصحة، وبلغت أضرار رأس المال المادي 117.7 مليار دولار وخسائر الناتج المحلي الإجمالي 324.5 مليار دولار، ما يضع مجموع الخسائر الاقتصادية بحدود 442.2 مليار دولار.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقدَ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بحلول نهاية عام 2018، ما نسبته 54% من المستوى الذي كان عليه في عام 2010، وانخفضت الصادرات السورية من 8.7 مليار دولار في عام 2010 إلى 0.7 في عام 2018.
وجاء هذا التدهور نتيجةً لتعطل لسلاسل الإنتاج والتجارة بسبب الأضرار التي لحقت بالبنى الأساسية، والقيود الاقتصادية الأحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن هروب رأس المال المادي والمالي والبشري إلى الخارج.
ولم يصاحب انخفاض الصادرات انخفاضاً مماثلاً في الواردات، ما أدى إلى توسيع العجز التجاري وشكّل ضغوطاً متزايدة على قيمة الليرة السورية.
ويوفر التقرير أيضًا لمحة عامة عن تبعات “النزاع” على الحوكمة وسيادة القانون، والمظاهر المختلفة لتدويل “النزاع”، ثم يطرح مبادئ بناء السلام، وتحديات التعافي، ويقترح سبلاً وتوصيات للخروج من الأزمة.
وبحسب “الإسكوا” وجامعة “سانت أندروز”، يشكّل اعتماد سياسات عامة تُحسّن بشكل مباشر نوعية حياة جميع السوريين؛ وإتاحة المجال لمجموعة أوسع من الجهات السورية وإحياء المبادرات المجتمعية السورية؛ وتفعيل التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي على المستوى المحلي، أساساً يُبنى عليه لإعادة إعمار البلاد وتصويب الجهود نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وكان تقريرٌ أولٌ قد صدر في عام 2016 عن المنظمتين تحت عنوان “سوريا: خمس سنوات من الحرب”، مقدّرًا مجمل الخسائر التي تكبّدها البلد في السنوات الأولى بحوالي 259.6 مليار دولار.