سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على التحركات الروسية-الصينية المكثفة عبر المياه المتجمدة بالقرب من جزر ألوشيان في ألاسكا، مشيرة إلى أن القيمة الاستراتيجية لمنطقة القطب الشمالي بالنسبة لموسكو وبكين تتزايد في الفترة الأخيرة خاصة في إطار المنافسة مع واشنطن.
وذكرت الصحيفة في تقرير، الأحد، أن القطب الشمالي كان في السابق امتدادا بحريا منعزلا وغير قابل للعبور إلى حد كبير حيث عملت الدول معا لاستخراج الموارد الطبيعية، لكن حاليا أصبح القطب الشمالي أرضا متنازعا عليها بشكل متزايد بين القوى العظمى، خاصة مع ذوبان الجليد وزيادة حركة المرور على الحواف الجنوبية للمحيط المتجمد الشمالي.
وأوضحت الصحيفة أنه في إطار المناورات بين الحكومات بطرق تعكس التنافس بين القوى العظمى، زادت القاذفات الروسية في الأشهر الأخيرة من دورياتها فوق القطب الشمالي وتوغلت في الجنوب.
ونقلت الصحيفة عن جهاز المخابرات النرويجي قوله إنه مع ضعف القوات الروسية التقليدية بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن أسلحتها الاستراتيجية تكتسب أهمية أكبر، من بينها الغواصات المسلحة نوويا التابعة للأسطول الشمالي الروسي، ولذلك تنشط مزيد من السفن التجارية والحكومية التي ترفع العلم الروسي في مياه القطب الشمالي.
وفي حين أن المسؤولين العسكريين والمحللين الأميركيين لا يتوقعون أن تنشر بكين قوات عسكرية واسعة في القطب الشمالي، قالوا إن الصين تشارك الأقمار الصناعية والمعلومات الإلكترونية من المنطقة مع موسكو، بحسب الصحيفة.
وردا على ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز وجودها في القطب الشمالي من خلال زيادة عدد كاسحات الجليد القطبية، وهي السفن الحيوية من أجل وجود دائم في البحار الجليدية. وتمتلك الولايات المتحدة كاسحة جليد واحدة في المنطقة تتواجد لفترة محددة فقط من العام، مقارنة بثلاث عشرة كاسحة جليد تمتلكها روسيا.
وقال محللون وضباط عسكريون للصحيفة إن الولايات المتحدة تتبع أيضا تحركات روسيا والصين عبر الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشراكة الأمنية بين روسيا والصين هدفها في المقام الأول تعزيز التجارة على طريق القطب الغني بالطاقة، إذ يتسبب ذوبان الجليد في فتح ممرات شحن جديدة بين آسيا وأوروبا وقد تؤدي في النهاية إلى إدخال طرق شحن جديدة تماما بالقرب من القطب الشمالي.
وأوضحت أن شركات الشحن تدرس الساحل الشمالي لروسيا باعتباره أقصر رابط بين موانئ شرق آسيا وأوروبا متجاوزا المحيطات الجنوبية وقناة السويس. ويُمكن لسفن الشحن أن تقطع رحلة من اليابان إلى ميناء في هولندا عن طريق السفر عبر المحيط المتجمد الشمالي بأقل من نصف المسافة الحالية، أي أقل من 6 آلاف ميل بدلا من أكثر من 12 ألف ميل.
وذكرت أن طريق البحر الشمالي، الذي تؤكد روسيا على الحق في تنظيمه بموجب اتفاقية القطب الشمالي، يسمح للسفن التي تحمل الغاز الطبيعي المسال بنقل البضائع عبر مضيق بيرينغ، ويمتد هذا المسار على طول الحدود البحرية بين المياه الروسية والأميركية غرب ألاسكا.
وبدأت مزيد من سفن تكسير الجليد في المنطقة في نقل الغاز الروسي إلى السوق الصينية، بحسب الصحيفة، التي أوضحت أنه في العام الماضي، استخدمت روسيا والصين ثلاث سفن ضخمة لكسر الجليد ترفع أعلام هونغ كونغ لنقل الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى الأسواق الصينية وغيرها، وفقا لبيانات تتبع الأقمار الصناعية التي جمعتها AAC SpaceQuest لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ووفقا للصحيفة، ارتفع عدد السفن التجارية والحكومية التي ترفع العلم الروسي والنشطة في مياه القطب الشمالي إلى متوسط شهري بلغ 709 في العام الماضي، بزيادة 22 في المئة منذ عام 2018، وفقا لبيانات تتبع الأقمار الصناعية.
وأوضحت أنه من بين السفن المتواجدة في القطب الشمالي تم رصد “ليت بوبيدي 50″، 50 Let Pobedy، كاسحة جليد نووية يبلغ ارتفاعها 524 قدما تم تسميتها بمناسبة ذكرى انتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية.
لكن الولايات المتحدة ترفض مطالبة روسيا بتنظيم حركة المرور عبر طريق بحر الشمال، وفقا لوثيقة سرية تم تسريبها ومشاركتها عبر الإنترنت من قبل الطيار جاك تيكسيرا من الحرس الوطني الجوي في ماساتشوستس.
ونقلت الصحيفة عن أكبر جمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، روجر ويكر، قوله “لقد أوضح كل من الرئيسين الروسي والصيني أن منطقة الشمال العليا هي مفتاح مصالحهم الاستراتيجية، ومن الضروري أن تمنعهم الولايات المتحدة وحلفاؤنا من السيطرة على هذه المنطقة”.
الحرة