أصيب العشرات معظمهم أطفال بالتهاب الكبد بسبب المياه الملوثة في درعا وفق ما ذكر تجمع أحرار حوران، في حين لا تقوم حكومة الأسد بما يلزم لمعالجة التلوث.
وأشار المصدر إلى أن تلوث مياه الشرب بدأ قبل أكثر من عشرة أيام، إلا أن معظم الأهالي لم يتنبهوا في البداية إلى ذلك، واستمروا خلال الأيام الأولى باستخدام المياه للشرب والطبخ والاستعمالات الأخرى، إلا أن حالات مرضية بدأت بالظهور بعد نحو أسبوع من اكتشاف التلوث دفعهم للتوقف عن استخدامها.
وأضاف أنهتم تسجيل ما يزيد عن 31 حالة من الحي نفسه معظمهم من الأطفال جرى إسعافهم إلى المشفى الوطني في درعا، بعد أعراض تمثلت بارتفاع في درجات حرارة الجسم، والتقيؤ الشديد، ليتم التشخيص لهذه الحالات أنها التهاب في الكبد نتيجة تلوث مياه الشرب بالمياه العادمة.
أم خليل -اسم مستعار- وخلال حديثها لـ”تجمع أحرار حوران” قالت إنها اكتشفت التلوث عندما كان دور مياه الشرب في الحي قبل عشرة أيام، فعندما فتحت صنبور الماء انبعثت منه رائحة كريهة، ثم نزلت المياه وكانت ملوثة وكان من الواضح أنها مختلطة بالمجاري، وأشارت إلى أنها لم تستخدمها منذ ذلك اليوم.
وأضافت أم خليل أنه بعد أيام من تلوث المياه قام أحد جيرانهم بإسعاف اثنين من أطفاله إلى المشفى الوطني في مدينة درعا، واكتشف الأطباء أنهم مصابون بالتهاب الكبد نتيجة تلوث المياه، مؤكدة أن أحد الطفلين لا يزال حتى لحظة إعداد هذا التقرير في حالة صحية سيئة ويتعالج باستخدام الأدوية والسيرومات.
تكتم حكومي:
على الرغم من الزيادة الواضحة في الإصابات بالتهاب الكبد في حي شمال الخط، إلا أن السلطات المحلية الممثلة، بمحافظة درعا ومجلسها، ونقابة الأطباء في المحافظة لم يعلنوا عن وجودها، كما لم يحذروا الأهالي بأي طريقة توعوية لعدم استخدام المياه، أو أي طرق وقائية أو إسعافية في حال الشعور بأعراض التهاب الكبد.
أيضًا وعلى الرغم من عدة شكاوى تقدم بها أهالي الحي إلى مؤسسة المياه في درعا كجهة مسؤولة عن صيانة أعطال شبكات المياه، إلا أن المؤسسة لم تقم بواجبها بالكشف والصيانة، وهو ما يراه الأهالي استهتارا بصحتهم وصحة أطفالهم.
وحول الشكاوى المقدمة لمؤسسة المياه، أكد أبو عبدالله -اسم مستعار- في حديثه لـ”تجمع أحرار حوران” أنه تم تقديم أكثر من شكوى للمؤسسة منذ بداية اكتشاف التلوث في مياه الشرب، وهناك وعود من المسؤولين بإجراء الصيانة اللازمة، إلا أنه لم يتم ذلك حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
وحمّل أبوعبد الله بالنيابة عن أهالي الحي السلطات المحلية المسؤولية عن هذا التلوث الذي هو نتيجة لإهمال متراكم في فحص شبكات المياه، وتجاهل لما يتعرض له الأهالي، وعلى رأسهم مجلس المحافظة والمنظومة الطبية ومؤسسة المياه.
بدائل مكلفة
لا تقتصر معاناة أهالي حي شمال الخط على تلوث المياه فحسب، فهناك معاناة أخرى تتمثل بتأمين البدائل من المياه الصالحة للاستعمالات المنزلية ومياه الشرب، والتي باتت مرتفعة الثمن بالقياس إلى تدني الدخل والوضع الاقتصادي السيء الذي يعاني منه المواطن السوري بشكل عام.
ونؤكد أم رامي -اسم مستعار- في حديثها مع “تجمع أحرار حوران” أن الأهالي يلجأون لشراء صهاريج المياه من أجل غسل الخزانات وتعبئتها، مبينة أن سعر صهريج الماء سعة “2 متر مكعب” تصل إلى 30 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ مكلف بالنسبة لمعظم الأهالي.
من جهته أكد محمود المصري لتجمع أحرار حوران أن فئة قليلة من الأهالي وخاصة من أصيب أبناؤهم بالتهاب الكبد يقومون بشراء عبوات المياه المعبأة “مياه بقين” لأنها معقمة بشكل أكبر، مشيرًا إلى أن سعر العبوة سعة 1.5 ليتر يصل إلى 2500 ليرة سورية، وتحتاج الأسرة في الحد الأدنى يوميا إلى 6 عبوات، وهو ما يشكل عبئًا ماديًا كبيرًا عليهم.
ويعتبر الأهالي بحسب التجمع أن ما يجري بات أكبر من كونه مشكلة، فهم يرون أنهم يعيشون مأساة نتيجة تقصير السلطات المحلية الواضح في تقديم الخدمات التي تقع على عاتقها، ومبينين أن هذه السلطات تحاول إظهار أن هناك جوانب إيجابية في المحافظة، في الوقت الذي تعاني المحافظة من نقص كبير في مختلف الخدمات الرئيسية، وأن وعود مسؤولي المحافظة لا تعدو عن كونها إبرًا لتخدير الأهالي عن واقع اقتصادي وخدمي سيء ومستمر منذ أكثر من 10 سنوات.
جدير بالذكر أن محافظة درعا تعاني من تردٍ في الخدمات الأساسية منذ سيطرة قوات الأسد عليها في عام 2018، فيما يرى مراقبون أن النظام يتعمد سياسة العقاب الجماعي للأهالي.