أكدت منظمة العفو الدولية أن حكومة الأسد تهدد حق سكان حلب في السكن، بعد أن هدمت عشرات المباني التي تعتبر غير آمنة نتيجة لزلزال شباط، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات ضد عمليات الإخلاء القسري.
وفي تقرير لها قالت المنظمة إن عمليات الهدم تمت في غياب إخطار مسبق للسكان، ودون منحهم فرصة للطعن في القرارات الصادرة ضدهم، كما أن حكومة الأسد لم توفر لهم سكنا بديلا أو تعويضاً عن الخسائر.
وقالت ديانا سمعان، باحثة الشؤون السورية في منظمة العفو الدولية “إن عمليات الهدم غير القانونية هذه تنتهك حق الناس في السكن اللائق، وتزيد من معاناة السكان الذين فقدوا منازلهم بالفعل في الزلزال، مشيرة إلى أنه يجب على نظام الأسد احترام حق الناس في السكن، وضمان عدم تشريد أي شخص نتيجة لعمليات الهدم.
وأضاف التقرير أنه بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2023، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني زاروا حلب بعد الزلازل، فضلًا عن ستة من السكان الذين يعيشون في مدينة حلب، وراجعت تقارير إعلامية وتقارير للأمم المتحدة. كما تحقق مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية من مقاطع فيديو لعمليات الهدم في حلب.
حتى قبل الزلازل، عانت حلب من أضرار واسعة النطاق بسبب حملة القصف غير القانونية التي شنتها قوات النظام وروسيا خلال الفترة بين 2012 و2016. في 2016، سيطر النظام على شرق حلب، وهي منطقة كانت تسيطر عليها المعارضة سابقًا في المدينة، بعد إخضاع عشرات الآلاف من المدنيين للحصار والقصف، مما أدى إلى تهجيرهم قسرًا إلى مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا.
مخاوف بشأن عمليات هدم غير قانونية
في 20 فبراير/شباط 2023، صرَّح محافظ حلب أنَّ 13000 عائلة قد تضررت من جرّاء الزلازل. وأضاف أنه تمت معاينة 11,551 مبنى، وقد هُدم بعدها 220، متذرعًا بأسباب تتعلق بالسلامة العامة، وثمة 303 مبنى آخر قيد الهدم.
في مقابلة مع وسيلة إعلامية تابعة للحكومة، أوضح مهندس أن الحكومة ستهدم المبنى فورًا بعد تصنيفه من قبل لجنة هندسية شكلتها السلطات لتقييم السلامة الهيكلية لمبانٍ أخرى بالدرجة “الحمراء”، مما يعني أنه يشكل خطرًا على السلامة العامة، وبناءً عليه، يُطلب من السكان إخلاءه.
ومع ذلك، فقد تلقت منظمة العفو الدولية معلومات من السكان والعاملين في المجال الإنساني تفيد أن هذه التقييمات قد لا تنفذ بدقة، وأن عمليات الهدم تنفذ في ظل غياب الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات المطلوبة ضد عمليات الإخلاء القسري وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأبلغ عاملون في المجال الإنساني، فضلًا عن ثلاثة من السكان منظمة العفو الدولية أن العديد من هذه اللجان لم تجرِ سوى تقييمات بصرية تفتقر إلى التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتحديد سلامة المبنى- وقد تؤدي إلى عمليات هدم غير مبررة. وأضافوا أيضًا أن السكان غير قادرين على الطعن في قرارات اللجان وغالبًا ما لا يمنحون الوقت الكافي لنقل حاجياتهم.
وأبلغ السكان منظمة العفو الدولية أنه في الكثير من الحالات، لا يحصل الأشخاص الذين هدمت منازلهم بسبب اعتبارها غير آمنة للسكن على سكن بديل أو تعويض. وهذا أيضًا مصدر قلق خاص لأن الأمم المتحدة ذكرت في أبريل/نيسان أن حكومة الأسد أغلقت غالبية الملاجئ المؤقتة التي كانت تستخدم لتوفير أماكن إقامة طارئة للأشخاص الذين خسروا منازلهم في الزلازل.
وتوضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان بشأن الحق في سكن لائق أنه حتى عندما يكون الإخلاء مبررًا، ينبغي أن يتم في ظل امتثال صارم للقانون الدولي لحقوق الإنسان. لذلك يجب على السلطات إشراك سكان المباني غير الآمنة في مشاورات حقيقية حول خيارات الهدم وإعادة التوطين، وتزويدهم بمعلومات كافية عن المخططات وإشعار كتابي ووقت كافٍ للإخلاء، وسكن بديل مناسب، وتعويض عن الخسائر. ويجب عليها ضمان ألا يتم تشريد أي شخص أو جعله أكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى نتيجة لعملية الإخلاء.
عقبات تواجه أعمال التصليح
وأبلغ السكان الذين تضررت منازلهم من جراء الزلازل منظمة العفو الدولية أن سلطات الأسد تقاعست عن إخبارهم عن كيفية الاتصال باللجان للاستفسار عن سلامة منازلهم.
وقالوا إنه بالإضافة إلى عدم تلقي أي دعم مالي من السلطات لإصلاح منازلهم المتضررة، طلبت سلطات الأسد منهم أيضًا تصاريح، كان من الصعب الحصول عليها، لإعادة تأهيل المباني السكنية.
ومن الصعب بشكل خاص الحصول على هذه التصاريح لإصلاح المباني المشيدة بطريقة غير نظامية، والتي تشكل غالبية المباني التي تضررت من الزلازل. وفقًا لتقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية في 2022، فإنه “فقط أولئك الذين لديهم حظوة لدى السلطة- قوات الأمن وعناصر الميليشيات- يمكنهم الحصول على إذن غير رسمي لإجراء إصلاحات”.
وقال أحد سكان حي الشيخ مقصود، وهو حي في حلب يخضع لحصار من حكومة الأسد، إن الحكومة منعت أو قيدت دخول المساعدات إلى المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فرضت نقاط التفتيش الأمنية عند مدخل الحي رسومًا وضرائب عالية على أولئك الذين يجلبون مواد البناء لمساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم.
وختمت ديانا سمعان حديثها بالقول: “بدلًا من فرض متطلبات بيروقراطية مرهقة على السكان الذين يحاولون إصلاح منازلهم التي تضررت من الزلزال، ينبغي على السلطات السورية ضمان تزويد جميع السكان بالدعم التقني والمالي الكافي، من دون تمييز”.