كشف تحقيق جديد لمنظمة العفو الدولية أن النظام الإيراني قد أقدم على قطع الإنترنت خلال الاحتجاجات التي اندلعت في تشرين الثاني من العام الماضي، لإخفاء العدد الحقيقي لعدد القتلى من المتظاهرين الذين سقطوا على أيدي قوات الأمن.
وكانت إيران قد شهدت في 15 تشرين الثاني الماضي 2019، احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد إثر إعلان السلطات عن فرض زيادة كبيرة في أسعار الوقود.
وبحسب تقارير حقوقية فقد قتلت قوات الأمن المئات من المتظاهرين بينهم نساء أطفال، مشيرة إلى أن تلك القوات إلى أن قوات الأمن كانت تتبع سياسة إطلاق النار بقصد القتل، بدليل أن معظم القتلى قد جرت إصابتهم وقتل في الرأس أو الجذع.
وفي ثاني يوم من الاحتجاجات لجأ النظام في طهران إلى قطع اتصالات الإنترنت في البلاد، ليبين البحث الذي أجرته منظمة العفو الدولية أن ذلك اليوم شهد أيضاً أشد الاحتجاجات دموية، إذ قضى أكثر من 100 من المحتجين برصاص قوات الأمن وميلشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري.
وتؤكد مصادر حقوقية وفي المعارضة الإيرانية العدد الحقيقي للقتلى في تلك الاحتجاجات أعلى بكثير مما كشف عنه حتى الآن، بيد أن التستر المستمر من جانب نظام الحكم في طهران جعل من الصعب أو المستحيل معرفة الأرقام الحقيقية.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “عندما بدأت أنباء حملة القمع الدامية في التواتر.. صُدم العالم من مستوى العنف الوحشي لقوات الأمن. وقطعت السلطات عمداً الوصول إلى الإنترنت داخل إيران، مخفية المدى الحقيقي لانتهاكات حقوق الإنسان المروعة التي كانت ترتكبها في جميع أنحاء البلاد.”
وتابعت: “اعتقدت الحكومة أنها تستطيع إسكات السكان من خلال قطع الاتصال بالإنترنت عن البلاد، لكن الشعب الإيراني كان مصمماً على إعلام العالم بالحقيقة”.
تحقيق جديد في “موقع مصغر”
وفي الذكرى السنوية الأولى لتلك الاحتجاجات أطلقت منظمة العفو موقعا إلكترونيا صغير، – وهو تحقيق مشترك بين منظمة العفو الدولية ومدرسة هيرتي، بالشراكة مع مشروع اكتشاف وتحليل انقطاع الإنترنت (IODA) – وجرى نشر أكثر من 100 مقطع فيديو تم التحقق منه من 31 مدينة، ويكشف عن الاستخدام المتكرر للأسلحة النارية، وخراطيم المياه، والغاز المسيل للدموع، من قبل قوات الأمن الإيرانية ضد المحتجين العزل والمارة.
ولاحظ”مشروع اكتشاف وتحليل انقطاع الإنترنت” انخفاضاً ثابتاً في الإشارات، الذي بدأ عندما أُمر مشغلو الهواتف الخلوية بقطع الاتصال بالإنترنت حوالي الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي في 16 نوفمبر وبحلول الساعة السابعة مساءً، كانت إيران قد غرقت في “الظلام الرقمي”.
ظل الإنترنت المحلي لإيران متصلاً بالإنترنت، مما سمح باستمرار أنشطة مثل الخدمات الحكومية والبنوك، مما قلل من الخسائر المالية في اقتصاد البلاد. وبعد حوالي خمسة أيام فقط، في حوالي الساعة 10 صباحاً في 21 نوفمبر، بدأت استعادة الاتصال بالإنترنت. ولم يعد بشكل تام حتى 27 نوفمبر.
وقد وثقت منظمة العفو الدولية لأول مرة استخدام القوة المميتة ضد المحتجين في الأيام التي تلت بدء حملة القمع، وسجلت تفاصيل عن مقتل ما لا يقل 304 أشخاص في تحقيق نشر في مايو 2020.
وقد تحققت منظمة العفو الدولية من الوفيات من خلال أدلة من أشرطة الفيديو وصور فوتوغرافية، فضلاً عن شهادات الوفاة والدفن، وإفادات شهود العيان وأقارب الضحايا، والأصدقاء والمعارف على الأرض، إلى جانب المعلومات التي تم جمعها من نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين.
وتوصل بحث آخر أجرته شبكة التحقق الرقمي التابعة لمنظمة العفو الدولية إلى أنه في الغالبية العظمى من الحالات في مختلف أنحاء البلاد، لم يكن هناك دليل يشير إلى أن المحتجين يشكلون تهديداً وشيكاً للحياة، أو التهديد بوقوع إصابات خطيرة.
وقد نشرت البيانات الرئيسية التي جمعتها منظمة العفو الدولية على الموقع الإلكتروني المصغر، بما في ذلك صور الضحايا والتفاصيل المتعلقة بقضيتهم، ومكان وفاتهم.
المصدر: موقع “الحرة”