تكثف كييف مساعيها لكسر الحصار الذي تفرضه روسيا على البحر الأسود، وتسعى لتأمين ممرات جديدة للسفن القادمة إلى سواحلها، وذلك في أعقاب هجومها، وسط الأسبوع، على مقر الأسطول الروسي المتمركز في شبه جزيرة القرم، حسبما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبعد عبورهما ممرا ملاحيا مؤقتا، رست، الأحد، أول سفينتان تجاريتان تصلان الموانئ الأوكرانية منذ أسابيع، في ميناء تشورنومورسك، قبيل ساعات من إطلاق روسيا هجوما صاروخيا جديدا على منشآت زراعية في منطقة أوديسا بالجنوب.
“ممرات مؤقتة”
وكشف نائب رئيس الوزراء الأوكراني، أولكسندر كوبراكوف، أن السفينتين المدنيتين، استعملتا ممرا مؤقتا في اتجاه الموانئ الأوكرانية”، مضيفا أنه سيتم تحميل “نحو 20 ألف طن من القمح للدول الأفريقية والآسيوية”.
وتعد ناقلتا البضائع “آرويات” و”ريزيلينت أفريكا”، أول سفينتين تصلان إلى الموانئ الأوكرانية، منذ انسحاب روسيا في يوليو من اتفاقية توسطت فيها الأمم المتحدة، وسمحت بتصدير أكثر من 33 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا.
وأعلنت كييف قبل أسابيع عن إتاحة ممر مؤقت أمام السفن التي تقطعت بها السبل في موانئ البلاد منذ بداية الغزو، وذلك من خلال المرور عبر سواحل جارتيها الجنوبيتين، رومانيا وبلغاريا، العضوتين بالناتو.
وغادرت ثلاث سفن تحمل سلعا غذائية واثنتان محملتان بمواد معدنية الموانئ الأوكرانية منذ أن أمن الجيش الأوكراني هذا الممر، مع استمرار روسيا في مقاومة الضغوط الدولية بالعدول عن قرارها الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب.
الطرق البرية وسكك الحديد
وتصدر أوكرانيا حاليا معظم احتياجاتها من الحبوب عن طريق الشاحنات والسكك الحديدية عبر طرق برية نحو دول الاتحاد الأوروبي، ولكن هذه المسارات تنطوي على تكاليف إضافية، مما يضر بقدرة كييف التنافسية.
كما أن تصدير الحبوب والبذور الزيتية عبر البلدان المجاورة أثّر على دخل المزارعين المحليين فيها وأدى إلى فرض بعض الحكومات حظرا على دخول الواردات الزراعية من أوكرانيا.
وتدخل الاتحاد الأوروبي في مايو لمنع الدول من التصرف بشكل أحادي وفرض حظرا على الصادرات الأوكرانية إلى الدول المجاورة.
وبموجب الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، سُمح لأوكرانيا بالتصدير عبر تلك البلدان بشرط بيع المنتجات في بلدان أخرى.
وقرر الاتحاد الأوروبي إنهاء هذا الحظر، الجمعة، بعد أن تعهدت أوكرانيا باتخاذ إجراءات لتشديد الرقابة على الصادرات إلى الدول المجاورة، وهو القرار الذي رفضته بولندا وسلوفاكيا والمجر.
كما يتواصل شحن الحبوب الأوكرانية أيضا من الموانئ الواقعة على نهر الدانوب والتي تتعرض لهجمات صاروخية منتظمة من قبل القوات الروسية.
وأدت محاولات روسيا لخنق إمدادات الحبوب وغيرها من المواد الغذائية من أوكرانيا، وهي من أكبر مصدري القمح والحبوب، إلى هز الأسواق وزيادة الأسعار في الدول النامية.
“كسر الحصار”
وضمن مساعيها لتجاوز الحصار الذي تفرضه روسيا، استهدفت أوكرانيا مسلّحةً بأنظمة دفاع جوي وصواريخ بعيدة المدى قدمها لها حلفاؤها الغربيون، بشكل متزايد الأسطول الروسي المتمركز في البحر الأسود قبالة سواحل شبه جزيرة القرم.
وفي الأسبوع الماضي، استهدفت القوات الأوكرانية سفينة تابعة للبحرية الروسية في سيفاستوبول، أكبر ميناء في القرم، ما ألحق بها أضرارا كبيرة .
ويرى مسؤولون في كييف أن تحييد استخدام روسيا لشبه الجزيرة كمنطقة انطلاق عسكرية “أمر أساسي” لكسر الحصار على البحر الأسود ودعم الهجوم العسكري المضاد لتحرير أراضيها، حيث لا تزال روسيا تحتل نحو 18 في المئة من مناطق بالجنوب والشرق.
ورغم أن السفن التي تستخدم موانئ البحر الأسود الأوكرانية تواجه مخاطر كبيرة، إلا أن كييف تدّعي أنها تستطيع حماية ممرات الشحن من خلال الإضرار بقدرة روسيا على مراقبة الركن الشمالي الغربي من البحر الأسود.
الحرة