قال رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشق عن نظام الأسد، الدكتور رياض حجاب إن نظام الأسد لا يحتاج إلى “إعادة تأهيل”، لأنه فقد شرعيته وصلاحيته، ويرى أن حل الأزمة السورية لن يستقيم إلا برحيله.
وأضاف حجاب في مقابلة له على قناة “الجزيرة” أن بشار يعتقد أن المجتمع الدولي والجامعة العربية يضطران للعودة إليه بعد أن انتصر -حسب زعمه- في الحرب التي شنها على الشعب السوري. والحقيقة أن بشار لم ينتصر في هذه الحرب -كما يوضح حجاب- بل ارتكب جرائم وفظائع بحق السوريين، وبالتالي “لا يمكن أن يكون هناك استقرار في سوريا في ظل وجود هذا النظام في الحكم”.
ويرى في المقابل أن المرحلة المقبلة يمكن أن تحمل شيئا ما بالنسبة للقضية السورية، في خضم الحراك الحاصل جراء التحولات الكبرى التي تحصل في العالم وعلى مستوى المشهد السوري منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، مشيرا إلى انكفاء القوات الروسية في سوريا ومحاولات إيران لتوسيع نفوذها هناك، وتصعيد إسرائيل باتجاه الوجود الإيراني في سوريا.
ويصف حجاب الواقع السوري اليوم بالصعب جدا والمؤلم، فهناك 5 جيوش على الأرض السورية، و4 حكومات، واحدة تابعة للنظام، وأخرى لـ”قسد”، والحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف، وحكومة هيئة تحرير الشام.
وبالإضافة إلى المعاناة الكبيرة للسوريين في المخيمات، هناك انهيار اقتصادي وتفكك في مؤسسات الدولة، يضاف إلى كل ذلك تبعات الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، وكان فيه تلكؤ وتقصير من منظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في مساعدة المتضررين السوريين.
وبعودته إلى الأحداث الدموية التي شهدتها سوريا عقب اندلاع الثورة الشعبية في مارس/آذار 2011، يوضح ضيف حجاب كيف أن نظام بشار لجأ منذ الأيام الأولى للثورة إلى استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين الذين قال حجاب إن مطالبهم كانت مشروعة، حيث كانت تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين وتوفير فرص العمل.
ويروي أنه انزعج من قصف دير الزور بعد تشكيل حكومته في يونيو/حزيران 2012، وعندما استفسر من وزير الدفاع ورئيس الأركان أخبراه أن الأوامر بالقصف كانت تعطى للقادة الميدانيين مباشرة وتصدر من اللجنة الموجودة في القصر الجمهوري.
ويقول إن ما أدهشه حينها أن بشار الأسد الذي طلب منه أن يتولى رئاسة الحكومة، وصف هذه الحكومة بأنها حكومة حرب.
كما يؤكد أن النظام له الدور الأكبر في حادثة تفجير مبنى الأمن القومي السوري، المعروف بتفجير خلية الأزمة في 18 يوليو/تموز 2012، وكان الهدف الأساس هو العماد آصف شوكت، لأن بشار وشقيقه ماهر كانا يتخوفان منه.
ويكشف حجاب أنه بعد مقتل أعضاء خلية الأزمة تمت دعوته إلى لقاء في القيادة القطرية، وكان فاروق الشرع حاضرا وتحدث مع بشار عن أن منصبه كرئيس للدولة لا يمكن المساومة عليه، واقترح عليه إجراء إصلاحات كحل للأزمة السورية، لكن بشار انفعل من كلام الشرع، وقال: “هذه معركة ويجب الانتصار فيها”.
وبعد انتهاء اللقاء -يضيف حجاب- طلب منه بشار البقاء معه وأخبره أن الشرع أصابه الخرف وأثر عليه المرض، وأنه سيتم إعفاؤه من منصبه خلال شهر وسيتم حل القيادة القطرية.
الانشقاق والالتحاق بالمعارضة
وفي ظل إصرار النظام على استخدام الخيار الأمني ضد المتظاهرين، قرر رئيس الوزراء السوري الأسبق الانشقاق عن هذا النظام والالتحاق بالمعارضة، ويقول في هذا السياق إن القرار جاء نتيجة رفضه أن يكون شريكا في إسالة دماء السوريين وفي تدمير سوريا، متهما النظام بارتكاب فظائع بحق الشعب السوري من خلال التنكيل والاعتقالات واستخدام الدبابات والطيران.
وبمساعدة من الجيش السوري الحر، تمكن حجاب من الخروج إلى الأردن في ظروف صعبة، ويقول إن لا أحد تواصل معه حينها من المعارضة السورية التي اتهمها بأنها تتحمل مسؤولية كبيرة عن ما حصل في سوريا وأنها تفتقد إلى رؤية سياسية ومؤسسات حقيقية، مؤكدا أن بعض القادة العرب الذين التقاهم عبّروا له عن مخاوفهم من ضعف أداء المعارضة.
يذكر أن حجاب شغل مناصب وزارية عدة في عهد بشار، وبعد انشقاقه نشط في صفوف المعارضة وعين منسقا عاما للجنة العليا للمفاوضات التي كلفت بالتحاور مع نظام الأسد، لكنه استقال عام 2017.