قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن جلسات العدل الدولية التي ستُعقد في اليومين القادمين بشأن التعذيب الذي يرتكبه نظام الأسد منذ عام 2011 بحق السوريين، مهم للغاية لإحقاق العدالة، مؤكدة أن القضية التي رفعتها كل من هولندا وكندا، ليست دعوى جنائية ضد أفراد، بل إنها تسعى لإقرار قانوني بمسؤولية ذاك النظام عن جرائم التعذيب.
وفي 8 يونيو/حزيران، رفعت هولندا وكندا قضية أمام المحكمة، ضد انتهاكات النظام “الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب”، وأشارت القضية إلى المعاملة غير القانونية للمحتجزين، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي والجندري، والعنف ضد الأطفال، واستخدام الأسلحة الكيميائية.
وقد تستغرق القضية عدة سنوات حتى صدور الحكم النهائي، إلا أن هولندا وكندا طلبتا من المحكمة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة، تهدف إلى وقف الانتهاكات المستمرة ودعم الخطوات اللازمة لإجراءات المساءلة في المستقبل.
ويعتزم نشطاء وناجون من التعذيب وأقارب سوريين مشتبه باحتجازهم أو اختفائهم قسريا من قبل حكومة الأسد حضور جلسات الاستماع لدعم القضية، وقالت هولندا وكندا إن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير مؤقتة “على نحو عاجل بسبب الخطر الكبير المتمثل في استمرار التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بلا هوادة في سوريا، بما في ذلك طوال مدة الإجراءات أمام المحكمة”.
وكان من المقرر في البداية عقد جلسات التدابير المؤقتة يومي 19 و20 تموز، لكن تم تأجيلها بناء على طلب من النظام.
وأكدت “هيومن رايتس ووتش”، أن قضية محكمة العدل الدولية ينبغي أن تدفع الحكومات إلى إعادة تقييم أي خطوات لاستئناف العلاقات الطبيعية مع النظام السوري دون التصدي للتعذيب وغيره من الانتهاكات.
ولفتت إلى أنه من بين التدابير المؤقتة المطلوبة أن يقوم النظام بـ “اتخاذ تدابير فعالة لوقف ومنع جميع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ عدم إتلاف أي دليل يتعلق بالقضية الأساسية أو منع الوصول إليه؛ والكشف عن مواقع دفن الأشخاص الذين قضوا بسبب التعذيب”.
وطلبت الدولتان من المحكمة أيضا أن تأمر بعدد من التدابير المؤقتة المتعلقة بالاحتجاز “في ضوء الخطر الكبير الذي يواجه المحتجزين من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”. تشمل هذه التدابير إطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي أو غير قانوني، وإنهاء جميع أشكال الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والسماح للمراقبين المستقلين والعاملين الطبيين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.
كما طلبت الدولتان من المحكمة أن تفرض على نظام الأسد أن يقدم لها تقريرا عن الخطوات المتخذة لتنفيذ أمر التدابير المؤقتة “في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من صدوره وكل ستة أشهر بعد ذلك إلى حين حل النزاع”. قالت هيومن رايتس ووتش إن على البلدين، في مرافعاتهما الشفوية، أن يطلبا تحديدا نشر التقارير.
ويشير تاريخ محكمة العدل الدولية إلى أنه يمكن اتخاذ قرار بشأن التدابير المؤقتة في غضون أسابيع، وسيكون ذلك ملزما قانونيا للنظام السوري، لكنه لن يحكم مسبقا على موضوعية الادعاءات بأن النظام انتهك أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب.
وطلبت هولندا وكندا من المحكمة في حكمها النهائي -من بين أمور أخرى- أن تعلن أن النظام انتهك وما زال ينتهك التزاماته بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وأنه يتعين عليه وقف أي انتهاكات مستمرة، وتقديم التأكيدات والضمانات بأنها لن تستأنف انتهاك الاتفاقية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها ضمن إجراءات عادلة، وتقديم تعويضات للضحايا.