قبل يومين من اختفاء الناشط محمد أحمد علام، نشر فيديو مداهمة القوات الأمنية منزله في العاصمة القاهرة.
تحدث عن تدمير ممتلكات المنزل، واعتقال شقيقه الذي أفرج عنه لاحقا.
في الفيديو أيضا، هاجم الناشط المصري السلطات الأمنية، ورئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان صحفي الأحد، إن “الناشط المصري في تيك توك، تعرض للاختفاء القسري”.
وأبدت الشبكة الحقوقية “مخاوفها” على حياته.
ينشر علام المعروف بـ”ريفالدو” نسبة إلى نجم الكرة البرازيلية ريفالدو، مقاطع فيديو بين فترة وأخرى، ينتقد فيها سياسة النظام المصري، والسيسي أيضا.
اعتقل “ريفالدو” بعد محاولات عدة لم يتمكن فيها جهاز الأمن الوطني من اعتقاله.
قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان: “رغم مرور أكثر من 24 ساعة على اعتقاله تعسفيا، لم يتم عرضه على أي جهة تحقيق رسمية حتى الآن”.
عدم عرضه على التحقيق، يثير “قلق” حقوقيين مصريين بشأن “حياته وسلامته”.
واحد من آلاف
هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها “ريفالدو” للاعتقال.
في نوفمبر 2022، داهم الأمن منزل عائلته، في محاولة لاعتقال شقيقه الناشط السياسي يوسف، الذي لم يكن متواجدا آنذاك.
خلال المداهمة، تم تفتيش هاتف “ريفالدو” فعُثر على فيديو ساخر سجّله مع أصدقائه حول مظاهرات 11 نوفمبر من ذات العام.
وفق بيان الشبكة الحقوقية، أُجبر الناشط المصري، على حذف الفيديو والخروج بآخر يهاجم فيه دعوات التظاهر.
لكن ذلك، لم يمنع السلطات من اعتقاله، قبل أن تفرج عنه في مايو 2023.
وفي أغسطس 2024، اعتقل شقيقه يوسف، الذي لا يزال رهن الحبس الاحتياطي، وهو ما دفع “ريفالدو” لاحقا، لانتقاد جهاز الأمن الوطني والسلطات، علنا.
تحدث نشطاء مصريون، عن “حملات” اعتقال نفذتها السلطات المصرية خلال الأيام الماضية.
من بين المعتقلين، أشخاص اعتقلوا قبل 5-6 سنوات، ظنوا أن ملفاتهم وقضاياهم أغلقت، لكنهم صُدِموا.
وفقا للمعلومات المتداولة، حين سأل بعضهم عن سبب الاعتقال، أخبرتهم السلطات، بأن ما يحدث إجراء احترازي بسبب اقتراب ذكرى 25 يناير.
لكن رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، نفى الثلاثاء، حدوث أي اعتقالات “في ظل الجمهورية الجديدة” في إشارة إلى عهد السيسي.
جاء ذلك خلال جلسة برلمانية لمناقشة المادة (144) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية المثير للجدل، حقوقيا.
قال جبالي: “لا يوجد ما يسمى اعتقالات، ولكن تطبيق القانون كما يجب، فنحن في دولة سيادة القانون”.
اعتقالات بلا مصير
قال مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطّار خلال مقابلة مع موقع “الحرة”: “حتى اليوم لم نرصد من أسرة ريفالدو أنه ظهر”.
قال أيضا إن “المنظمة تسجل حالات الاختفاء القسري من خلال تواصلها مع عائلات المختفين أنفسهم. بعضهم مجهول المصير منذ 13 عاما”.
أكد العطار المعلومات عن “حملات” الاعتقال التي جرت في الأيام الماضية، وقال إن “الأمن المصري لا يحتاج ذريعة للاعتقال” في إشارة إلى تزامنها مع ذكرى 25 يناير.
في 21 أكتوبر 2024، اعتُقل الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق.
قبل أيام، جُدد حبسه، لذلك أعلن في التاسع من الشهر الحالي، إضرابه عن الطعام.
قال العطار عن فاروق: “رجل اقتصادي، يكتب في الاقتصاد فقط”.
وفي السابع من يناير الحالي، اعتقل أيضا “اليوتيوبر” الشهير أحمد أبو اليزيد.
كانت تهمته “قبض الدولار من جهة خارجية”، بسبب الأموال التي يحصل عليها من موقع “يوتيوب” لقاء المحتوى الذي يبثه على قناته.
دعوات للتظاهر
منذ بداية يناير الحالي، صدرت عشرات الدعوات للتظاهر.
جهات عدة زعمت أنها “تمثل” نشطاء شاركوا في احتجاجات 25 يناير، بمسميات عديدة، مثل: لجان وتنسيقيات الثورة.
انتشرت الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولها كثيرون. بعضهم ربطها بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، على “أمل” أن يحدث أمر مواز في مصر.
وإن كان الرأي العام المصري عرف بقصة “ريفالدو”، وعدد آخر قبله، لكن عشرات القصص لمعتقلين ومغيبين قسريا، ما زالت مجهولة.
من انتشرت قصصهم، بلغ أقرباؤهم وأصدقاؤهم عن حالاتهم، لذلك، اضطرت السلطات بسبب التفاعل مع قضاياهم، الكشف عن مصيرهم، وفقا للعطار.
ما حدث في منزل عائلة “ريفالدو” من “تكسير” لمحتوياته، يحدث “دائما” مع المعتقلين والمغيبين لدى السلطات المصرية، بحسب الحقوقي المصري.
تروع السلطات المصرية العائلات أثناء عمليات الاعتقال، وتدمر أثاث المنازل وتسرق ممتلكات، كالمصوغات الذهبية والأجهزة المحمولة، وفقا للعطار.
وثقت الشبكة، اختفاء 6 أشخاص مع مركباتهم (ميكروباص، سيارة، دراجة نارية)، وجميعها كانت بالتقسيط.
اضطرت عائلاتهم رغم أوضاعها المالية الصعبة، دفع الأقساط، بحسب الشبكة.
لا أعداد!
تقدر منظمات حقوقية مصرية، عدد معتقلي الرأي والمختفين قسرا في مصر، بعشرات الآلاف.
هذه الإحصائية التقريبية، منذ تولي السيسي السلطة عام 2013، وحتى الآن.
قال العطار: “لا رقما محددا ومعروفا لهؤلاء، بسبب رفض الجهات الرسمية الكشف عن ذلك”.
قال أيضا: “الجهة الوحيدة التي تملك معلومات عن أعداد المعتقلين والمختفين قسرا، هي وزارة الداخلية المصرية”.
ورغم رفع ذوي المغيبين قضايا عديدة ضد وزارة الداخلية في مجلس الدولة، لكنها لم تنفذ أي قرار موجب صدر عن المجلس، بشأن الكشف عن مصائرهم، وفقا للحقوقي المصري.
وفي فبراير 2023، طالبت 9 منظمات حقوقية في بيان مشترك، السلطات المصرية بزيادة الشفافية ونشر أعداد المحتجزين والسجناء في البلاد.
قال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: “تحجب الحكومة المصرية معلومات حول أعداد السجناء وكأنها أسرار دولة”.
قال أيضا: “من حق المصريين، معرفة عدد الأشخاص الذين تحتجزهم حكومتهم، وكيف تعاملهم”.
السجن أهون
يشارك رئيس الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، قصة حدثت قبل سنوات.
خرجت امرأة من منزلها وهي ترقص و”تزغرد”.
كل ذلك، لأنها عرفت فقط من خلال مكالمة هاتفية مع الشبكة أن ابنها “في سجن طرة”.
سبقت “زغاريدها”، أشهر من اللوعة على اختفاء ابنها الطالب في كلية الهندسة بجامعة الأزهر.
قال العطار: “إلى هذا الحال وصلنا. أن السجن أهون من الموت. مؤلم جدا”.
المصدر: الحرة