في ظل عجز محلي عن احتواء المرض، تتفاقم ظاهرة الإصابة باللشمانيا أو “حبة السنة” كما يعرف محلياً، في ريف دير الزور الشرقي، الخاضع لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وسط مخاوف من فقدان السيطرة بشكل نهائي وتحول هذا المرض إلى ما يشبه الوباء.
وأحصى مراسل وطن اف ام في ريف دير الزور محمد ناصر – بعد جولة ميدانية – أكثر من 5 آلاف إصابة بمرض اللشمانيا في عدد من القرى والبلدات الواقعة على الضفة الشمالية لنهر الفرات أو ما تسمى منطقة الجزيرة، ومن بين تلك الإصابات حالات متقدمة جدا في هذا المرض الخطير.
ويعرف اللشمانيا بأنه مرض طفيلي المنشأ ينتقل عن طريق قرصة ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة جدا لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة، وتجري العدوى بعد مص دم المصاب (إنسان أو حيوان كالكلاب والقوارض) ثم نقله إلى دم الشخص التالي فينتقل له، وينتشر المرض في المناطق الزراعية والريفية.
ومن أنواع المرض اللشمانيا الجلدية، وهي تكون على شكل حبة حمراء ذات فتحات صغيرة يخرج منها صديد أو على شكل حبة حمراء نافرة فوق سطح الجلد يغطيها طبقة من الصديد الجاف وفي حالة إزالته يكشف عن قرحة غائرة وهي غير مؤلمة، لكنها تزداد في الحجم (1-2سم) ثم تشفى تدريجياً ليكون مكانها ندبة غائرة تترك أثراً طوال العمر، ويستغرق الشفاء التلقائي من 6–12 شهراً ينتهي بندبة غائرة.
وبحسب مراسلنا فإن مدينة هجين شرقي دير الزور، تتصدر عدد المصابين بمرض اللشمانيا بـ 1200 حالة، تليها بلدة السوسة التي سجلت نحو ألف حالة، وبلدتا أبوحمام والكشكية بمنطقة الشعيطات 1700 حالة، إضافة إلى بلدات الباغوز، وأبو خاطر، وأبو الحسن بنحو 1200 حالة بشكل إجمالي.
ويشير ناصر إلى أن بعض المدن كهجين لا يوجد فيها أي مركز طبي أو مستوصف لتقديم المساعدات، فيما تقدم بعض المستوصفات في القرى المجاورة أدوية بدائية لعلاج اللشمانيا، كبلدة أبو الخاطر، التي تحسنت حالة 70 مصاباً فيها من أصل 180.
المراسل أوضح أن مدينة هجين تضم مستوصفين صحيين اثنين أحدها تستثمره منظمة “سوسن”، وتوجد فيه عيادات شاملة وأدوية مجانية، لكنه لا يحتوي على علاجات للشمانيا، أما المستوصف الثاني فتستولي عليه الشرطة العسكرية التابعة لـ”قسد”.
العلاج غير كافٍ
ويقول أحد العاملين في المراكز الطبية بريف دير الزور، لمراسلنا إن سبب انتشار المرض هو عدم المتابعة من الأهالي لحالة أبنائهم، إذ إن الحقن وحدها لاتكفي، ويجب الوقاية قبل وبعد العلاج.
ويضيف العامل الذي فضل عدم كشف اسمه أن هناك حالات كثيرة لا يمكن حقنها بسبب وجود الإصابة في مناطق حساسة كالأذن والأنف.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن داء الليشمانيا في المناطق التي تأثرت بالأزمة السورية، ناجم عن الليشمانية المدارية وهو الأكثر أهمية من حيث خطر إدخاله إلى البلدان المجاورة وهو يمثِّل أيضاً المزيد من حالات فشل المعالجة (تصل إلى 20% من الحالات التي قد تصبح مزمنة).
ريف دير الزور، كان على موعد مع هذا المرض منتصف العام 2013، بعد تحريره من قبضة نظام الأسد عبر فصائل الجيش السوري الحر، لكن وبعد تكاتف الجهود، وإعادة افتتاح وتنظيم المؤسسات الخدمية، استطاعت الكوادر الطبية القضاء على المرض بشكل شبه نهائي.