الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد منذ أشهر عدة، ليست المعاناة الوحيدة بالنسبة لقاطني تلك المناطق، فغياب الأمن وانتشار قانون الأتاوات والجرائم، لايزال مستمراً.
عمليات سطو على المتاجر وفرض أتاوات على المدنيين
فقد شهدت أحياء في مدينة حلب مؤخراً عمليات سرقة وسلب أبرزها وليس آخرها عملية السطو على متجر “عبد المنعم عقيلي” في حي “محطة بغداد” غرب حلب، قام خلالها مجموعة من اللصوص بطعن صاحب المتجر وسرقة محتوياته، لتعلن قوات الأمن التابعة لنظام الأسد إلقاءها القبض على الفاعلين بعد أسابيع.
كما يشتكي أصحاب المتاجر والمحال في حي العزيزية والمنطقة المعروفة بـ”سوق عبارات الألبسة” ومنطقة “العبارة” في حلب القديمة، من انتشار العصابات المسلحة التي تقوم بعمليات سطو مستمرة على المتاجر منذ أسابيع، وفرض المليشيات على أصحاب المتاجر أتاوات ثابتة يتم جمعها شهرياً.
وكانت صفحة “أخبار حي الزهراء” على موقع “فيسبوك” الموالية للأسد نشرت خبراً قالت فيه إن الشرطة التابعة لقسم “حي العزيزية” قامت باعتقال مجموعتين من اللصوص اعترفوا بالقيام بعدة عمليات سطو مسلح، وصادروا أسلحتهم.
ويقول “أبو جمعة” كما فضل التعريف عن نفسه، وهو صاحب محل لبيع الألبسة في حي العزيزية: “معظم عمليات السطو يقوم بها شباب بعمر الخدمة الإلزامية، وهذا ما يمكن تأكيده من خلال أخبار اعتقال الشرطة لبعضهم”.
ويتساءل “أبو جمعة”..” عن السبب الذي يدفع الشرطة التي تقوم بملاحقة واعتقال السارقين، بالتغاضي عن المليشيات المنظمة التي تقوم بفرض الأتاوات على أصحاب المتاجر، وهم معروفون للجميع، مثل “لواء القدس الفلسطيني والباقر ومليشيات أخرى”.
ويضاف إلى ذلك تسجيل عدة عمليات سطو مسلح على منازل المدنيين في أحياء متفرقة من مدينة حلب، بينها “الشعار، الحمدانية وسيف الدولة”.
واستمرار قانون الأتاوات الذي تفرضه المليشيات على عربات نقل البضائع والمسافرين، الذي أدى إلى توقف خطوط الرحلات على طريق “حلب_خناصر” مرات عدة، وإغلاق معبر “أبو ضهور” الواصل بين مناطق سيطرة قوات الأسد بريف حلب الجنوبي وريف إدلب الشرقي مرتين خلال الشهر المنصرم.
أزمة معيشية خانقة
أزمة غياب المحروقات المستمرة منذ بداية فصل الشتاء، والتي تتصدر المشهد الحالي، ليست الأزمة الوحيدة التي يعاني منها المدنيون في أحياء مدينة حلب، رغم تسببها بوفاة رضيعة عمرها “40 يوماً”، وارتفاع معدل المرضى بالالتهابات الصدرية والرئوية الحادة، كما تقول إحصائيات المشافي النشطة في مدينة حلب واعلاميون موالون للأسد.
فقد كانت آخر عربات اسطوانات الغاز الموزعة لبعض أحياء مدينة حلب منتصف الشهر الجاري، وشملت مايقارب الثلاثين حياً فقط “مايعادل 10% من مدينة حلب”، في حين يستمر انتظار دور باقي الأحياء في الحصول على اسطوانات الغاز المستمر منذ أكثر من شهرين.
وإلى جانب أزمة المحروقات، وغياب الأمن، تشهد مدينة حلب ومنذ أشهر عدة، “ندرة حادة” في معظم أنواع السلع التموينية والغذائية وارتفاع أسعارها، وليس انتهاءً بأزمة الخبز التي أصبحت حديث المواليين نتيجة شح الطحين في الأفران الحكومية.
ويرى الصحفي الميداني “يمان الخطيب” من خلال متابعته للأزمة التي تعيشها مدينة حلب الخاضعة لسيطرة للأسد “أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا على نظام الأسد لها دور في تضخم الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرته عامة”.
ويقول الخطيب: هناك أزمة أمن وأزمة معيشية خانقة، من أسبابها العقوبات الأمريكية، ولكن للنظام أيضاً دور كبير في تفاقم معاناة المدنيين، فهو يعمد إلى تأديب الشعب الذي ثار ضده والانتقام منه، من خلال حالة الانفلات الأمني وتسليط المليشيات على رقاب الناس، إضافة إلى أن روسيا التي لم تحرك ساكناً رغم قدرتها على تزويد النظام بالغاز والسلع التموينية مثل “الطحين والسكر”، لكنها حتى اللحظة تترك النظام يعاني لأسباب مجهولة.
دفع الأتاوات للحواجز العسكرية التابعة للمليشيات، وتضرر الصناعة نتيجة فرض الأتوات على أصحاب المصانع، وعمليات الخطف والسرقة والنهب والقتل والإغتصاب، وصولاً إلى تدهور الوضع المعيشي وغياب مختلف السلع التموينية عن الأسواق، وفقدان المحروقات، جميعها صور تنقلها الصفحات الموالية لنظام الأسد قبل غيرها بعد أن أصبح تجاهلها غير ممكن.
هي صورة الحياة في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، “انعدام الأمان” الذي لطالما تغنى بوجوده وروّج له نظام الأسد عن الحياة المدنية، وانتشار البطالة وهيمنة القوة والسطوة العسكرية الخارجة عن القانون على السكان.