تواجه شركات الطيران عالمياً أكبر ضائقة مالية في تاريخها بسبب فيروس كورونا وتقييد حركة السفر، كشركة “أفيانكا” الكولومبية التي طلبت وضعها تحت قانون الحماية من الإفلاس في أمريكا، كما قُدّرت خسائر شركات الطيران في أمريكا اللاتينية بنحو 15 مليار دولار.
وجّه فيروس كورونا المستجد ضربة قاسية إلى صناعة الطيران بمجملها، التي تأثرت بتدابير الاحتواء المفروضة على مليارات الأشخاص حول العالم.
إذ باتت شركات الطيران ووكالات السفر والسياحة حول العالم، على مرمى حجر من الإفلاس، نتيجة التدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومات للحيلولة دون تفشي فيروس كورونا في البلاد.
ومن الشركات التي تأثرت بتقييد حركة السفر عالمياً، شركات الطيران الصومالية، فبعد قرار تعليق الرحلات الجوية الدولية ومن ثم توقف الرحلات الداخلية في الصومال منذ فبراير/شباط الماضي، تكبَّدت شركات الطيران ووكالات السفر والسياحة الصومالية خسائر مالية صادمة.
تقدَّر خسائر شركات الطيران والسياحة والسفر في الصومال، بنحو 130 مليون دولار، وتُهدَّد عشرات الشركات المحلية بالانهيار والاختفاء عن الساحة تماماً، حسب اتحادات شركات الطيران ووكالات السفر.
وحسب الاتحادات أيضاً، فإن قطاع الطيران والسياحة سيواجه أصعب أزمة مالية في تاريخه، مما قد يؤدِّي إلى خسارة آلاف المواطنين وظائفهم، في البلد الذي تبلغ نسبة البطالة فيه أكثر من 75%.
ويشهد قطاع الطيران المدني في الصومال على مدار العاميين الماضيين، توسعاً كبيرًا من حيث شبكات الطيران الدولية، نظراً إلى التحسن الأمني الذي تشهده البلاد، إذ يصل عدد الطائرات المستخدمة في الأجواء الصومالية يومياً إلى أكثر من 350 طائرة.
لكن سرعة قفزة هذا القطاع أفسدتها جائحة كورونا بعد إغلاق المطارات الدولية وتعطُّل حركة الطيران والتنقل، إلى جانب معضلة استئجار طائرات الركاب بنظام الساعات، الذي تعتمد عليه الشركات الصومالية.
ونتيجة تبعات الفيروس، أقدم آلاف المسافرين على إلغاء حجوزاتهم، وهو ما أغرق الشركات في بحر من الخسائر المالية التي بلغت الملايين، مما قد يهدّد إمكانية استمرار عملهم مع انتهاء أزمة كورونا.
وتعتمد شركات الطيران الصومالية على استئجار طائرات الركاب، التي تُقدَّر تكاليفها عادة بالساعة الواحدة، وتختلف الأسعار طبقاً لحجم الطائرة وعدد ركابها وطول الرحلة.
إذ كشف مسؤول صومالي لوكالة الأناضول الإخبارية أنه “يُستأجر بعض الطائرات لـ3 أشهر بكلفة 480 ألف دولار، بواقع 160 ألف دولار في الطائرات ذات الحجم المتوسط في الشهر، وهو ما يفاقم الخسائر المالية التي تغرق فيها شركات الطيران”.
ولم تسلم وكالات السفر والسياحة من معضلة تداعيات إغلاق المطارات، وتوقف الرحلات الدولية والداخلية، فمئات المكاتب داخل البلاد وخارجها مغلقة تماماً، فيما بات آلاف العمال على قائمة البطالة.
نحو 360 وكالة سفر وسياحة في البلاد مهددة بإنهاء خدمات موظفيها، وتشير التقديرات إلى أن تلك الوكالات ستخسر شهريّاً نحو 5 ملايين دولار، إلى جانب مواجهتهم ضغوط المسافرين الذين يطالبون بتعويضات عن رحلاتهم المؤجلة
أما في كولومبيا فقد طلبت شركة أفيانكا، ثانية شركات الطيران في البلاد، وضعها تحت قانون الحماية من الإفلاس في الولايات المتحدة من أجل إعادة هيكلة ديونها “بسبب التأثير غير المتوقع” لوباء كوفيد-19.
وأكدت الشركة في بيان أنها طلبت مع “بعض فروعها والشركات التابعة لها” أن “تدرج نفسها طواعية في نظام الفصل 11 من قانون الإفلاس” في محكمة في نيويورك.
ويسمح الفصل 11 من قانون الإفلاس الأمريكي للشركة بإعادة هيكلة نفسها، وهو غالباً ما يكون على حساب إلغاء عدد كبير من الوظائف، دون أن تتعرض للضغط من دائنيها.
وقالت الشركة إن عمليات شركة الطيران “تأثرت بشكل كبير بوباء كوفيد-19” بالإضافة إلى تدابير الاحتواء في جميع أنحاء العالم، مضيفة أن الشركة لا تزال تدفع “تكاليف ثابتة عالية”.
وعلّقت أفيانكا مؤقتاً جميع رحلاتها في نهاية مارس/آذار بعدما قرر الرئيس الكولومبي إيفان دوكي إغلاق المجال الجوي للبلاد مع زيادة عدد المصابين بالوباء.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة أنكو فان دير ويرف في بيان صحفي: “أفيانكا تواجه أكثر الأزمات صعوبة في تاريخها الممتد إلى 100 عام”.
وإذا فشلت في الخروج من الإفلاس فإن أفيانكا ستكون واحدة من أولى شركات الطيران الكبرى في العالم التي تفشل نتيجة لأزمة فيروس كورونا التي أدّت إلى انخفاض بنسبة 90% في حركة الطيران العالمية. ولم تنفّذ أفيانكا أي جدول منتظم لرحلات الركاب منذ أواخر مارس/آذار.
وأفيانكا إحدى أقدم شركات الطيران في العالم، كما أنها مصدر فخر للكولومبيين. ومرت الشركة بالإفلاس من قبل في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وأنقذها جيرمان إفروموفيتش، رجل الأعمال بوليفي المولد، وهو أحد رواد العمل في مجال النفط.
وقدّر اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) خسائر الإيرادات لشركات الطيران في أمريكا اللاتينية هذا العام بنحو 15 مليار دولار، في أسوأ أزمة تشهدها الصناعة في التاريخ.
وأعلنت مجموعة طيران الإمارات تراجع أرباحها خلال العام المالي 2019/2020 بنسبة 28 بالمئة، قياساً على العام السابق له، وسط تأثر العائدات بفعل تفشي فيروس كورونا.
وأوضحت المجموعة (حكومية ومقرها دبي) في بيان، أن الأرباح بلغت 1.7 مليار درهم (456 مليون دولار) خلال العام المالي المنتهي في 31 مارس/آذار 2020.
وكانت أرباح المجموعة بلغت 2.3 مليار درهم (626 مليون دولار) خلال العام المالي 2018/2019.
وانخفضت العائدات بنسبة 5 بالمئة خلال العام المالي الماضي، إلى 104 مليارات درهم (28.3 مليار دولار)، بسبب إغلاق مدرج مطار دبي الدولي، وتقييد حركة الطيران والسفر نتيجة انتشار كورونا في الربع المنتهي في مارس الماضي.
وذكرت المجموعة أن أسعار صرف غير مواتية كلفتها خسائر مالية، لكنها لقيت بعض الدعم من انخفاض أسعار النفط.