في جزيرة ميتيليني اليونانية المقابلة للشواطئ التركية، لم يعد غريباً أن يرى الزائر يافطات فيها شروحات باللغة العربية أو الأوردو على المحلات التجارية ومكاتب السفر والمطاعم. ولا يجد الزائر صعوبة في الحصول على جواب لهذه الظاهرة، فكلمة السر هي حركة اللجوء والجمعيات الإغاثية.
ميتيليني التي تعد من الجزر السياحية المهمة في اليونان، لا تزال تستفيد بشكل كبير من عبور آلاف اللاجئين يومياً أراضيها باتجاه العاصمة أثينا أو مدن الشمال اليوناني للوصول إلى الحدود اليونانية المقدونية حيث يكملون سفرهم إلى بلاد البلقان ثم بلاد شمال أوروبا.
ففنادق الجزيرة أصبحت ممتلئة بشكل يصعب معه إيجاد غرف. يقول يورغوس، مدير فندق صغير يقع في الشارع الرئيس المطل على الميناء، إن الغرف لا تخلو وإنه من الصعب حجز غرفة إلا قبل أيام، حيث إن اللاجئين السوريين يطرقون بابه كل ساعة للبحث عن غرفة لمبيت ليلة أو ليلتين ريثما يجدون سفينة تنقلهم إلى أثينا.
إضافة إلى الفنادق، وجدت مكاتب السفر فرصة عمل كبيرة في تذاكر السفر بالسفن. حيث أصبح بعضها يحتكر تلك التذاكر ليصبح المصدر الوحيد لها. وقد خلقت حركة اللجوء لتلك المكاتب فرصة عمل لم تكن تحلم بها في هذه الأشهر.
بينما كانت السفن العاملة على خط الجزر تعود منها إلى أثينا بأعداد قليلة من الركاب، أصبحت اليوم تعود بدون أي مكان فارغ، بفضل اللاجئين الذين ينتظرون أحياناً بضعة أيام ليجدوا مكاناً لهم.
أكشاك
وأمام المخيمات التي أقيمت للاجئين في الجزيرة، أقام يونانيون من سكانها مشروعات صغيرة مثل الأكشاك والمحلات التجارية التي توفر الحاجات الأساسية للاجئين وأطفالهم من طعام وشراب وبطاقات اتصال.
ويلاحظ الزائر أن أصحاب تلك المحلات اكتسبوا خبرة من تعاملهم مع اللاجئين الذين يدين أكثرهم بالدين الإسلامي، فأصبحوا يعلنون أن اللحوم التي يقدمونها لهم هي لحوم حلال.
وقرب المخيمات، تقف عدة سيارات أجرة جلبت لاجئين من أماكن وصولهم إلى المخيم لتسجيل أسمائهم والحصول على اعتراف أولي بلجوئهم. كما ينتظر السائقون أمام المخيم نفسه بانتظار نقل لاجئين آخرين باتجاه الميناء أو وسط المدينة.
كذلك تستفيد المحلات التجارية والمطاعم الشعبية من وجود آلاف اللاجئين في الجزيرة. حيث يهرع الأخيرون إلى التزود بملابس وأحذية جديدة لهم ولأطفالهم، حيث إن الرحلة البحرية غالباً ما تفسد تلك الملابس.
لعل أبرز المستفيدين من حركة اللجوء هي محلات الاتصالات. فالاتصال بالأهل وطمأنتهم إلى الوصول بالسلامة واكتساب خط محلي يمكن التواصل عبره، وتشغيل برامج الاتصال المجانية هي أولوية بالنسبة للاجئين الذين ينفقون مبالغ مالية جيدة للتواصل مع ذويهم.
المطاعم والفنادق
إضافة إلى اللاجئين، يتدفق على الجزيرة متطوعون ومسؤولون من هيئات إغاثية أوروبية وعربية. وهؤلاء يفيدون السوق المحلي بما يشترون من مواد غذائية يقدمونها للاجئين كما ينعشون المطاعم والمقاهي والفنادق ومكاتب تأجير السيارات.
الجزيرة نت التقت نمر أبو اللوز، مندوب الجمعية الإسلامية لإغاثة الأيتام والمحتاجين بأحد مخيمات الجزيرة. وقد أوضح أنه جاء مع وفد من الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني والجمعيات الإغاثية العاملة هناك، حيث مكث الوفد عدة أيام في الجزيرة للاطلاع على أحوال اللاجئين وتقديم معونة أولية لهم.
وأوضح أبو اللوز أن الحملة أخذت بعين الاعتبار الصداقة التاريخية بين اليونان والعالم العربي والحالة الاقتصادية التي يمر بها البلد. وبناء عليه فقد اختارت الحملة جزيرة ميتيليني التي يقصدها اللاجئون بكثافة.
وقال إن الحملة أنفقت خلال ثلاثة أيام حوالي خمسة آلاف يورو موزعة على استئجار فنادق وسيارات وشراء مواد غذائية للاجئين ونثريات أخرى.
وأوضح أبو اللوز أن الحملة ستقوم خلال الفترة القادمة بإنشاء مركز إغاثي في الجزيرة لمساعدة اللاجئين من هناك بشكل دائم.
المصدر : الجزيرة نت