أثارت الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس مساء يوم الجمعة الماضي، المخاوف من تفاقم أزمة اللاجئين،التي شغلت الأجندة الأوروبية على مدار الأشهر الأخيرة.
وعكست بعض وسائل الإعلام حادثة العثور على جواز سفر سوري – لم يتم التأكد حتى الآن من كونه مزورا أو حقيقيا- في أحد مواقع الهجمات، بشكل يضع اللاجئين في فقص الاتهام ، إذ بدأت اسئلة استفهام عديدة تظهر حول ما ستكون عليه سياسة أوروبا الحالية والهشة حيال اللاجئين بعد تلك الهجمات.
وثمة مخاوف من احتمال قيام أوروبا التي تنتظر وصول مليون لاجئ حتى نهاية العام الجاري، بإغلاق أبوابها أمام اللاجئين، وزيادة العداء تجاه الأجانب، في وقت زادت فيها معظم دول الاتحاد الأوروبي من إجراءاتها الإمنية ومراقبة حدودهاً، إلى جانب صدور تصريحات متعلقة بإعادة النظر في القرارات والسياسات الخاصة باللاجئين.
وأعلنت بولندا التي تعارض خطة توزيع اللاجئين بشكل عادل ضمن دول الاتحاد، أنها لن توفي بالتزامها الذي قطعته للاتحاد لاستقبال لاجئين عقب هجمات باريس، كما لا تبدي دول أوروبا الشرقية كسلوفينيا وجمهورية التشيك والمجر ورومانيا واستونيا ولاتفيا، مرونة لاستقبال اللاجئين في إطار نظام الحصص الإلزامية الذي أقره الاتحاد.
وصرح رئيس الوزراء السلوفاكي أن أمن مواطني بلاده أهم من اللاجئين، وأنهم سيضعون كافة المسلمين في البلاد تحت المراقبة، فيما أعلنت بلغاريا أنها لن تستقبل مزيداً من اللاجئين رغم الاتحاد الأوروبي، بينما قررت النمسا تمديد تشديداتها على الحدود بهدف مراقبة اللاجئين والحد منهم، حتى شباط/ فبراير عام 2016.
وذكر المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية “جويل ميلمان” في تصريحات للأناضول أن تصريحات بعض دول الاتحاد حول إغلاق الأبواب أمام اللاجئين عقب هجمات باريس أمر مقلق للغاية، مضيفاً ” إننا قلقون من مواجهة آلاف اللاجئين الذي سيتأثرون ببرد الشتاء القارص، بينهم نساء حوامل، وأطفال ومعاقيين وجرحى، للعداء تجاههم أيضاً.
وبدورها، أعربت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، عن قلقها بشأن إغلاق الحدود أمام اللاجئين في أوروبا، ومد أسلاك شائكة، وبناء جدران على الحدود، حيث لفتت المتحدثة باسم المفوضية، مليسا فليمينغ، أن اللاجئين القادمين إلى أوروبا هاربون من الإرهاب، مؤكداً ضرورة عدم جعل اللاجئين كبش فداء لهجمات باريس.
أمّا المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، فقال حول الموضوع، ” إن داعش تريدنا أن نميز بين اللاجئين، حيث أن تصريحات بعض الدول ووسائل الإعلام المعادية للمهاجرين عقب هجمات باريس أمر غير مريح، فداعش تنظيم ذكي ولذلك ينبغي علينا أن نتصرف بحنكة، إذ لا يمكننا أن نحرز أي تقدم إذا سرنا معهم في لعبتهم وأعطيناهم ما يريدون بذلك”.
وفي نفس السياق، أوضح المدرس في قسم العلوم السياسية بجامعة زالتسبورغ، الخبير بشؤون الإسلاموفوبيا، فريد حافظ، للأناضول أن الخلط بين مشكلة الهجرة وهجمات باريس، سيؤدي إلى سياسيات أكثر تقييداً تجاه اللاجئين، مؤكداً ضرورة تذكر أن التعامل بصرامة مع المسلمين يعد أحد الأهداف النهائية لداعش الذي يرغب بكسب دعم أكبر من المسلمين في أوروبا.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي اتفقوا في أيلول/ سبتمبر الماضي على توزيع لـ 160 ألف لاجئ على دول الاتحاد بشكل عادل ضمن نظام الحصص الإلزامية، حيث لم يتم حتى الآن سوى استقبال 147 لاجئ في السويد ولوكسمبورغ في إطار نظام الحصص، من أصل أكثر من 830 ألف لاجئ وصول أوروبا.
وفي صعيد متصل، فإن مستقبل مسألة تعاطي أوروبا مع اللاجئين، يهم الدول المجاورة لسوريا كلبنان والأردن وعلى رأسهم تركيا التي تستضيف رقماً قياسياً من اللاجئين، وفي هذا الإطار، أوضح وزير الخارجية البرتغالي السابق، أنطونيو مارتينس دي كروز، أنه من غير العدل ترك تركيا لوحدها وهي تستضيف أكثر من مليوني لاجئ.
وأكد، دي كروز، ضرورة دعم أوروبا لتركيا سياسياً ومالياً، وبنفس السياق أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، خلال مشاركته مؤخرا في قمة مجموعة العشرين بأنطاليا التركية ضرورة عدم ترك الدول الجوار لسوريا والتي تستضيف أكثر من أربعة ملايين لاجئ لوحدها.
تجدر الإشارة إلى أن 132 شخصًا لقوا مصرعهم، وأصيب 352 آخرون، جراء هجمات دامية متزامنة، شهدتها العاصمة الفرنسية باريس الجمعة الماضي، فضلًا عن مقتل 7 من منفذي الهجمات، التي تبناها تنظيم “داعش”.
المصدر : الأناضول