منوعات

في الذكرى الثمانين لميلاد المخرج وودي آلان: أعيش في عالم مزيف!

لو قلنا يوم الأول من ديسمبر/ كانون الثاني أن آلان ستيوارت كوني سبورغ سيحتفل بعيد ميلاد سعيد، سيكون الأمر عاديا جدا لأن لا أحد يعرفه، ولكن لو قلنا إن هذا الإسم هو الحقيقي للمخرج الأمريكي الشهير وودي آلان، وأنه أكمل عامه الثمانين، فهناك مفارقة كبيرة وسيتغير الأمر جذرياً: لأننا بلا شك أمام أهم السينمائيين على المستوى العالمي، ليس فقط في العقود الأربعة الأخيرة، ولكن في كل تاريخ السينما.

مخرج لأعمال سينمائية خالدة بطيات سميكة وقراءات مختلفة مثل «أيام الراديو»، «مانهاتن»، «الكل يقولون أحبك»، «جرائم وأخطاء»، «الوردة البنفسجية في القاهرة»… تسمح للمشاهد بمعرفة مسارات الرجل الحياتية وفهم من يكون هذا الكائن السينمائي. 

قد يعتقد البعض أنه خلف تلك النظارات السميكة وتلك العبقرية يكمن مثقف زائف، فلا شيء أبعد من الواقع «لقد نشأت في شوارع بروكلين، وتم طردي من السنة الأولى في الكلية» يوضح، مضيفا «كان والدي سائق تاكسي يبحث عن الحياة في البلياردو أو في الرهان على سباقات الخيل. أنتمي للعالم السفلي، أنا واحد من ذاك النوع الذي يرتدي قميصا في المنزل ويشرب البيرة ويتابع كرة القدم الأمريكية على شاشة التلفزيون، أنا لا أقرأ الروائيين الروس، كل ما فعلت لأكون في ذروة خطيباتي» يعلق ضاحكا على مساره الدراسي.

منذ كان صغيراً، كان مفتوناً بالحلقات الإذاعية وبالموسيقى، وبشكل خاص بالجاز. بدأ يعزف على الكمان ثم على ألة كلارنيت. وفي سن السابعة عشرة، بدأ مسيرته بكتابة أعمدة هزلية لبعض الصحف المحلية، وكذلك تعلم بعض الألعاب السحرية «هناك معنى ديني للسحر، حينما ترى خدعة ما، فأنت أمام شيء يتحدى الواقع»، يشرح.

بالنسبة له السينما هي الطريقة الأكثر فعالية للهروب من الواقع القاسي والصعب من يوم لآخر، من الهروب من وجودٍ محزنٍ، والذي هو في العمق سخيف ومطلق. ويعترف أنه لا يزال يصنع الأفلام كعلاج وظيفي، بجانب أفكاره المرعبة في هذا العالم: «أعيش في عالم مزيف طيلة عشرة أشهر، أبدع بعض الشخصيات، أتعايش معها، أراها، أُسمعها موسيقى، وأضع لها بعض الزينة. طيلة هذا الوقت أكون برفقة نساء رائعات ورجال نبهاء، يعرفون ما يقولون وشجعان، إنها طريقتي لأتحدى أو أخبئ نفسي من الواقع»، تلك هي نظرته للواقع والحياة معاً وطريقته في تجنب بشاعة العالم وفظاعته.

هكذا هو المخرج وودي آلان في سن الثمانين لا يزال يتحفنا بالعديد من مشاريع لم تتوقف، وفي الجهة المقابلة من الشاشة هناك الملايين من المتفرجين ينتظرون جديد هذا المخرج، الذي لا يزال قادرًا على العطاء والإبداع، بعيدا عن رسم ذاك الملمح البائس في الوطن العربي، حينما يصل المرء إلى الثمانين ويصيبه الوهن والخرف حتى ولو كان كاتبا كبيراً ومبدعاً خلاقا لا يزال قادراً على العطاء والإبداع، فإننا نقتله بنظراتنا وبأحاسيسنا قبل أن يقتله الموت والمنون، ونصدر في الغد صحفنا مدبجة في تعزيته: «كان رحمة الله إنساناً مبدعاً ورجلاً شهما و… «.

ماذا عسانا أن نقول سوى: نحبك وودي آلان! سنة سعيدة! وننتظر أن تتحفنا وتهدينا الكثير من القصص والأحلام الجميلة والتحف السينمائية.

المصدر : القدس العربي 

زر الذهاب إلى الأعلى