منوعات

هاشتاغ «سلّموا المعبر» يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بوجع الغزاويين

«أنا وأولادي في غزة، وابني الكبير في السويد، وزوجي في مصر، وطبعا لم نلتق إلا في ما ندر. وإذا فتح المعبر، وهو نادراً ما يحصل، يجب أن نستعطف فلاناً وعلاناً ونذوق الذل لنعبر، على رغم أني مسجلة». «إنه معبر الذل والحرمان». «ضاعت عليّ منحتا دكتوراه بسبب المعبر».

«في اليومين اللذين فتح فيهما المعبر، بقيت أنا وبنتي هناك، رأينا وعشنا كل التفاصيل لحظة بلحظة، وللأسف لم تنجح ابنتي بالسفر على رغم أن عندها ورقة قبول في جامعة القاهرة. ولو لم تلتحق بجامعتها هنا نهاية الشهر لخسرت السنة الدراسية».

 
تلك بعض من القصص الكثيرة، والمعاناة المتفاقمة لسكان قطاع غزة تحت الحصار والإغلاق الذي وسم العقد الأخير من حياتهم.
#سلموا_المعبر، هاشتاغ أطلقه نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب فتح معبر رفح جنوب القطاع في الثالث والرابع من الشهر الماضي بعد إغلاق دام 106 أيام، ليصل مجموع أيام تشغيل المعبر إلى 19 يوماً فقط خلال العام الحالي.
 
ووصل عدد التغريدات على هذا الوسم الى نحو 15 ألف تغريدة خلال أقل من أسبوع، شاهدها نحو 50 مليون مستخدم لموقع «تويتر».
ويعد معبر رفح المنفذ الوحيد للفلسطينيين إلى العالم الخارجي في ظل سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على حاجز بيت حانون المسمى «إيرز» ومنعه السواد الأعظم من سكان القطاع من المغادرة عبره.
 
وفتحت الحملة الشبابية الجديدة باب الجدل من جديد في الفضاء الافتراضي، خصوصاً أن معظم المغردين على هذا الوسم حمّلوا حركة «حماس» التي تسيطر على القطاع وعلى معبر رفح في شكل خاص، مسؤولية إغلاقه، ما أثار استنكار مغردين آخرين جادلوا في أن السلطة الفلسطينية والدولة المصرية هما من يحاصر القطاع وأهله.
ومن أجل ذلك، أطلق هؤلاء وسمين مناوئين، حمل الأول اسم «سلموا_فلسطين»، والآخر «سلموا_المنظمة» في إشارة الى منظمة التحرير التي تسيطر عليها قيادة حركة «فتح».
 
ويقول الشاب هيثم غراب (28 عاماً) لـ «الحياة»: «لم يثبت أي قول رسمي مصري، أن فتح المعبر مرتبط بعدم بقاء حماس عليه، هذا ما تروجه السلطة وفتح فقط».
ويعتقد غراب، الذي غرد على الوسمين الأخيرين: «يجب التركيز على افتحوا المعبر لا سلموه، نحن جميعاً متضررون من إغلاقه، وموظفو المعبر ليسوا من الفضاء، بل هم أبناء هذا الشعب ويقدمون أفضل أداء بشهادة الكثيرين».
 
ويتهم غراب مطلقي الحملة بأنهم «يرون بعين واحدة ويرفضون التعاطي في شكل مهني، خصوصاً الصحافيين منهم». وبرأيه فإن من يعطل المصالحة، هي الجهة التي لم تنفذ الاتفاق حتى الآن. وعلى رغم أنها لم تدع اللجنة القيادية العليا لمنظمة التحرير، ولم تشرع في دمج الموظفين كما تم الاتفاق، «فإننا لا نسمع لهم صوتاً، بينما يقومون في المقابل بهذه الحملات التي تعزز الفئوية والتعصب».
 
الصحافية منى خضر كتبت على صفحتها على «فايسبوك» توضيحاً للمشككين في أهداف الحملة: «سلموا المعبر ليس هاشتاغاً سياسياً بل قضية إنسانية لأكثر من مليوني شخص يعيشون في سجن اسمه قطاع غزه ومفتاحه مع أبو مازن (الرئيس عباس) وحماس ومصر».
 
وتساءل الشاب أيمن أنور عن الطرف المقصود بالوسم: «تسليمه لمن؟ إن كنتم تقصدون تسليمه لسلطة أوسلو، أي محمود عباس، فلا تتعبوا أنفسكم، فمصر صرحت أكثر من مرة بأنها لن تفتح المعبر إلا للسلطة الشرعية، ولديها تفسير آخر لمفهوم الشرعية، وتتعامل في سياقه مع محمد دحلان ومحمود عباس جزءاً لا يتجزأ من الشرعية (…) لذلك فالهاشتاغ الحالي كلام فارغ، والصحيح يجب أن يكون #‏سلموا_الوطن».
 
وعبر مغردون آخرون عن تجارب ورؤى مختلفة لما يجري، فكتبت هبة الزبيدي (28 عاماً): «خلص العمر وما شفت من السبع قارات غير ‏غزة وضواحيها».
أما بيسان شحادة (25 عاماً) فغردت تقول: «لا تسمح لأي ابن فصيل (سياسي) طالع نازل من المعبر يقلك اصبر عالمعبر!» في إشارة إلى اتهامات بـ «الواسطة والمحسوبية» تداولها ناشطون بحق إدارة المعبر المحسوبة على «حماس».
 
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر بعدما انتشرت كتابات للمدير السابق لمعبر رفح ماهر أبو صبحة، وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» د. موسى أبو مرزوق حول المعبر.
 
واعتبر أبو صبحة الحملة «موجهة ومدفوعة الثمن لأناس عاشوا حياة الذل والهوان ولا يروق لهم أن يروا من يعيش بكرامة وعز».
فيما كتب أبو مرزوق على «فايسبوك»: «لقد عرضنا أن يعود ما تسمونه حرس الرئاسة ورفضتم، وعرضنا أن يعود من كان يعمل في المعبر سابقاً مع إخوانهم القائمين على العمل الآن، وتحت إشرافكم، ولكنكم رفضتم ذلك أيضاً»، في إشارة إلى حكومة التوافق الوطني التي شكلتها حركته مع حركة «فتح» إثر توقيعهما ما بات يعرف بـ «اتفاق الشاطئ» منتصف 2014.
 
وأثارت تلك التصريحات غضب الصحافية والمدونة أسماء الغول، التي أطلقت عشرات التعليقات على وسم «سلموا المعبر» مخاطبة أبو مرزوق: «لم نسمع منكم ولم تصرحوا يوماً بأنكم سلمتم المعبر فكيف ظهرت هذه المعلومات كحقيقة فجأة (…) أنكم تخنقون مليوني مواطن، من أجل 100 موظف وتصنعون الكراهية».
وتربط حركة «حماس» تسليم المعبر بتطبيق اتفاق الشاطئ كاملاً، وفي مقدمه دفع رواتب نحو 50 ألف موظف عينتهم حركة «حماس» بعد سيطرتها على القطاع في منتصف العام 2007.
 
ويعتبر المتحدثون باسمها في تصريحات علنية، أن «تسليم المعبر» يعني تسليم سلاح المقاومة، وهو ما اعتبره مطلقو وسم «سلموا المعبر» محاولة لترويعهم باسم المقاومة.
واتسمت تغريدات المصور معتز الأعرج بحس الفكاهة، فقد غرد قائلاً: «#‏سلموا_المعبر‬‬ لأنو شو بدكم فيه?! خربان وبفتحش».
ويقول معتز (25 عاماً) لـ «الحياة»: «أغرد على الهاشتاغ لأني مشتاق… مشتاق للسفر، للعلاج، لرؤية إخواني الثلاثة، للمشاركة في مهرجانات سينمائية دولية».
ولا يهتم معتز بطروحات طرفي الانقسام، مؤكداً أن فتح معبر رفح قضية إنسانية، ووجود «حماس» على المعبر لن يفيد أحداً، ويختم بالقول» «فليسلموه لشركة خاصة… أو للقرود، المهم أن يفتح المعبر».
 
كذلك تندرت الكاتبة الشابة رنا العلي فكتبت: «طيب لما كانت إسرائيل محتلة غزة (قبل 2005) والمعبر معاها، ليش ما كانتش «المقاومة» صافة (تصطف) طابور وبتسلم سلاحها علشان شلومو (الاحتلال) بختم الجوازات!».
 
فيما كتب الشاب فادي أبو شمالة: «اعتبروه شاليط يا عمي»، في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أطلقت حركة «حماس» سراحه بعد خمس سنوات على اختطافه إثر إحدى أضخم عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي في العام 2011.
 
مسؤول نادي الإعلام الاجتماعي علي بخيت الذي دعا الناشطين الشباب إلى جلسة نقاش حول «تأثير الهاشتاغ على صناع القرار الفلسطيني»، أوضح أن الحملة استقطبت اهتماماً محلياً ودولياً كبيراً في صفوف الفلسطينيين المتضررين من استمرار إغلاق المعبر، «فهناك من يتوقون لمغادرة القطاع وآخرون ينتظرون اللحظة التي يعودون فيها لملاقاة عوائلهم وأحبائهم».

المصدر : الحياة 

زر الذهاب إلى الأعلى