منوعات

“إني مسيحيٌّ أُجِـلُّ محمداً”.. 14 شاعراً مسيحياً مدحوا النبي

“إني مسيحيٌّ أجـلُّ محمداً”.. لم يكن شطراً من بيت شعري متفرد، يصوغه جاك شماس الشاعر العربي المسيحي في مدح النبي محمد (خاتم المرسلين)، وإنما امتداد لأكثر من 14 حالة شعرية مماثلة في العصر الحديث.

وثمة دراسة أدبية رصدت عام 2012، في مجلة الأزهر الحكومية، كما يقول صاحبها خالد فهمي، أستاذ النقد والأدب بجامعة المنوفية (بدلتا النيل/ شمالي مصر)، قصائد المديح النبوية وقيمتها الحضارية خلال العصر الحديث، وانتهت إلى أن ثمة تطويراً وتجديداً شهدته قصيدة المديح النبوي مع دخول شعراء مسيحيين لهذا المضمار.

وأوضح فهمي مضمون هذا التجديد، في حديث لـ”الأناضول” قائلاً: “خرجت قصيدة مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من مديح إيماني مغلق يختص بالمسلمين، إلى آفاق رمزية عالمية برع فيها شعراء مسيحيون اعتبروا سيدنا محمداً مصلحاً وقائداً، ورمزاً عالمياً”.

وهو الرأي الذي اتفق معه خالد جودة، أحد الباحثين في تاريخ المدائح النبوية، قائلاً: “قمت ببحث في عام 2004، عن المدائح والسمات النبوية في مجموعة من القصائد في القديم والحديث، ووضح لي أن العصر الحديث خرج بالمديح النبوي من كونه ينصب على مدح النبي (صلى الله عليه وسلم) بتعداد صفاته الخلقية والخلقية، وإظهار الشوق له ولمبادئه، والصلاة عليه، تقديراً وتعظيماً، إلى البحث عنه كمنقذ لحل مشكلات العالم وطريق علاج لها”.

وحول دخول الشعراء المسيحيين إلى مجال المديح النبوي، قال جودة: “المسيحيون هم أبناء الحضارة العربية الإسلامية، وقالوا أشعارهم من هذا المنظور الحضاري”.

ورصد الفصل الأخير المعنون بـ”في عالم الجمال”، من كتاب: “مُحَمّد مُشْتَهَى الأُمَم”، للكاتب محمد القوصي، (صادر في 2010)، أكثر من 14 شاعراً مسيحياً، مدحوا رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام، مبيناً بحور الجمال التي سعى لها شعراء مسيحيون عرب عبر المديح النبوي.

وقال جاك شماس، أبرز الشعراء المسيحيين العرب، في مقابلة تلفزيونية عام 2012: “يستغرب البعض لماذا أتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟”، ثم عقب قائلاً: إنه “حديث من شغاف القلب لا يأخذ منحنى آخر سوى خدمة وطني وعروبتي”.

وخلال المقابلة التلفزيونية، لم يتوقف شماس عند مدح النبي محمد خاتم المرسلين، بل قدم شماس شعراً يمدح فيه الشيخ أحمد ياسين زعيم حركة “حماس” الذي اغتالته إسرائيل، عام 2004، وحين سئل: ألا تخاف أن تتهم بالإرهاب؟ قال: “إذا كان دفاعي عن وطني إرهاباً فأنا إرهابي”، مشيراً إلى أن مفهوم الإرهاب “يضيق ويتسع كما تريد أمريكا والغرب”.

وفي رصد ظاهرة مدح شعراء مسيحيين للنبي، تبين الآتي:

1- من مولد النبي محمد أبحر إبداع شعراء مسيحيين عرب، وهذا الشاعر اللبناني إلياس فرحات (1893- 1976) يصرخ في مدحه للرسول من واقع الأمة العربية قائلاً:

يا رسول الله إنا أمة … زجها التضليل في أعمق هوّة

ذلك الجهل الذي حاربتَه … لم يزل يُظهر للشرق عتوّه

2- وفي قطار الوصف، انتقل الشاعر السوري إلياس قنصل (1914-1981) من محطة لأخرى يظهر صفات محمد قائلاً:

يقابل بالصبر الجميل ضَغائناً … تمادى بها وغد يسب ويثلب

ويعفو عن الأسرى وكان وعيدهم …. بما في نواياهم من الثأر يلهب

إذا جاءه الملهوف فهو له أخ … وإن جاءه المحروم فهو له أب

صفات نبي أحسن الله خلقه … نفوس الورى من رفدها تتهذب

3- وذاب الشاعر السوري جاك شماس الذي ولد عام 1947، بشعره مدحاً في محمد قائلاً:

إني مسيحي أُجِل محمدا … وأُجِلّ ضاداً مهده الإسلام

وأجل أصحاب الرسول وأهله … حيث الصحابة صفوة ومقام

أودعت روحي في هيام محمد … دانت له الأعراب والأعجام

ولا يمانع شماس، ذلك الشاعر المولع بحب النبي، أن يكرر هذا المدح الشعري ويجهر به قائلاً:

يممت طه المرسل الروحاني … ويجل طه الشاعر النصراني

يا خاتم الرسل الموشح بالهدى … ورسول نبل شامخ البنيان

مهما أساء الغرب في إيلامه … لم يرق هون للنبي الباني

4- ولم يكن الشاعر السوري جورج سلستي (1909 – 1968) بعيداً عن سباق المدح النبوي في قصيدته التي نشرت له في الكويت سنة 1964 تحت عنوان “نجوى الرسول الأعظم”، قائلاً:

يا سيدي يا رسول الله معذرة … إذا كبا فيك تبياني وتعبيري

ماذا أوفيك من حق وتكرمة … وأنت تعلو على ظني وتقديري

5- وناظراً لواقع الأمة العربية، جدد الشاعر السوري جورج صيدح (1893 – 1978) نداءاته لمحمد صلى الله عليه وسلم، طالباً مدداً ينقذ الأمة، حيث قال:

يا صاحبي بأيّ آلاء النبي تكذبان؟

يا من سريت على البراق وجزت أشواط العنان

آن الأوان لأن تجدد ليلة المعراج آن

6- وعلى حوض المنهل المحمدي، يقف الشاعر اللبناني حليم دموس (1888- 1957) واصفاً محمداً قائلاً:

أمحمد والمجد بعض صفاته … مجدت في تعليمك الأديانا

إنّي مسيحي أحبّ محمدا … وأراه في فلك العلا عنوانا

7- وعبر قصيدة “عيد البرية” ينطق الشاعر اللبناني رشيد سليم الخوري، بمديحه في محمد، جامعاً فيه العالم وشمسه وأنوراه والتمدن:

عيد البرية عيد المولد النبوي .. في المشرقين له وفي المغربين دوي

عيد النبي ابن عبد الله من طلعت … شمس الهداية من قرآنه العلوي

بدا من القفر نوراً للورى وهدى … يا للتمدن عم الكون من بدوي

8- ولا يتخلف الشاعر السوري عبد الله يوركي حلاق (1911-1996)، عن الحضور في ديوان المديح النبوي، بقصيدته النونية التي اشتهرت وألقاها بدمشق في سبتمبر/أيلول 1961:

إني مسيحي أجل محمداً … وأراه في سفر العلا عنوانا

وأطأطئ الرأس الرفيع الذكر من … صاغ الحديث وعلم القرآنا

9- أما اللبناني شبلي شميل (1853 – 1917)، الذي عرف بأنه من الفلاسفة، فقد وقف على باب النبي محمد مادحاً عظمته وإيمانه بفصاحة القرآن حتى ولو كان مسيحياً لا يدين بالإسلام، فيقول:

إنّي وإن أك قد كفرت بدينه …. هل أكفرن بمحكم الآيات؟

نعم المدبر والحكيم وإنه … رب الفصاحة مصطفى الكلمات

10- وفي قصيدة “عرب الحجاز تحية وسلام”، يعلن بوضوح الشاعر اللبناني محبوب الخوري الشرتوني (1885- 1931)، حبه لمحمد الذي وصفه بأنه إمام العرب بقوله:

قالوا تحب العرب قلت أحبهم … يقضي الجوار عليّ والأرحام

قالوا لقد بخلوا عليك، أجبتهم … أهلي وإن بخلوا عليّ كرام

قالوا الديانة، قلت جيل زائل … ويزول معه حزازة وخصام

ومحمد بطل البرية كلها … هو للأعارب أجمعين إمام

11- وإلى موطن الرومانسية، لجأ الشاعر السوري وصفي قرنفلي (1911 – 1978)، لتبرير حبه المسيحي لنبي الإسلام محمد، ويمجده فيه، واصفاً إياه بمنقذ الشرق، قائلاً:

قد يقولون: شاعر نصراني ….. يرسل الحب في كذب البيان

يتغنى هوى الرسول ويهذي …. بانبثاق الهدى من القرآن

كذبوا والرسول لم يجر يوما … بخلاف الذي أكن لساني

أوليس الرسول منقذ هذا الشر … ق من ظلمة الهوى والهوان

أفكنا لولا الرسول سوى العبدان ….. بئست معيشة العبدان

12- ومعتبراً نفسه من أتباعه، يخطو الشاعر السوري المسيحي نصر سمعان (1905 – 1967)، خطواته في مدح محمد في عيد المولد النبوي عام 1936، قائلاً:

لا تسل عن محمدٍ واغبط الدنـيا .. فأغلى كنوزها أوضاعه

شهد الله أننا في سبيل .. الـحق والمجد كلنا أتباعه

سيد المرسلين قم وتأمل .. كيف نامت عن العرين سباعه

13- ومخاطباً “محمداً” يبدع الأديب السوري حسني رشيد جرجيس غراب (1899 – 1950)، في وصف النبي الأعظم وصفاته قائلاً:

شعلة الحق لم تزل يا محمد منذ أضرمت نارها تتوقد

جئت والناس في ضلالٍ وغي ومن الهدى في يديك مهند

فإذا الأرض غير ما كنت تلقى وإذا الناس غير ما كنت تعهد

وكما كنت كان عيسى على الباطل والتابعين سيفاً مجرد

لم ير الكون فادياً مثل عيسى لا ولا ضمّ هادياً كمحمد

14- وتقدم المسيحي السوري ميخائيل خير الله ويردي (1868 – 1945) على باب المديح، معارضاً قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي “نهج البُردة” الشهيرة في مدح محمد صلى الله عليه وسلم.

ويعدّ “ميخائيل ويردي” أول مسيحي ينظم قصيدةً في “نهج البُردة” على الإطلاق، بحسب الأديب محمد عبد الشافي القوصي في كتابه الجديد “نهج البردة للشاعر المسيحي ميخائيل ويردي”، الصادر عن دار الفضيلة في القاهرة.

ومتميزاً في وصف النبي محمد، يقول ميخائيل في مديحه:

أنوار هادي الورى في كعبة الحرم فاضت على ذكر جيرانٍ بذي سلم

يا أيّها المصطفى الميمون طالعه قد أطلع الله منك النور للظّلم

صلى الإله على ذكراك ممتدحاً حتى تؤمّ صلاة البعث بالأمم

الخليج – وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى