ناقشت حلقة “تحت المواطنة” دور المسيحيين في سوريا قبل وبعد الاستقلال وصولاً إلى مجريات الثورة السورية، إضافة للطريقة التي تعامل بها نظام الأسد مع المسيحيين ومحاولته الاستفادة منهم.
واستضافت الحلقة كلاً من الباحث السوري عبد المسيح الشامي، والباحث والإعلامي السوري أسامة آغي، والسياسية السورية الدكتورة سميرة مبيض.
وقال “الشامي” إن المسيحين مكونٌ أساسي في سوريا، وكان على الدوام جزء لا يتجزأ من التحركات والتحولات التي جرت للبلاد، فكان لهم نشاط سياسي وثقافي وفني واجتماعي في كل الظروف والحالات، مشيراً إلى أنهم عاشوا المواطنة بشكل كامل في الماضي وخاصة بعد موجات التحرر الأخيرة وقاموا بدور أساسي في تحرير البلد من كافة أنواع الاستعمار التي توالت على سوريا، مؤكداً أن سوريا تتميز عن جميع دول الشرق الأوسط، لأن المسيحيين كانوا متعايشين بشكل ملحوظ مع بقية السوريين، لكن ومنذ 4 عقود أصبح هناك “فرز طائفي”.
وأضاف الشامي أن المسؤولية في الفرز الطائفي سببها النظام السياسي، مشيرا إلى أنه في الثمانينات عندما فتحت السفارات الأجنبية لمسيحيي الجزيرة لم يكن هناك موقف واضح من النظام تجاه الهجرات التي استنزفت لا يقل عن 50 بالمئة من المسيحيين في سوريا، وأضاف أنه “وبعد الحرب بسوريا أصبحت هناك مواقف متطرفة وعمليات تهجير قسري للمسيحيين من مناطق مختلفة وقتل متعمد من قبل فئات متطرفة من قبل جهات مدسوسة من الخارج”.
ولفت الشامي إلى أن عدد المسيحيين في سوريا قبل 50 عاماً تراجع بما يقارب 70 بالمئة، لأنهم هاجروا إضافة إلى أن النظام تاجر في قضية الأقليات كلها وليس المسيحيين فقط، بل حتى العلويين، مشيرا إلى أن النظام قدم نفسه على أنه حامي للأقليات، لكن عندما جاءت الحرب أعطى أسباب التحريض والمبررات لكن من يريد الفتنة الطائفية.
وتابع الشامي أن هناك “سوء فهم ولغطاً في العلاقة بين المسيحيين في سوريا مع نظام الأسد، مشيرا إلى أننا لا نستطيع القول إن النظام هو الذي أباد المسيحيين، لكنه حولهم إلى هدف مشروع لكل المتطرفين من خلال التحريض وعمليات فرز الأقليات”.
وحول ما يشاع عن حماية الروس للمسيحيين قال الشامي إن “الدور الروسي حُمِّل أكثر مما يحمل، فالمشروع الروسي لا يحمل أي بعد طائفي، ومناطق الوجود الروسي مجملها ليست مسيحية، والجيش الروسي لم يقدم للمسيحيين مثل ما قدم لغيرهم حتى للشيعة”.
وأجرت الحلقة استطلاعاً للرأي بين السوريين في داخل سوريا وخارجها حول دور المسيحيين وعلاقتهم مع باقي الطوائف، ورأى الأكثرية أن علاقة المسيحيين مع باقي الطوائف علاقة جيدة وودية وأن المسيحيين لا يتدخلون فيما يخص بقية الطوائف ومندمجين بشكل كبير في المجتمع السوري، في حين رأى آخرون أن المسيحيين بعد الثورة أخذوا دور المحايد.
من ناحيته.. قال الباحث السوري “أسامة آغي” ، إن هناك طوائف كثيرة من المسيحيين في سوريا، وفي سوريا توجد كنائس عدة، منها للطائفة الأكبر وهي الروم الأرثذوكس وعددهم في إحصائية عام 2000 كان يقدر بـ قرابة 545 ألفاً، ويليهم الأرمن الأرثذوكس بـ 342 ألفاً، ثم الروم الكاثوليك بـ 80 ألفاً، مضيفاً ان المسيحيين في أيام العثمانيين لم تتدخل السلطنة العثمانية بحياتهم، بل كانت الكنيسة هي صاحبة الكلمة على المسيحيين.
ورفض آغي ما ذكره ضيف الحلقة “عبد المسيح الشامي” بأن الدور الروسي لا يحمل بعداً دينياً، قائلاً إذا كان كما يقول الشامي فماذا يفعل البابا في قاعدة حميميم؟ ! ، مضيفاً أن سوريا لا تخلو من الكنائس ولا تحتاج لبوتين ولا لروسيا، وأن رهان روسيا على المسيحيين رهان خاسر.
وأضاف آغي أن “شماعة حماية الأقليات شماعة تافهة ولا قيمة لها أمام إحساس المكونات الأساسية السورية بضرورة التقاطع في مربع الوطنية”، مشيرًا إلى أنه من مدينة دير الزور وعاش في حي مسيحي، وترعرع بين السوريين في دير الزور وكان يذهب إلى الكنيسة ولم يشعر أبداً بوجود مشكلة أو قضية، مشيرا إلى أن مدينة دير الزور بيها 5 آلاف مسيحي ولهم نحو 6 كنائس.
ولفت آغي إلى أن هناك الكثير من الشخصيات المسيحية التي برزت في الثورة السورية، مثل ميشيل كيلو وجورج صبرا وهند قبوات وغيرهم الكثير من المسيحيين الذين انضموا للثورة السورية وضرورة التغيير من دولة الاستبداد إلى الديمقراطية.
من جانبها.. قالت الدكتورة “سميرة مبيض” إن الثورة السورية ثورة شعبية لم تحمل طابعاً دينياً، وكانت تبحث عن كرامة الإنسان السوري التي تم انتهاكها طيلة عقود من قبل نظامٍ قمعي شمولي، مضيفة أن مواقف المسيحين السوريين في بداية الثورة كانت حيادية بمعظمها، بسبب عدم وجود وضوح في الرؤية وبسبب ما عمل عليه النظام طيلة عقود من تكسير الروابط المجتمعية وبث التفرقة بين مكونات المجتمع السوري.
وأضافت مبيض أن المسيحيين كانوا ينتظرون اتضاح الرؤية، لكن كان لدى كثير من الشخصيات المسيحية رفض لاستخدام ورقة الأقليات من قبل النظام السوري بوجه الحراك الشعبي.
315