ناقشت حلقة “تحت المواطنة” دور الدستور السوري في بناء دولة المواطنة التي يطمح إليها السوريون، في وقت تعقد فيه اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف والتي تعمل على الوصول لكتابة دستور جديد للبلاد التي خرجت بها ثورة الحرية والكرامة في 2011 وشهدت تدخلات دولية أدت لتعقيد المشهد دون أفق واضح للحل.
واستضافت الحلقة كلاً من الدكتورة رغداء زيدان عضو اللجنة المصغرة عن “المجتمع المدني” في اللجنة الدستورية، إضافة إلى الكاتب الصحفي أحمد مظهر سعدو من تركيا .
وقالت الدكتورة رغداء زيدان إن الدستور يُنظر إليه على أنه وثيقة تترجم العقد الاجتماعي في الدولة وتنظيم علاقة الأفراد مع نظام الحكم في دولتهم، وتنظيم عمل مؤسسات الدولة، وتبين حقوق وواجبات المواطنين والأفراد داخل الدولة، مضيفة : “من هنا نستشف أهمية الدستور، الدول الحديثة قامت على إيجاد مثل هذه الوثيقة من أجل أن تأخذ الدولة دورها الحديث القادر على القيام بوظائفها”.
وأضافت زيدان أنه “وفي التاريخ السوري لم تكن هناك فرصة لبناء مفهوم المواطنة، وذلك بسبب ظروف تشكيل الدولة السورية الحديثة التي تدخل الاستعمار في تشكيلها، ومن جهة أخرى فإن تسلط نظام الأسد الاستبدادي على البلاد طوال عقود أفقد السوريين ما يلزم من أجل بناء تراكم معرفي وسلوكي يستطيع الانتقال بهم إلى دولة مواطنة حقيقية”.
وأكدت زيدان أن نظام الأسد لم يكن فقط يعمل على قتل المجتمع المدني، وإنما على التضييق عليه من خلال بث المناطقية والطائفية وبث الفساد والمحسوبيات، ما جعل السوريين لا يلتفتون إلى الانتماء الوطني، بل كانت هناك انتماءات ضيقة سواء للطائفة أو المصلحة أو الأهل والقبيلة والمنطقة، وبالتالي النظام أضعف المجتمع المدني والمواطنة.
وشددت على أن تحقيق دولة المواطنة يتم بإزاحة استبداد النظام والعمل على عدم عودته إلى سوريا مرة أخرى، وترسيخ القيم الجامعة للسوريين، والتي تمثل إرادتهم بالعيش المشترك.
وأجرت الحلقة استطلاعاً للرأي حول إمكانية الوصول إلى دولة المواطنة في سوريا، ورأى الجميع أنه بوجود نظام الأسد لا يمكن تحقيق دولة المواطنة، وبإزالة النظام بشكل كامل تكمن بداية الحل، ويتم تشكيل حكومة ديمقراطية وتشكيل جيش حامٍ للحدود وللشعب وليس عن النظام.
ومن جانبه.. قال الكاتب الصحفي أحمد مظهر سعدو إن الدستور مسألة ضرورية، ويتم من خلال توافق معظم شرائح المجتمع وهي مسألة مفقودة في سوريا، مشيرا إلى أن الدستور خطوة باتجاه الانتقال السياسي لكنها غير كافية.
وشدد سعدو على أن “المشكلة الأساسية في سوريا ليست في الدستور، لكن الأهم هو دور الدولة الأمنية العصابة التي هي تلغي الدستور والقانون وكل شيء في المجتمع، وتلغي المجتمع المدني” مضيفاً أن سوريا فيها “سلطة أمنية” تصادر كل شيء وبالتالي وجود قانون ودستور لا يكفي إن لم يكن هناك من يحميه ويتوافق عليه، ولا يوجد بسوريا من يحمي الدستور.
وعبر سعدو عن عدم تفاؤله بوصول اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف إلى نتيجة، وذلك لأن المجتمع الدولي غير متفاعل مع القضية السورية حسب رأيه.
ولفت إلى أنه يمكن للسوريين كتابة الدستور فيما لو اقتنعوا أنهم ذاهبون تجاه عملية انتقال سياسي حقيقية، مضيفاً أن وفد النظام الذي يأتي من دمشق يسمي نفسه بـ “الوفد الوطني” وكأن الآخرين غير وطنيين، وذلك كي لا يلتزم بما ينتج عن اللجنة الدستورية فيما لو أنتجت دستوراً جديدا لأنه سيقول حينها إن الوفد لا يمثلنا، كما إن النظام يريد أن يقول إن “الوفد وطني” جاء من دمشق وأما الآخرين فمدعومون من جهات أخرى، أي أن النظام لا يعترف بوجود معارضة وآخرين سواه.