في العمق

هل سيتأثر نفوذ إيران في سورية بحزمة العقوبات الأمريكية الجديدة؟

بحثت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، حزمة العقوبات الأمريكية الجديدة، ضد طهران، وانعكاساتها المتوقعة، على النفوذ الإيراني الواسع في سورية.فبعد حزمة العقوبات الأمريكية بحق إيران، والتي دخلت حيز التنفيذ في أب/أغسطس الماضي، دخلت حزمة العقوبات الجديدة، والتي وُصِفت بأنها الأشد من نوعها، حيز التنفيذ، يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وقد وُصِفت حزمة العقوبات الجديدة على طهران، أنها الأشد من نوعها، على اعتبارها تستهدف القطاعات المالية والنفطية في الاقتصاد الإيراني، إذ تشمل شركات تشغيل الموانئ وقطاعات الشحن، وشركات النفط الإيرانية الوطنية، والمعاملات المتعلقة بالبترول، بما في ذلك شراء المنتجات النفطية والبتروكيماوية من إيران. كما تستهدف العقوبات الجديدة، المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني.

وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد قال في مقابلة مع قناةٍ أمريكية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن وزارة الخزانة الأمريكية، ستضيف أكثر من 600 شخص وشركة في إيران إلى قائمة العقوبات، معتبراً أن هذه العقوبات، سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني.

واستهدفت حزمة العقوبات الأمريكية الأولى في أغسطس/أب الماضي، والتي أعقبت إعلان الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، القطاع المصرفي وقطاع السيارات في إيران، وكذلك شملت قطاعات بيع وشراء الحديد والألمنيوم والصلب، وسحب تراخيص صفقات الطيران التجاري، وفرض عقوباتٍ تضر بالدرجة الأولى بالقطاع الصناعي في إيران.

ويعتبر محللون ومتابعون، أن من شأن هذه العقوبات، أن تؤثر على النفوذ الإيراني في سورية، لكون الاقتصاد الإيراني قد لا يكون قادراً على تحمل تبعات صرف المزيد من الأموال على هذا النفوذ، فيما يرى آخرون، أن النفوذ الإيراني في سورية، قد لا يتأثر كثيراً في هذه العقوبات، لكونه يتجاوز العسكري الى ما هو أعمق من ذلك، داخل الحكومة والمجتمع ومختلف القطاعات في سورية.

وأجرى مراسلو “وطن اف ام” استطلاعاً للرأي، تم بثه خلال الحلقة، حيث سألوا عدداً من السوريين والسوريات:”هل تعتقد/ين أن حزمة العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران، والتي دخلت حيز التنفيذ في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، ستؤثر على النفوذ الإيراني في سورية؟ أم أن هذا النفوذ الإيراني قد يمضي دون أي تأثير كبير”، لتأتي معظم الإجابات، بأن حزمة العقوبات الأمريكية ضد طهران، ستشكل ضغطاً على حكومة طهران، لكن النفوذ الإيراني في سورية، لن يتأثر كثيراً بها، بينما اعتبر البعض أن هذا النفوذ سيتقلص نتيجة تكاليفه الاقتصادية.

واعتبر ضيف الحلقة، الذي شغل بالسابق، عضوية الأمانة المركزية في “المجلس الوطني السوري”، الدكتور عبد الرحمن الحاج، وهو مؤلف كتاب “البعث الشيعي في سورية”، أن هذه العقوبات الأمريكية ضد طهران “تأتي كبديل للتدخل العسكري، أو التعامل مع الوجود والنفوذ الإيراني في المنطقة بالقوة، وهي شكل من أشكال القوة الناعمة، للحد من نفوذ إيران.التأثير أو الفكرة الأساسية خلف هذه العقوبات كما يبدو، هو إضعاف إيران في الداخل، وهو ما سيؤدي بدوره لتغيير سلوكها في الخارج”، مشيراً إلى أن هذه العقوبات “أدت وستؤدي لتأثيرات، لكن دول مثل إيران، تُعتبر قادرةً على البقاء فترة طويلة، ليست بسبب إمكانياتها الذاتية الكافية، بل لأنها دول تحمل مشروع إيديولوجي، أي أنها دول في صميمها يوجد مفهوم المواجهة أو المجابهة.. ولنقل المُصطلح المُستخدم أيضاً أي المقاومة”.

وقال الباحث السوري، أن هذه العقوبات “قد تضعف علاقة الدولة بالمجتمع الإيراني، وقد يكون لها أثر كبير على المجال الاقتصادي، لكن أيضاً إيران عندها بدائل كثيرة، و التوازنات الإقليمية تلعب دور في الحد من تأثير هذه العقوبات، وقد رأينا استثناء (أمريكي) لبعض الدول، عددها ثمانية من العقوبات الخاصة بالبترول”.

وحول مدى تأثر النفوذ الإيراني في سورية، بالعقوبات الأمريكية الجديدة، استبعد ضيف حلقة اليوم، أن تؤدي العقوبات الأمريكية على طهران، لـ”تأثير عميق”، معتبراً أنه “ربما يتم تقليص قدرة إيران على الإنفاق على الموالين، والميليشيات التابعة لها، في سورية، لكن مع ذلك وعلى اعتبار أن إيران ترى سورية، درة التاج الذي تستطيع من خلاله التمدد نحو المتوسط، وأيضاً تضغط على الدول العربية، وتبتزهم جميعاً، فأعتقد أن طهران ستتجنب أن يكون لهذه العقوبات تداعيات على وجودها في دمشق، وسورية عموماً”.

متابعاً بأن “الدخول الإيراني في سورية، لا يقتصر على النفوذ العسكري أو السياسي، فإيران بدأت منذ فترة ليست بالقليلة للدخول الى المجتمع السوري.. والإيرانيون (أو الموالون لإيران في سورية) تغلغلوا داخل المؤسسات التي تتحكم في الحاجات اليومية للناس، ودخلوا في العمق أكثر من خلال القطاعات الحيوية مثل الطاقة والبترول والاتصالات، وأيضاً في وزارات التربية والتعليم”، معتبراً أن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران، “لن ترهق الإيرانيين (في سورية) من حيث استمرار وجودهم”.

واعتبر الحاج، أنه “ما زال بالإمكان إخراج إيران من سورية، لكن الآليات الموجودة اليوم، ليست فعالة. فحتى لو كان هناك ضغط اقتصادي على إيراني، وحتى لو كان هناك ضغط داخلي، فإن إيران لن تتخلى عن سورية، وبالتالي سوف تبذل مزيد من الجهد، من أجل الحفاظ على درجة تأثيرها وربما زيادة هذا التأثير”.
وتناول الحوار أيضاً، محاور عديدة، أبرزها، حول ما إذا كانت هذه العقوبات، تخدم أم لا، مصلحة روسيا، في سورية، وكذلك الرسائل الإيرانية التي تُفهم من زيارة الممثل الخاص لـ”المرشد الأعلى” في إيران، علي خامنئي إلى جنوب سورية، وهو أبو الفضل الطبطبائي، الذي زار درعا، أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويمكنكم الاستماع إلى التسجيل الكامل للحلقة عبر الضغط على الرابط التالي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى