مقالات

أحمد العقدة .. من هو المتضرر الأكبر من عام 2014 ؟

يوشكُ عام 2014 على الرحيل اذاً .. في مثل هذه الايام من كل عام تنشغلُ وسائل الاعلام الكبرى العربية منها والعالميةباعداد حصاد العام في مختلف المجالات “السياسية والفنية والاقتصادية والاعلامية و الاجتماعية والانسانية” وغيرها. ومنُذ مطلع الشهر الحالي “كانون الاول/ديسمير” بدأت المنظمات المعنية في تلك المجالات اصدار تقاريرها عن محصلة العام.

منظمة مراسلون بلا حدود، على سبيل المثال؛ وصفت العام 2014 بأنه عام الهجمات الوحشية ضد الصحفيين. و قالت المنظمة في تقرير لها عن العام 2014 أن الهجمات ضد الصحافيين ازدادت وحشية في العام الحالي، مشيرة الى أن عدد الصحافيين المختطفين في سوريا زاد بنسبة كبيرة عن العام الماضي، حيث تحول هذا البلد الى اخطر منطقة على الصحافيين في العالم للعام الثاني على التوالي. وفق تقرير المنظمة.

قبل هذا التقرير أصدرت مجلة “لايف واير” الأمريكية قائمة أخطر المدن في العالم لعام 2014، لتأتي حلب السورية في المرتبة الاولى، بعد عقود على تصدر مدن في أمريكا اللاتينية للقائمة. وقالت المجلة أنها أخذت بعين الاعتبار عوامل اضافية لاختيار المدن الخطيرة، منها معدلات الجريمة العنيفة و الاضطرابات السياسية و الاقتصادية المحتملة.

أما اللاجئون السوريون فقد تضاعفت أعدادهم مرات عدة خلال العام 2014 في بيانات المنظمات المعنية، وهو ما دعا “برنامج الأغذية العالمي” لاطلاق حملة تبرّعات على شبكات التواصل الاجتماعي لجمع مبلغ 64 مليون دولار لاستئناف المساعدة الغذائية بأسرع وقت ممكن لـ 1.7 مليون لاجئ سوري. بعد ان اعلنت المنظمة الأممية توقف خدماتها و تعليق برنامجها للمساعدات الغذائية التي تتم بواسطة قسائم شراء لمئات آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ظروف بائسة في الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر.

منظمة اليونسيف هي الأخرى أصدرت تقريرها منتصف شهر كانون الأول ديسمبر الجاري وحذرت فيه من خطورة العام القادم 2015 على الأطفال اللاجئين السوريين،وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، إنها تحتاج إلى 903 ملايين دولار “كحد أدنى” لتوفر الرعاية لملايين الاطفال السوريين المتأثرين بالنزاع الدائر في بلدهم. ودعت المنظمة العالم لتوفير “903 مليون دولار تمثل الحد الأدنى الذي يتوقعه الأطفال المتأثرون بالنزاع من اليونيسف والمجتمع الدولي ككل”. وأوضحت أن خططها لعام 2015 تشمل “مضاعفة أعداد الأطفال الذين يستطيعون الوصول للمياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي، ومضاعفة أعداد من يستطيعون الحصول على التعلم خاصة في سوريا والأردن وتوسيع توفير مواد التعلم للأطفال الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها في سوريا بسبب النزاع”. وأضافت أنها ستحافظ على “حملات التلقيح القائمة بهدف منع ظهور حالات أخرى من مرض شلل الأطفال ومضاعفة أعداد الأطفال الذين يستفيدون من استشارت الرعاية الصحية الأولية في سوريا”.

أما أرقام الضحايا والمعتقلين والجرحى وأصحاب المصير المجهول من السوريين فحدّث ولا حرج، ففي الوقت الذي تختلف فيه الارقام بين مرصد احصائي وآخر إلا أن القاسم المشترك الوحيد بينها جميعاً أن هؤلاء بلغوا مئات الآلاف، وتوشكُ أن تبلغ الارقام الملايين.

لاشك أن سوريا والشعب السوري هم المتضرر الأكبر من العام 2014. غير أنّ متضرراً آخراً بدأ يطلُّ بقوة من خلف الكواليس كانعكاس لكل مايجري على الأرض السورية، ألا وهو “الاسلام”.

وبالتزامن مع الانتهاكات التي كانت تتم على الاراضي السورية بحق السوريين والصحفيين من قبل التنظيمات الارهابية وأبرزها “داعش”، كانت ترتفع في الوقت ذاته مؤشرات “الاسلاموفوبيا” في اوروبا ودول العالم، فمؤخرا شارك آلاف الألمان في مظاهرة أسبوعية جديدة في مدينة “دريسدن” ضد “أسلمة” البلاد، نظمتها حركة “بيغيدا”، وسط تزايد لنشاط اليمين المتطرف. وتعد هذه التظاهرة التاسعة التي تجري في المدينة في ما يسمى بـ”تظاهرات الاثنين” التي تنظمها جماعة “أوروبيون وطنيون ضد مايصفونه بـ “أسلمة الغرب”.

وهتف المتظاهرون “نحن الشعب” وهي العبارة التي هتف بها المتظاهرون المنادون بالديموقراطية في ألمانيا الشرقية قبل ربع قرن في هذه المدينة قبل سقوط جدار برلين، وفقا لتقرير بثه موقع “دوتشيه فيله” الألماني. كما أبدت الحكومة الألمانية مخاوفها من تصاعد الكراهية بحق المسلمين في البلد الذي يعتبر الأكثر احتراماً للمهاجرين وحقوقهم.

وتناقلت مختلف وسائل الإعلام العالمية مؤخرا مظاهرات في مدن أوروبية تندد بالانتشار السريع للإسلام وتطالب برحيل المسلمين، لأنهم يشكلون خطرا على أمن وسلامة المواطنين الأوروبيين، بحسب قولهم. هذه التظاهرات بطبيعة الحال سبقتها مواقف سياسية من قبل الدول الأوروبية نفسها، سواء تعلق الأمر ببناء المساجد أو منع النقاب.

كما ظهرت مواقف معادية للإسلام من قبل أحزاب سياسية وسياسيين، بالتزامن مع التحركات المناهضة للإسلام في السنوات الأخيرة، التي تبدأ عادة برفض بناء المساجد ثم تتطور إلى مقاومة، فإكراه، وصولًا إلى أعمال العنف والصدامات. والاعتداء على الأفراد وحرق متعمد للمساجد.

أحمد العقدة – وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى