وافق وزراء مال دول مجموعة اليورو (يوروغروب) على خطة مساعدة ثالثة لليونان بقيمة 86 بليون يورو، ستؤمن دعماً مالياً تحتاج إليه أثينا، بشرط أن تليها إجراءات لتسوية مشكلة الدَيْن. ورحب رئيس المجموعة يروين ديسلبلوم بالاتفاق الذي «سيسمح للاقتصاد اليوناني بالعودة إلى طريق النمو الدائم، في حال احترمت أثينا المراحل» المقررة لتطبيق الإصلاحات وإجراءات الموازنة المطلوبة منها.
وخرج وزراء مال منطقة اليورو بالموافقة على هذه الخطة إثر اجتماع عقدوه في بروكسيل تخللته مناقشات استمرت ست ساعات، بعدما أقرّ البرلمان اليوناني صباح أول من أمس النص الذي توصلت إليه اليونان والمؤسسات المالية الدائنة أي الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي والآلية الأوروبية للاستقرار وصندوق النقد الدولي.
ورأى وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، أن «عدم الاستفادة من هذه الفرصة سينم عن عدم مسؤولية كبيرة»، واصفاً يوم المناقشات بـ «الجيد» على رغم تحفظاته الأولى.
واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن الوصول إلى الاتفاق والموافقة عليه هو «نتيجة ما حققته اليونان التي بذلت الجهود المنتظرة، ودليل على قدرة أوروبا للتقدم على أساس مبدأي التضامن والمسؤولية».
وأوضحت مجموعة اليورو في بيان، أن «قيمة الشريحة الأولى من هذا البرنامج تبلغ 26 بليون يورو، مقسمة على دفعات، الأولى فورية وقيمتها 10 بلايين يورو، تودع في حساب منفصل لإعادة رسملة المصارف اليونانية، والدفعة الثانية من هذه الشريحة وقيمتها 16 بليون يورو ستسدد على مرحلتين أيضاً، الأولى قيمتها 13 بليون يورو ستحصل عليها أثينا بحلول 20 آب (أغسطس) الحالي. كما يمكن أن تحصل اليونان على المبلغ المتبقي وهو 3 بلايين يورو دفعة واحدة أو أكثر في الخريف المقبل، ووفقاً لوتيرة تطبيق الحكومة اليونانية الإصلاحات التي وعدت بتنفيذها».
ومع إقرار هذا الاتفاق، لم تعد أثينا تحتاج إلى الحصول على قرض مرحلي كي تتمكن من تسديد قرض بقيمة 3.4 بليون دولار يستحق للبنك المركزي الأوروبي في 20 من الشهر الجاري. لكن قبل تقديم هذه المساعدة يُفترض أن تقر برلمانات ألمانيا وهولندا والنمسا الاتفاق.
وأعلن رئيس مجلس النواب الألماني نوربرت لاميرت أمس، أن النواب الألمان «سيصوتون الأربعاء المقبل على هذه الخطة.
ودعي النواب البالغ عددهم 631 الذين يمضون عطلة حالياً إلى دورة استثنائية هي الثانية، بعد تلك التي عقدت في 17 تموز (يوليو) الماضي، ووافقوا فيها مبدئياً على الخطة».
وتبلغ قيمة الشريحة الثانية 15 بليون يورو تُخصص بالكامل لإعادة رسملة المصارف، وتُدفع عند الحاجة حتى 15 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وبذلك تصل قيمة المبلغ المخصص للمصارف اليونانية في خطة المساعدة إلى 25 بليون يورو.
وأوضح المفوض الأوروبي لليورو فالديس دومبروفسكيس، أن الاتفاق «أساسي لإزالة الشكوك المحيطة باليونان منذ ستة أشهر واستعادة الثقة». وأكد أن «المهم الآن هو التطبيق الكامل» للبرنامج.
وأمل وزير المال اليوناني اقليدس تساكالاتوس، في أن «ينجح اليونانيون في الاستفادة بأفضل ما يمكن من هذه الخطة ومن الإصلاحات ومن إمكانات الإصلاح».
واعتبر رئيس المفوضية الأوروبية جان- كلود يونكر في بيان، أن «الأشهر الستة الأخيرة كانت صعبة وامتحن خلالها صبر صناع القرارات السياسية والأكثر من ذلك صبر مواطنينا». وقال «سرنا معاً على شفا الهاوية، ويسعدني اليوم الإعلان أن جميع الأطراف احترموا تعهداتهم». وأكد أن «الرسالة من اجتماع مجموعة اليورو واضحة، على هذا الأساس اليونان عضو في منطقة اليورو وستبقى كذلك ولا رجعة».
ويتضمن بيان مجموعة اليورو نقاطاً تثير القلق طرحت خلال المناقشات خصوصاً من الجانب الألماني، ومن بينها مسألة صندوق التخصيص المقبل المفترض أن «يبدأ العمل بحلول نهاية السنة».
والنقطة الحساسة الثانية تتمثل في قدرة اليونان على تسديد الدَين، الذي سيرتفع بهذا القرض الجديد إلى مئتين في المئة من الناتج الداخلي اليوناني، ويعتبره صندوق النقد الدولي غير قابل للتسديد مهدداً بعدم المساهمة في تمويل القروض من دون إجراءات لخفضه.
وشدد البيان الختامي لـ «مجموعة اليورو»، على «إمكان ضمان تسديد الدَين اليوناني بفضل برامج إصلاحات تتمتع بالصدقية وإجراءات إضافية من دون شطب اسمي» للديون. ولفت ديسلبلوم إلى أن هذه الإجراءات ربما تشمل «تمديد مهل تسديد القرض»، مشيراً إلى أن «هذه القضية ستُناقش مجدداً في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل».
لكن هذا الالتزام لا يبدو كافياً في رأي صندوق النقد الدولي، إذ رحبت مديرته العامة كريستين لاغارد بالاتفاق على برنامج المساعدات الثالث لليونان، وأكدت مجدداً أن ديون اليونان «غير قابلة للتسديد» مطالبة الأوروبيين بمنحها إعفاءات «كبيرة».
ورحبت لاغارد في بيان بـ «الخطوة المهمة جداً» التي أوجدت اتفاقاً مبدئياً على خطة مساعدات ثالثة لأثينا. ورأت أن هذا الاتفاق يتطلب جهداً «حاسماً وصدقية السلطات اليونانية لاستعادة النمو المستدام والقوي».
وأعلنت أن اليونان «لا تمكنها معالجة مشكلة دَينها بمفردها»، لذا اعتبرت أن «على شركاء اليونان الأوروبيين تقديم التـزامـات ملموسـة لتخفـيـف عبء الديون الكبيرة التي تـــتــجاوز كثيــراً ما رأيناه».
المصدر : أ ف ب